تطور النقود (نظام المقايضة)
بقلم
الاستاذ محمد رضا
الحمد لله الذي أسبغ علينا نعمه ظاهرة وباطنة، وأصلى وأسلم على من أُرسل إلينا نبراسا وهدى.
وبعد:
فإن النقود هى محور حياتنا اليومية، ومطلب الآجل والحاضر، ولا يستغنى عنها عاقل أو جاهل، بل إن الدول ذاتها بحاجة إلى النقود أكثر من رعاياها، ومما لا شك فيه أن النقود التى بين أيدينا اليوم بشكلها المعروف، والتى أصبحت محلا للثقة بين جميع الطوائف، وباتت تتمتع بقوة إبراء غير محدودة، لم تكن اختراعا حديثا، أو اكتشافا نادرا، بل إن أصلها ينحدر من المجتمعات الأولى، فإن الإنسان بحاجة مستمرة إلى مافى أيدي الآخرين ولا يُسعفه فى ذلك سوى إيجاد وسيلة تحظى بقبول عام لتكون مقياسا للقيم ووسيطا للتبادل، لكن الإنسان البدائى لم يفطن إلى النقود ويتعرف عليها دفعة واحدة، بل إنه لجأ إلى وسيلة تتناسب مع عصره وظروفه، فأول مااهتدى إليه الإنسان هو نظام (المقايضة) والذى يعنى تبادل السلع والخدمات دون وساطة، أي بطريقة مباشرة، فكان يقوم الشخص الذى يريد الحصول على سلعة معينة بمبادلتها بسلعة أخرى، فإذا كان يمتلك قمح مثلا ويريد الحصول على أرز فإنه يبحث عن شخص لديه أرز وفى ذات الوقت يريد استبداله بقمح، فإذا توافقت الرغبات وقعت المقايضة، ويفهم من ذلك أن كل سلعة تكون محل للمقايضة تعد سلعة وثمنا فى ذات الوقت، فمثلا إذا كانت المقايضة بين سلعتي القمح والقطن وكان قنطار القطن يساوي تسعة
أرداب من القمح لقلنا أن القنطار الواحد من القطن يعد ثمنا لكل تسعة أرداب من القمح، وأن التسعة أرداب من القمح تعد ثمنا لقنطار القطن، والجدير بالذكر أن هذا النظام وإن كان يصلح للمجتمعات الأولى بحكم قلة احتياجاتها، وندرة الأشياء آنذاك، إلا أن هذا النظام أثبت عجزه مع مرور الوقت، لأنه من الصعب أن تتوافق الرغبات، فلو استحضرنا المثال السابق نجد أن من بيده القمح ويريد استبداله بأرز، لابد وأن يجد شخصا لديه أرز ويريد استبداله بقمح، وهذا فرض يصعب تحققه إذ قد يكون الشخص الذى بيده الأرز لا يريد استبداله بقمح، حتى لو فرضنا أنه يريد القمح، فقد لا تتوافق الرغبات حول الكمية، والجودة، والقيمة، أضف إلى ذلك أن هناك من السلع ما لا تقبل التجزئة، فلو قلنا أن هناك شخصا يمتلك حصانا ويريد شراء شئ ضئيل القيمة فما الحل؟
ناهيك عن التفاوت بين أسعار السلع والخدمات، وتعدد نسب التبادل، الذى يصاحب نظام المقايضة، كل هذه أمور حالت دون استمرارية هذا النظام،
لذلك نادت الأفكار وأفصحت عن ضرورة استبدال نظام المقايضة بنظام آخر فما هو هذا النظام؟ هذا مانعرفه فى المقال القادم إن شاء الله