راديو

رئيس مجلس الإدارة
منال أيوب

رئيس التحرير
محمد الاصمعي

نسخة تجريبية

حكايات طلاب الثانوية العامة مع المذاكرة.."عندما تتحول البيوت إلى زنازين"..تقرير

من المعروف أن مرحلة الثانوية العامة هي المرحلة الفاصلة للطلاب للانطلاق إلى المرحلة الأخيرة وهي التعليم الجامعي أو الألتحاق بالجامعة, وتعتبر فترة الامتحانات بعبع في جميع البيوت ولدى الأسر, هل يعتكف الطلاب في منازلهم, ويتحول وضعهم إلى قيد الإقامة الجبرية.

أية: "كذبت على أبي بعد الامتحان خوفا من نظراته الحادة"

تروي أية خيري، طالبة بالصف الثالث الثانوني العام، بمدرسة الشروق التجريبية في مدينة 6 أكتوبر، تجربتها داخل ذلك السجن المغلق الذي كان قبل عدة أشهر منزلها، بسبب الضغوطات التي تُمارس من قبل أهلها عليها، تقول: "خلصت امتحان الانجليزي، وماسلمتش الورقة، خوفًا من الخروج وأشوف والدي".

لم تمتلك "أية" خيارًا آخر سوى الخروج ومواجهة أبيها، فتوجهت إليه وسألها بنظرة حادة: "عملتي إيه"، فكذبت عليه، بتأكيدها أنها حلت الأسئلة كافة، وأن الامتحان لم يكن صعبًا، رغم أنها لم تستطع حل سوى نقاط بسيطة به.

الامتحان كان بالنسبة لفتاة مثل "أية" سهلًا للغاية إلا أن التوتر والرعب الذي كان ينتظرها بالخارج أفقدها تركيزها، ودفعها للانتهاء منه سريعًا حتى تفوق من ذلك الكابوس الجاثم على صدرها، خوفًا من ألا تحصل على مجموع كبير يؤهلها لدخول كلية من كليات القمة كما يحلم والدها.

الخوف والرعب، تملك من الفتاه فلجم لسانها أمام أبيها، ولم تصارحه بصعوبة الامتحان، بسبب الضغط الذي مارسه عليه قبل أن يبدأ العام الدراسي، تضيف: "منعوني من الخروج طول مدة الامتحان والسنة كلها كأني عايشة في سجن، التلفزيون ممنوع طول الأسبوع ما عدا مرة واحدة، لدرجة إني مكنتش بخرج من الأوضة إلا للحمام والأكل".

والد "أحمد" ينهال عليه ضربًا والسبب امتحان الفيزياء

حالة رعب أخرى، بطلها هو "أحمد" طالب في الصف الثالث الثانوي، لم يتوقف الأمر في حكايته إلى حد تحول منزله لما يشبه السجن، بل أنه تلقى أنواعًا من الضرب المختلفة من قبل والده، الذي ضربه ضربًا مبرحًا بحزام بنطاله؛ لعدم قدرته على حل 3 نقاط في مادة الفيزياء، ما جعله يترك منزله لليوم الثاني على التوالي.

يقول الطالب لـ"الدستور": "أخذت ملازم المادة الجاية، وشوية فلوس من صحابي، وروحت عند خالي، عشان أعرف أذاكر وكنت مكسوف أطلب منه إني أبات النهاردة عنده، وبالليل رحت مسجد في المنطقة وطلبت من الإمام أنه يخليني أنام عنده اليوم ده وأكمل مذاكرتي".

لم يكتف والد "أحمد" بضربه وطرده من المنزل، بل قام بإرسال رسائل عدة له مليئة بالتهديد والوعيد، لعدم حضوره مراجعة ما قبل الامتحان، ما جعل الطالب يشعر بالخوف أكثر من فكرة العودة إلى منزله، مضيفًا: "أنا مبقتش طفل عشان أبويا يعاملني بالطريقة دي بسبب الامتحان، دول الخارج تعاقب الأب حال اعتدائه على أبنائه بطريقة غير لائقة".

