رفع سعر الفائدة البنكية في مصر.. بين مؤيد ومعارض.. تقرير
اتخذ البنك المركزي المصري قرارًا صادمًا ومفاجئًا برفع أسعار الفائدة على الإيداع والإقراض، ما ألقى بظلال وخيمة على الأسواق، بالتزامن مع توقعات بارتفاعات جنونية أخرى لأسعار المنتجات والخدمات وعزوف المستثمرين والمقترضين في آن معًا عن السوق المصرية.
ورأى اقتصاديون أن ارتفاع الأسعار الذي أعقب قرار “تعويم” العملة لا يمكن تصحيحه برفع أسعار الفائدة الذي قد يضعف النمو الاقتصادي عن طريق تقليص الاستثمارات في وقت قفز فيه التضخم السنوي إلى أعلى مستوى له في 3 عقود وسجل 31.5% في أبريل.
وانتقد الدكتور رشاد عبده رئيس “المنتدى المصري للدراسات الاقتصادية” قرار محافظ البنك المركزي برفع الفائدة على الإيداع والإقراض بمقدار 200 نقطة معتبرًا القرار رضوخًا لشروط “صندوق النقد الدولي”.
وأوضح عبده في تصريح خاص لـ “إرم نيوز” أن القرار سيؤدي إلى تأثيرات سلبية جسيمة على الاستثمار المحلي حيث يدفع إلى إحجام المستثمرين المحليين عن الاقتراض من البنوك ومن ثم تقل فرص العمل وتحرم الدولة من الإيرادات الضريبية.
وتابع: “الحكومة هي المقترض الأكبر في الدولة وبالتالي سيظهر الفارق في فائدة الاقتراض في صورة مزيد من عجز الموازنة وزيادة في الدين الداخلي”.
وأضاف: “سيؤثر القرار أيضًا بشكل سلبي على البورصة حيث سيغري عائد الإيداع الكبير صغار مستثمري البورصة للاتجاه إلى الاستثمار في البنوك باعتباره استثمارا آمنا”.
وتابع: “البنك المركزي اتخذ قراره بناء على تشخيص خاطئ لسبب التضخم فما نعاني منه هو تضخم تراكمي وليس تضخمًا بسبب سيولة نقدية كبيرة في السوق”.
وقال الخبير الاقتصادي خالد الشافعي إن “قرار البنك المركزي برفع أسعار الفائدة على الإيداع والإقراض كان مفاجئًا ومخالفًا لتوقعات الاقتصاديين وينذر بمزيد من الغلاء الذي سيلقي بظلاله على كل السلع والخدمات”.
وأكد الشافعي في تصريحات خاصة لـ “إرم نيوز”، أن رفع سعر الفائدة على الإيداع والإقراض جاء بعد ضغوط من “صندوق النقد الدولي” لامتصاص الموجة التضخمية التي تشهدها البلاد حاليًا نتيجة الإجراءات الهيكلية والإصلاحية التي تم اتخاذها منذ تحرير سعر الصرف.
وأشار إلى أن رفع الفائدة 2% سيؤدي إلى نتائج فورية وسريعة ليس على مستويات التضخم والتي لن تتأثر بالقرار لكن التأثير سيكون برفع تكلفة اقتراض الحكومة من البنوك عن طريق أدوات الدين الحكومية – أذون وسندات الخزانة – ما يزيد من عجز الموازنة العامة للدولة ويرفع أيضًا من تكلفة اقتراض أصحاب الأعمال من الجهاز المصرفي وبالتالي يقلل من التوسع الاستثماري في مصر.
وقال الدكتور وائل النحاس الخبير الاقتصادي إن “قرار رفع سعر الفائدة سيخلَّف بعض الأضرار الاقتصادية أولها ارتفاع تكلفة الدين وارتفاع عجز الموازنة وزيادة الأسعار”، مشيرًا إلى أن “الحكومة لجأت لرفع سعر الفائدة كحل اضطراري”.
وأضاف النحاس، في حديثه لـ “إرم نيوز”، أن “رفع البنك المركزي لسعر الفائدة جاء في أعقاب زيادة الدعم الحكومي على البطاقة التموينية واتخاذ قرار بصرف العلاوة الخاصة في الرواتب”، لافتًا إلى أن “القرار يدفع لخلق سيولة في الأسواق بهدف جذب الأموال”.
وأشار إلى أن قرار سعر الفائدة 2% هو قرار خاطئ لكنّ حال مقارنته بانخفاض القوة الشرائية في الأسواق فهو قرار صحيح، مؤكدًا أن الدولة تضع أمالًا كبيرة على نسبة 70% التي ستحصلها من الضرائب.
وقال النحاس: “البنك المركزي المصري يسير بتوجهات من صندوق النقد الدولي فإن القرار ليس له أضرار على الاستثمار وذلك لعدم انتعاش الأسواق المصرية”.
وأوضح الدكتور صلاح الدين فهمي الخبير الاقتصادي لـ “إرم نيوز”، أن “لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي أجبرت لرفع سعر الفائدة كحل لا بديل عنه لمكافحة التضخم، منوهًا أن القرار سيعمل على رفع تكلفة الاستثمار”.
وكان تحرير سعر الصرف ضمن الإصلاحات الاقتصادية التي ساعدت مصر على إبرام اتفاق مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض قيمته 12 مليار دولار على مدى 3 سنوات وتشمل الإصلاحات أيضًا رفع أسعار الطاقة وفرض ضريبة القيمة المضافة الجديدة.
ولا يتوقع الاقتصاديون خفض أسعار الفائدة في المستقبل إلا بعد تراجع التضخم وربما بعد تطبيق زيادات أخرى في أسعار الطاقة وإجراء المزيد من التغييرات في السياسة الاقتصادية.