طوبى لمن يفرح قلب يتيم
الطفل اليتيم غالبا ما يعاني من حساسية مفرطة في تفسير تصرفات الآخرين تجاهه؛ نظرا لاضطرابات الطبع التي تتولد لديه جراء ما يعانيه، وهذه التصرفات تتجه للعالم الخارجي الذي كثيرًا ما يكون سلبيًّا في تعامله مع نفسية اليتيم؛ فيكون الزجر والعنف والقسوة؛ لذا كانت عناية الإسلام بنفسية اليتيم، والتلطف في معاملته كبيرة؛ فقد قال تعالى: {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلاَ تَقْهَرْ
فهو الذي فقد والديه و لم يجد أبا يحنو على و لم يجد أبا يلاعبه ويحمله فوق كتفية ويأخد بيده ويشجعه ويعلمه الوقوف والمشى ويفخر به وبتربيتة له … ولم يجد ام تعطف عليه وتسقيه من لبنها الحنان ويشعر بدفء احضانها وببرودة قبلاتها … هو الذى لم ينطق كلمة أبى أو كلمة أمى من يوم مولده ولم يعرفها أو يعرف معانيها وهو الذى يواسى نفسه بنفسه ويدفن أحزانه بقلبه.
هومن ذكره الله عز وجل فى كتابه الكريم " ثلاثا وعشرين"مرة وتلك إشارة واضحة من رب العزة لكى نلتفت إليه وننظر إليه وإلى احتياجاته النفسية قبل المادية فحرمانه من أبيه وأمه يجعل من أى أب أبا له و من أي أم أما له ، فهو من قال عنه عز و جل : ( أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ )
وقال عنه أيضا عز وجل : (واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا وبذي القربى واليتامى والمساكين) وقرن الله عز وجل الاحسان بالايمان وجعله من أعظم أعمال البر وأيضا تحدث عن اليتيم أشرف الخلق ( محمد صلى الله عليه وسلم ) وقال فيما معناه: ( أن اليتيم إذا بكى اهتز عرش الرحمن لبكائه …فيقول الله تعالى لملائكته … يا ملائكتى من ذا الذى أبكى هذا اليتيم الذى غييب اباه التراب فتقول الملائكه ربنا أنت أعلم ، فيقول الله تعالى لملائكته اشهدوا أن من اسكته وارضاه أنا ارضيه يوم القيامة ) وقال عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضا حينما أتى إليه رجل يشكو قسوة قلبه عن رواية أبى الدرداء رضى الله عنه فقال له رسول الله ( اتحب ان يلين قلبك وتدرك حاجتك ؟ ارحم اليتيم واسمح رأٍسه واطعمه من طعامك يلين قلبك وتدرك حاجتك ) .
لذلك يجب أن نكون بجانبه نشعر بحزنه وبألمه وبحرمانه وأن نتذكره طوال السنة خاصة في العيد وأن ننفذ وصية رب العزة ووصية رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم وتوجيهاته النبوية التي منها
قوله صلى الله عليه واله وسلم: "خير بيت في المسلمين بيت فيه يتيم يحسن إليه"؛ فأي اهتمام بعد هذا الكرم النبوي الذي يجعل خيرية بيوت المسلمين مرتبطة بالإحسان إلى اليتيم.
من مسح يده على رأس يتيم ترحّماً له، كتب الله له بكلّ شعرة مرّت عليه يده حسنة – روي عن النبيّ
وعنه صلى الله عليه وآله وسلم إنّ في الجنّة داراً يقال لها: دار الفرح لا يدخلها إلّا من فرّح يتامى المؤمنين
هذه خواطر لبيان ما يشعر به اليتيم من ألم وحزن و لا أحد يستطيع أن يشعر بحزنه ومعاناته الا هو
: طوبى لمن يعطي ويجزل العطاء ، وطوبى لمن يحب ويغدق الآخرين بالمحبة ، وطوبى لمن يفرح قلب يتيم .
أ.د/ مفيدة إبراهيم على عبد الخالق
عميد كلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنات
أستاذ الأدب والنقد ــ جامعة الأزهر