"أوعى تجيب أقل من درجة فلانة"

ثقافة وتعنت الأسرة كانت أشد معاناة لاقتها "فاطمة رضا"، الطالبة بالثانوية العامة، بعدما غرز فيها والديها مبدأ أنها لا بد أن تنجح لتكون أحسن "فلان"، وليس نجاح لذاتها، تضيف: "كل حاجة في حياتنا عبارة عن أوعي فلان يبقى أحسن منك، لازم تنجح عشان تجيب أعلى منه بعيدًا عن اهتماماتك، كان نفسي أدخل كلية الفنون التطبيقية لكن أمي مش راضية بأقل من هندسة ولا طب".

ليس ذلك فحسب، ما يؤرق "فاطمة"، لكن تعمد بعض المراقبين السماح للطلاب بالغش داخل اللجان كان أمرًا استفزازيًا كما وصفته، تحكي واقعة شهدتها داخل لجنة الامتحان قائلة: "طلاب بيدوا المراقب رشوى كروت شحن، وبعديها بيدها إجابات الامتحان كاملة، في الوقت اللي فيه طلبة بينتحروا على درجة وبيعانوا ضغوط نفسية كبيرة".

وتابعت الطالبة: "بينما يحتضر بعضنا وآخريين بيتقطع نفسهم كل مرة من البكاء بسبب الامتحانات، فيه ناس بتعرف تغش في اللجنة على عين المراقب، والمشكلة مش في التعليم بس لكن في أسرنا كمان دمرتنا نفسيًا، أمي كل يوم تهددني بقريباتي إذ حصلوا على درجات أعلى مني".

عبير: "ماما عزلتني في سجن وكانت هي مديرته"

الحالة الأخطر، كانت "عبير أحمد"، الذي تحول ضغط ذويها عليها من مجرد تعب نفسي إلى جسديًا، وبدأت تظهر علامات غريبة في جسدها خلال منتصف العام الجاري، بسبب شدة توترها والرعب الذي كانت تعيش فيه، إلى أن علمت أنه مرض الصدفية ظهر نتيجة التوتر الدائم.

ظنًا منهم أنه طريق النجاح الوحيد، قام والديّ "عبير" بحبسها في منزلها ومنعها من الخروج منه، ومنعت الزيارات عنها، وكانت تقوم بتوصيلها إلى المدرسة حتى تضمن عودتها في الميعاد المحدد، وإجبارها على حضور عدد كبير من الدروس الخصوصية.

"البيت تحول إلى سجن، أمي قفلت الأبواب والشبابيك وكل شبر في البيت، واللي زاد الأمر سوء أن النور كان بيقطع دايمًا فكانت أمي بتنور بالكشافات، وده اللي حسسني إني في سجن حقيقي مش مجرد أيام وهتمر".

سمير: "أبي لم يترك في غرفتي سوى المكتب والسرير"

أما "سمير عبد الرحمن" طالب الثانوية العامة، قاطعه والده منذ امتحان اللغة العربية، لكونه لم يؤدي في الامتحان بالشكل الأمثل، وعدم استطاعته لإجابة أسئلة النحو والنصوص، مضيفًا: "حرمني من مصروفي كمان، وخد الكمبيوتر واللاب توب والمجلات وقفل التلفزيون، وحبسني في أوضتي اللي مابقتش أشوف فيها غير السرير والمكتب والدولاب".

رغم تلك المعاملة القاسية، إلا أن "سمير" لم يكن من الطلاب المهملين في دروسهم فقد التزم بحضور دروسه يوميًا والاهتمام بدراسته، حتى يحقق حلمه بالدراسة في جامعة عالمية بالخارج، إلا أن جملة والده دومًا ما تردد في آذنه وتعيقعه عن تحقيق حلمه: "هموتك لو بعد المصاريف دي جبت درجة مش تمام".

Login

Welcome! Login in to your account

Remember me Lost your password?

Don't have account. Register

Lost Password

Register