تحليل سياسي للوضع في تركيا
قال عدد من المحللين السياسيين إنه، وبرغم فشل الانقلاب فى تركيا، إلا أن أسبابه مازالت باقية نظرًا لهيمنة الرئيس التركى، رجب طيب أردوغان، على النظام ومحاولاته تهميش معارضيه والتضييق على الديمقراطية، لافتين إلى أن قدرته على السيطرة قبل نجاح الانقلاب ترجع إلى توليفة صنعها فى تركيا قبل سنوات تضمن له ولاء الإعلام والشرطة وقادة الجيش.
واعتبر كمال حبيب، الخبير فى مجال الإسلام السياسيى، أن فشل الانقلاب يرجع إلى الغطاء الشعبى لـ«أردوغان»، فضلًا عن انحياز الشرطة والإعلام إليه، ورغبة الغالبية العظمى من معارضيه فى حياة ديمقراطية بعيدة عن حكم الجيش.
وقال: «إن الأتراك سواء مؤيدين لـ(أردوغان) أو معارضين له يعتبرون خيار الديمقراطية وجوديا ولا بديل عنه، لإقامة دولة كبرى متحضرة قادرة على إرساء حياة سياسية تسع الجميع، وهو الأمر الذى دفع أعداء النظام الحاكم لرفض نزول الجيش، وإعلانهم رفض الانقلاب خوفا من عودة الحياة إلى سابق عهدها»، وتابع: الإعلام من أكثر الأشياء التى استخدمها أردوغان لإفشال الانقلاب، حيث بدأ منذ أول لحظات نزول الجيش فى دعوة الشعب إلى الاحتشاد لرفض الإطاحة بالحاكم ونظامه، وأضاف: توليفة أردوغان التى غرسها منذ توليه قيادة تركيا قبل 13 عاما، تتمثل فى إعلام وشرطة، وأيضا قادة جيش، ولذلك هم أول من انحازوا له.
وعن أسباب فشل الانقلاب يرى حبيب أن الحركة نفسها خطط لها ضباط صغار فى الجيش، بالإضافة إلى ثقافة الشعب الذى نزل أمام الدبابات رافضا الأحداث، ووجود مؤسسات تنحاز إلى النظام عجلت بانتهاء الأمر لصالح النظام الحاكم.
وقال حبيب: بالرغم من فشل المحاولة إلا أن أسبابه مازالت باقية، حيث ميل حزب العدالة والتنمية التركى إلى أيديولولجية الإسلام السياسى، وما صاحب ذلك من مظاهر داخل وخارج تركيا، بالإضافة إلى تزايد الانتقادات الموجهة إلى تهميش المعارضين بل ومحاربتهم واعتبارهم كيانات موازية للدولة، كلها أمور تعمل على استمرار القلق، خاصة رغبات أردوغان فى تحويل النظام من برلمانى إلى رئاسى، وهو ما يلقى معارضات كبرى من السياسيين. وأضاف أحمد بان، الباحث فى شؤون الحركات الإسلامية، أن أردوغان كاد يدفع ثمناً باهظاً نتيجة طموحاته اللامتناهية، ولاحتضانه حركات الإسلام السياسى ودعمه الخفى، لتنظيم داعش الإرهابى، ما أسهم فى خلق حراك داخلى ضده انتهى بتحرك من الجيش الذى كان بمثابة ردة فعل للغضبة الأخيرة من تصرفاته. وأوضح: أردوغان سيستفيد من هذا الدرس جيداً، وقد يعيد علاقته بجملة الأسباب التى أسهمت فى حدوثه، والتى أوصلت الخلافات داخل بلاده إلى هذا الحد، فقد يقدم قريباً على إجراءات صعبة بخصوص العناصر الإخوانية المتواجدة هناك، والتى قد تضار مما حدث، فضلًا عن إعادة هندسة علاقاته مع تنظيم داعش الذى سبب له مشكلات كثيرة داخلياً وخارجياً.
وتابع: «هناك فارق كبير بين موقف جماعة الإخوان من 30 يونيو فى مصر، وتعامل الرئيس التركى مع محاولة الانقلاب ضده، مشيراً إلى أن طول فترة حكم حزب العدالة والتنمية فى تركيا مكن أردوغان من صناعة نفوذ قوى داخل مؤسسات الدولة، فعندما استغاث بالشرطة ورئاسة الأركان، والمخابرات، أسهمت هذه الجهات فى إجهاض محاولة الانقلاب ونهضت من أجل الرجل الذى جاء بها، فيما كان الوضع فى مصر مختلفا تماماً، حيث لم تستطع جماعة الإخوان تمكين نفوذها داخل مؤسسات الدولة.