جيش الاحتلال الإسرائيلي يُعلن عن عملية برية ضد غزة
واصل جيش الاحتلال الإسرائيلى غاراته، اليوم الخميس، على قطاع غزة لليوم الرابع على التوالى، وردت الفصائل الفلسطينية بإطلاق حوالى 300 صاروخ طالت مناطق فى جنوب وشمال إسرائيل، وعزز الجيش الإسرائيلى حشوده العسكرية بشكل غير مسبوق، على الحدود مع القطاع تأهبا لشن عملية برية ضد الفصائل الفلسطينية، بينما بدأت إسرائيل تواجه فى الداخل أعمال شغب ومواجهات فى المدن المختلطة بين العرب واليهود، وسارع الرئيس الإسرائيلى رؤوفين ريفلين بالتحذير من اندلاع حرب أهلية داخل إسرائيل.
وفى اليوم الرابع من التصعيد الأعنف منذ عدوان 2014، لا تبدو بوادر تهدئة فى الأفق، رغم كل الدعوات الدولية إلى خفض التوتر وتجنب الانزلاق إلى حافة الهاوية أو الحرب الشاملة، وخرج سكان غزة، صباح اليوم الأول من عيد الفطر، إلى الشوارع ليروا مشهدا مأسويا جديدا من الخراب بعد أن دمرت الغارات الإسرائيلية أبنية كاملة، وألحقت أضرارا جسيمة بالطرق وبأبنية أخرى، وأطلقت الفصائل الفلسطينية أكثر من 300 صاروخ جديد على إسرائيل، أمس، ووسعت الفصائل المناطق التى استهدفتها وطالت صواريخها جنوب ووسط إسرائيل، أمس، كما وصلت الصواريخ لأول مرة مناطق شمال إسرائيل، ودوت صافرات الإنذار فى منطقة الشارون الشمالية وفى الجليل، وقالت صحيفة «يديعوت أحرونوت» إن حماس «زادت من مدى صواريخها التى تطلقها على إسرائيل».
قال أبو عبيدة الناطق باسم «كتائب القسام» إن «قصف تل أبيب وديمونا وما قبلها وما بعدها أسهل علينا من شربة الماء»، وشدد على أن «لا خطوط حمراء ولا قواعد اشتباك مقدسة إذا تعلق الأمر بالرد على العدوان».
وردت إسرائيل بشن غارات جوية عنيفة على مناطق متفرقة من القطاع، أمس، وسط قصف برى بالدبابات والمدفعية التى احتشدت على طول الخط الحدودى مع غزة، وأسفر العدوان الإسرائيلى على غزة عن استشهاد 90 فلسطينيا، من بينهم نساء وأطفال، وإصابة أكثر من 500 آخرين، وتدمير مبان سكنية ومقار تابعة للشرطة، وأخرى للفصائل، فيما وصلت حصيلة القتلى الإسرائيليين إلى 7 من بينهم 6 مدنيين وجندى. واستشهد عدد من الفلسطينيين اختناقاً بعد استنشاقهم غازات سامة أطلقها جيش الاحتلال، وأكدت مصادر طبية فى غزة وجود مؤشرات ظاهرة على جثامين الضحايا تؤكد اختناقهم، مشيرة إلى أنه تم أخذ عينات لاستكمال الفحوصات والتأكد من سبب الوفاة بشكل دقيق.
وكانت كتائب القسام الجناح العسكرى لحماس أعلنت إطلاق 15 صاروخاً تجاه مفاعل ديمونا، أمس الأول، و50 صاروخاً تجاه أسدود، و20 صاروخاً تجاه حقل صهاريج «كاتسا» جنوب عسقلان، و110 صواريخ نحو تل أبيب ومطار بن جوريون، وقال الجيش الإسرائيلى إنه منذ بداية عملية «حارس الأسوار» (الاسم الإسرائيلى للعدوان على غزة، أطلقت الفصائل نحو 1500 صاروخ، وحولت إسرائيل رحلات من مطار بن جوريون لمطار «رامون»، كما حولت شركات طيران دولية رحلاتها إلى إسرائيل بسبب الحرب.
وفى تأكيد على مواصلة التصعيد واستمرار العدوان، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلى، بنيامين نتنياهو، رفضه وقف عملية «حارس الأسوار» ضد غزة، وذكرت هيئة الإذاعة الإسرائيلية الرسمية، فى وقت متأخر مساء أمس الأول، أن نتنياهو «طلب من المجلس الوزارى للشؤون الأمنية والسياسية، المصادقة على توسيع العملية العسكرية ضد حماس والمنظمات الأخرى فى قطاع غزة على خلفية التصعيد الأمنى».
ومن جانبه، قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلى، اللفتنانت كولونيل جوناثان كونريكوس، إنه يتم حشد قوات قتالية إضافية على الحدود مع القطاع، وإن إسرائيل فى «مراحل مختلفة من الإعداد لعمليات برية»، وأضاف أن «رئيس الأركان الإسرائيلى يتفقد تلك الاستعدادات ويعطى توجيهات، إلا أنه لم يصدر أمرا بتنفيذ عملية كهذه بعد».
وبدوره، قال وزير شؤون المستوطنات الإسرائيلية تساحى هنغبى: «ليس لدينا استعداد حتى للنظر فى وقف إطلاق النار حاليا، خطتنا الهجومية تسير على قدم وساق ولن ندخل فى أى حوار».
