طالبان: نُطمئن المجتمع الدولي بشأن طريقة حُكمنا
أطلقت حركة «طالبان»، أمس (الثلاثاء)، غداة «انتصارها» في أفغانستان بعد رحيل آخر الجنود الأميركيين، مزيداً من التطمينات لخصومها والمجتمع الدولي، مكررة تعهدها تشكيل «حكومة جامعة» ورغبتها في الانفتاح على جميع دول العالم، بما في ذلك الولايات المتحدة، عدوتها على مدى السنوات العشرين الماضية.
وصرح المتحدث باسم «طالبان» ذبيح الله مجاهد للصحافيين صباح الثلاثاء بعد ساعات من دخول قوات الحركة مطار كابل عقب اكتمال الانسحاب الأميركي: «نهنئ أفغانستان (…) إنه نصر لنا جميعاً». وأضاف أن «الهزيمة الأميركية درس كبير لغزاة آخرين ولأجيالنا في المستقبل… إنه أيضاً درس للعالم». لكنه شدد على أن الحركة «تريد علاقات جيدة مع الولايات المتحدة والعالم»، وأنها «تبقى ملتزمة تشكيل حكومة جامعة».
وشهدت كابل أمس احتفالات بالانسحاب الأميركي، كما شهدت مدينة قندهار معقل «طالبان» في الجنوب احتفالات مماثلة، علماً بأن قيادة الحركة عقدت هناك اجتماعاً لـ(مجلس الشوری القيادي) برئاسة زعيمها هبة الله أخوند زاده استمر لثلاثة أيام (منذ يوم السبت).
وتأتي تطمينات الناطق باسم «طالبان» في وقت تواجه الحركة الآن، بعدما باتت في الحكم، تحديات جمة. فعليها إزالة الشكوك حيالها من جانب شرائح من السكان الذين يخشون عودتها لسياساتها المتشددة سابقاً. كما أن عليها تأمين رواتب الموظفين في ظل عدم قدرتها على الوصول إلى الأموال في البنك المركزي الأفغاني الموجودة بغالبيتها في الخارج.
وإلى جانب الأزمة الاقتصادية، سيكون على «طالبان» مواجهة نقص آخر يتعلق بهجرة الأدمغة وفك العزلة الدولية وتنفيذ تعهدها عدم السماح باستخدام أفغانستان من جديد ساحة لجماعات إرهابية أجنبية، علماً بأن دولاً مختلفة حول العالم تقول إنها ستحكم على الحركة بناءً على أفعالها وليس أقوالها.
وأعلن الرئيس جو بايدن أمس انهاء حقبة التدخل العسكري للولايات المتحدة على أراضي الدول الأخرى. غير أنه أكد أن قوات بلاده ستواصل حربها على الجماعات الإرهابية في كل أنحاء العالم، بما في ذلك أفغانستان. ووجه بايدن خطاباً الى الأمة مدافعاً عن قراره الانسحاب من كابل. وقال إن الخيار الحقيقي كان «بين المغادرة والتصعيد». وأوضح: «أنا ببساطة لا أعتقد أن سلامة وأمن أميركا يتعززان من خلال الاستمرار في نشر الآلاف من القوات الأميركية وإنفاق مليارات الدولارات سنويا في أفغانستان».
في غضون ذلك، أشار متحدث باسم الخارجية الأميركية لـ«الشرق الأوسط»، إلى دعم الولايات المتحدة المحادثات الجارية بين «طالبان» ومسؤولين وقادة أفغان بهدف نقل السلطة في البلاد. لكنه قال إن العقوبات الأميركية على {طالبان} لن يتم رفعها.
في غضون ذلك، انتقلت الأزمة الأفغانية إلى صدارة اهتمامات الدول الأوروبية التي تخشى موجة جديدة من الهجرة تعيد تكرار المشهد الذي عاشته عام 2015 وترك جراحاً عميقة في الجسم الأوروبي ما زالت تتفاعل إلى اليوم.