تعالوا نفتح صفحة جديدة …..
بقلم – عماد عنان
لاشك أن نتيجة الاستفتاء الخاصة بالتعديلات على الدستور والتي تجاوزت 98% ليست أمرا مستغربا، فالكل كان يتوقع تلك النتيجة لسبب بسيط جدا وهو ان كل من ذهب وشارك في الاستفتاء كان مؤيدا له، ومن ثم فتلك النتيجة لم تحرك فينا من شعيرة تعجب او استغراب، لكن مايجب أن نضع امامه علامات استفهام تكفي لتغطية الطريق من مصر الى باريس هو حجم المشاركة والتي تجاوزت كما قال القائلون 21 مليون مصري بما يسمح لهذا الاستفتاء أن يتفوق على غيره من الاستحقاقات الدستورية الماضية… وهنا أود أن ابرز حجم التناقض الواضح بين التصريحات المتداولة هنا وهناك، فقد خرج علينا الكثيرون من السياسيين والاعلاميين ليقولوا لنا أن تلك المشاركة غاب عنها الشباب بصورة ملحوظة.
وأن الغالبية كانت لكبار السن وللنساء ممن استهوتهم نغمات تسلم الايادي فتراقصوا عليها يمينا ويسارا في صورة شرفت مصر داخليا وخارجيا، فكان حق علينا أن نعتز بمصرنا وهي تقر دستورها الجديد على أنغام طربت لها الاذان والعقول وتحركت لأجلها كل أعضاء الجسد بلا إرادة أو تحكم غير أن الوطنية تقتضي ذلك… عزوف الشباب .. عزوف التيارات الاسلامية…الشحن المضاد من أنصار الاسلاميين والتيارات الثورية…كل هذا وكانت النتيجة 21 مليون…الطوابير التي لم نراها كما كانت في الاستفتاءات السابقة والتي خرجت بـ 17مليون ويزيد قليلا..واليوم نكتشف أن النتيجة تجاوزت المدى بمدى ومدى ومدى… ياسادة لن يقلل أبدا من النظام الحالي أن يخرج ليعلن النتيجة الصحيحة..فالنتيجة معلومة مسبقا وهو أن هناك مزاج شعبي للدستور الحالي لما له من خلفيات سياسية ودينية وفكرية لدى البعض..لكن لايكون الامر بهذه الطريقة…ماهكذا تورد الابل ياسعد… حرمان العشرات من الجمعيات والمؤسسات من مراقبة الاستفتاء…وترهيب كل من يدعو للتصويت بـ " لا " كما حدث مع اعضاء حزب مصر القوية وغيرهم..وتقنين التغطية الاعلامية لمجريات هذا الاستفتاء…وتواجد الدعاية الانتخابية داخل مقار اللجان وانا رأيتها بأم عيني…أليس كل تلك الامور يجب أن نقف عندها لنبحث عن إجابة؟ أم سندفن رؤسنا في الرمال ونترك فرحة تمرير الدستور تنسينا تلك الاخطاء والتجاوزات وماتحمله من دلالات ومؤشرات؟….
وقد انعكس هذا المناخ غير الصحي للاستفتاء على الاعلام العربي والغربي كل حسب توجهاته..فالاعلام العربي المؤيد بالفعل لخارطة الطريق وماحدث في 30 يونيه قد سخًر صحفه وقنواته للتهليل والتطبيل للدستور الجديد واعتبرها خطوة نحو الاستقرار وبداية النهاية لتيار الاخوان والاسلام السياسي، وفي المقابل نجد الصحف الغربية تناولت هذا الاستحقاق بالسخرية من آلة القمع المستخدمة وتخويف المواطنين من خلال اعتقال المعترضين على الدستور…بل وصل الحد الى أن تصدر الصفحة الاولى لمجلة الواشنطن بوست كاريكاتيرا لجندي مصري فوق دبابة ومكتوب عليها الاستفتاء المصري وهو يصوب سلاحة تجاه بعض المواطنين ويقول لهم " من يقول نعم للاستفتاء" وكلهم يرفعون أيديهم خوفا من السلاح…. نحتاج الى مراجعة النفس مرة اخرى…لغة الارقام والاحصائيات دوما محل شك لاسيما وإن توفرت بعض المؤشرات التي تبرهن ذلك…دعونا من الاستقطاب الذي نحياه الان..تعالوا نفتح صفحة جديدة لاجل بلدنا ومصرنا..صفحة خاوية من كل الايديولوجيات التي أحرقت…صفحة بلا اخوان ولا عسكر….صفحة نكتبها نحن الشباب..اول مانخط عليها " بلادي بلادي …لك حبي وفؤادي "….