رحيل المناضلة السودانية سعاد إبراهيم أحمد
رحلت، صباح اليوم، عن عالمنا الكاتبة والمناضلة السودانية سعاد إبراهيم أحمد أحد أبرز رائدات العمل النسائى فى السودان وأحد الأعضاء البارزين فى الحزب الشيوعى السودانى ومناضلة قضية حلفا النوبية على مدار سنوات متواصلة.
ولدت سعاد إبراهيم أحمد بمنطقة أم درمان بالسودان عام 1935 والتحقت بجامعة الخرطوم سنة 1955م، أنشأت جمعية التمثيل والموسيقى بالجامعة وانضمت إلى الحزب الشيوعى فى مارس 1957 ودخلت اللجنة المركزية للحزب الشيوعى فى أكتوبر 1967، ناضلت من أجل حقوق المرأة كما ناضلت بشدة ضد اتفاقية مياه النيل نوفمبر 1959 والتى نص فيها على قيام السد العالى، وترحيل أهالى حلفا النوبية.
وقفت سعاد موقفا شجاعا تجاه ترحيل أهالى منطقة حلفا النوبية، وقالت بأحد حواراتها الصحفية لجريدة الوطن السودانية "نحن نناضل من أجل خدمة الناس، كلّ الناس.. وحلفا تضم كل أهل السودان: من الشمال، والجنوب، والشرق، والغرب.
حلفا فيها ناس من جبال النوبة ودارفور يشاركوننا فى الزراعة.. ويأخذوا نصف المحصول المزروع.. ولكن، نميرى عاقب «البرابرة»… وأُسامة عبد الله، الآن ينفذ بالخزان الجديد، سياسة الجبهة فى أن يُغرق ما تبقى من حلفا.. ويتم تهجير الناس مرة أُخرى.
كان بإمكان «ناس الجبهة» أن يعملوا الخزان بأعالى النيل الأزرق، حيث "الهضبة الأثيوبية».. فهذه المنطقة تضمن ألا يغرق أحد.. ثم تغطى كهرباء أضعاف ما هو متوقع من خزان الحمداب الذى يسبب مشاكل الآن ومستقبلاً.
بهذا الفهم نحن نشتغل قضية النوبة.. ناس الجبهة افقروا مناطقنا وفرضوا عليها الضرائب والأتاوات ودمروا البنى الأساسية.. فتدمر التعليم والصحة..
إن سكان محافظات الشمال الثلاث كانوا 750 الف نسمة.. والآن أصبحوا لا يتجاوزون الـ300 الف !!"
ساهمت سعاد فى تعليم كثير من الفتيات ضد تعنت المجتمع الذى كان يحرمهن من فك الخط، حتى أكملن تعليمهن بل ونلن درجات فى الماجستير والدكتوراه !
وكان لها جهود بارزة فى نشر التعليم بالخرطوم بالأضافة لنشرها للوعى السياسى بين أجيال كثيرة متعاقبة , فقد استلهم الكثيرون من طلبة الجامعة منها قوة الشكيمة، وثبات المبدأ، وأدراك احتياجات وأدوات الوطنى الذى يسعى بكل نكران ذات وتضحية لبناء وطن شامخ متين الأساس , متكافىء عطاؤه للجميع دون تفرقة أو تهميش.
قال عنها المخرج السينمائى طلال عفيفى، اليوم الأحد، نعيا لها على صفحته الشخصية بموقع التواصل الاجتماعى فيس بوك، إنسانة كانت ملهمة طوال الوقت، بأدائها وصوتها وإبتسامتها ونضالها العنيد المستمر الذى لم يتوقف للحظة، سعاد إبراهيم لم يكن ليهدأ لها بال لو لم تعرف قضايا النوبيين والشيوعيين والطباعة والنشر والسينما حلاً.. عملت من أجل كل هذه القطاعات بأناة وصبر منقطعى النظير، وبتفان وإخلاص عجيبين، فاقتطعت من وقتها وصحتها للناس، وكان نصيبهم من هذا حياتها كاملة.
وأضاف سعاد ابراهيم مقاومة مدنية بامتياز، عملت كتربوية وأكاديمية وعرفت بقوة كمدافعة عن قضايا أهل النوب وتمسكت بصيانة حقوقهم قبل وبعد التهجير، وانخرطت كسياسية أمينة فى نضالات الحزب الشيوعى السودانى من أجل العمل على تحقيق العدل الاجتماعى لأهل السودان وتوفيت وهى من أعضاء لجنة حزبنا المركزية.
وأشار لدور سعاد إبراهيم فى خدمة السينما السودانية وقال " لآخرين، وانا منهم، فلسعاد يد من الأيادى الحنون التى امتدت للسينما السودانية، حيث كانت من مؤسسى نادى السينما السودانى فى آوخر ستينيات القرن الماضى كما قامت بإدارته ودعم أنشطته لسنين.
وأضاف سعاد إنسانة ناهضة ومستنيرة قدمت عمرها بالمعنى الحقيقى من أجل التحرير ومناهزة العنف والتسلط.. نفقد بموتها نموذجاً لما مثلته حياتها من الإتساق والثبات على الحق والرنو لحياة أفضل وأوفر كرامة للسودانيين.
أسأل الله أن يكرم مثواها بقدر ما أعطت، وأن يحسن إليها ويلطف بالمحزونين وبكل من يفتقدها فى هذا اليوم الكتيم.