ولأول مرة، تشهد الساحة الداخلية الإسرائيلية، منذ سنوات، مواجهات المباشرة بين مدنيين إسرائيليين ضد «فلسطينى الداخل»، ومنها اعتداءات على محال تجارية تابعة للعرب، وكشفت لقطات تليفزيونية مباشرة، تُظهر حشداً من الإسرائيليين اليمينيين المتطرّفين يُهاجمون قرب تل أبيب رجلاً عربياً، وأجبروه على النزول من سيارته وانهالوا عليه بالضرب حتى فقد وعيه، وتداول ناشطون فلسطينيون فيديوهات تظهر تكسير متطرفين يهود محالا تجارية فلسطينية فى مدينة اللد بعد خروج أحيائها عن السيطرة لليلة الثانية على التوالى، وتظاهر متطرفون إسرائيليون فى كل أنحاء البلاد، مما أدى إلى اندلاع مواجهات مع قوات الأمن.
وسارع الرئيس الإسرائيلى إلى التحذير من أن «الحرب اندلعت فى شوارع إسرائيل وأن الأغلبية مذهولة ولا تصدق ما تراه»، وقال فى تصريح لقناة «11» الإسرائيلية: «أوقفوا هذا الجنون فورا»، وفشلت مساعى رجال الدين والقادة السياسيين، وتعزيزات الشرطة والاعتقالات، فى كبح أعمال العنف بعدة مدن يسكنها عرب ويهود، وأُضرمت النيران فى كنيس يهودى وسيارات وتعرض قائدو سيارات للرشق بالحجارة على بعض الطرق واشتبك متظاهرون يلوحون بالعلم الفلسطينى مع الشرطة فى ميناء حيفا، وقالت الشرطة إن الاعتداءات كانت أكثر من جانب اليهود ضد «فلسطينى الداخل».
وفى القدس المحتلة، أدى عشرات آلاف الفلسطينيين صلاة عيد الفطر فى المسجد الأقصى، فى تحد للتضييق الإسرائيلى عليهم والاعتداءات المستمرة على السكان منذ أيام داخل الحرم القدسى وخارجه.
وأعرب الرئيس الأمريكى، جو بايدن، عن أمله أن تنتهى الاشتباكات العنيفة مع الفلسطينيين قريبا، مشددا، فى اتصال هاتفى مع نتنياهو، مساء أمس الأول، على حق إسرائيل فى الدفاع عن نفسها، وذكر مكتب نتنياهو أنه أبلغ بايدن بأن إسرائيل «ستواصل التحرك لضرب القدرات العسكرية لحماس» وغيرها من الجماعات التى تعمل فى قطاع غزة، وأعلن وزير الخارجية الأمريكية، أنتونى بلينكن، أنه أرسل هادى عمرو، مساعد وزير الخارجية للشؤون الإسرائيلية والفلسطينية، مبعوثا إلى الشرق الأوسط لحض الإسرائيليين والفلسطينيين على وقف التصعيد، ولفت مسؤول أمريكى، طلب عدم الكشف عن اسمه، إلى أن الولايات المتحدة تكثف الاتصالات مع جهات فاعلة أخرى فى المنطقة، لا سيما مصر والأردن.
وقال إن «للقاهرة نفس المصالح التى لدينا لصالح وقف التصعيد، نواصل التنسيق عن كثب»، وتأكيدا لذلك، أفادت قناة «كان» العبرية، أمس، بأن محادثات جدية تجرى للتهدئة، ونقلت عن مصادر فلسطينية لم تذكر هويتها قولها إن «محادثات جدية حول التهدئة بوساطة مصرية – أمريكية»، وحث وزير الدفاع الأمريكى لويد أوستن، فى اتصال مع نظيره الإسرائيلى، بينى جانتس- «جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات لاستعادة الهدوء». ودعت موسكو لاستعادة الهدوء، وذلك خلال اتصال هاتفى بين نائب وزير الخارجية الروسى ميخائيل بوجدانوف مع نائب رئيس المكتب السياسى لحركة «حماس» موسى أبو مرزوق، وأكدت الخارجية الروسية أن أبو مرزوق ندد بالعدوان الإسرائيلى ضد سكان حى الشيخ جراح فى القدس المحتلة.
وأوضحت أن «أبو مرزوق» أكد نيابة عن قيادة «حماس» استعداد الحركة لوقف أى إجراءات عسكرية ضد إسرائيل على أساس متبادل، وأن يمارس المجتمع الدولى الضغط المطلوب على إسرائيل لمنع استخدام القوة ضد المسجد الأقصى، ومنع أى إجراءات غير قانونية بحق السكان العرب الأصليين فى القدس الشرقية. كما دعت الصين وتونس والنرويج، مجلس الأمن الدولى، لعقد اجتماع طارئ، اليوم، لبحث وقف التصعيد بين إسرائيل وفلسطين، وأكد مصدر دبلوماسى دولى أن الاجتماع المقترح سيعقد بمشاركة الجانبين الإسرائيلى والفلسطينى، وذلك بعد أن عقد مجلس الأمن، الأسبوع الجارى، جلستين مغلقتين افتراضيا لمناقشة وقف التصعيد دون التوصل إلى نتيجة.