راديو

رئيس مجلس الإدارة
منال أيوب

رئيس التحرير
محمد الاصمعي

نسخة تجريبية

عجائب.. في "حلقة السمك"!

دم "سلحفاة البحر" يعالج "النحافة".. و"شوربة" الأعشاب تقضي على "الإسكارس"

 

0

 

محب فهمي 

في حلقة الأسماك بالأنفوشي بالإسكندرية شاهدت نوعيات كثيرة من الأسماك والقشريات والمحار، ويوما شاهدت حوتا كبيرا كنوع حوت الكاتب العبقري الأمريكي أرنيست همنجواي في رائعته الأدبية العجوز والبحر والتي حولتها استوديوهات هوليود إلى فيلم سينمائي، يومها أدركت أن ما الحوت إلا بعض الأسماك المهضومة على ربوة خلف قلعة قايتباي وعلى ساحل الأنفوشي تقع حلقة الأسماك وعلى باب الحلقة يوجد دعاء السوق "لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحي ويميت وهو حي لا يموت بيده الخير وهو على كل شئ قدير".
الحلقة تستقبل كل فجر المراكب العائدة من رحلة الصيد داخل مياهنا الإقليمية، تخرج من تلك السفن العائدة طوايل الأسماك محملة بأصناف وأشكال وألوان من السمك بأحجام مختلفة ، انه رزق يمنحه الله الخالق العظيم للإنسان ، صيفا وشتاء بلا حساب ترسي المراكب على السقالة الطويلة وتبدأ عملية النقل من المراكب إلى داخل الحلقة وسبحان الله، كل فصل من فصول السنة له أنواعه وسوف نستعرض سريعا وبإيجاز أنواع تلك الأسماك.
أولا: البربون ويطلق عليها بربون الحجر وهي سمكة اتيكيت في تناولها لطعامها من البحر، هي سمكة غير رمرامة أي أنها تتخير طعامها من خضرة الصخر النظيفة، وعند اصيادها وطهيها يلاحظ أن معدتها بيضاء نظيفة ويأتي بعدها صنفان من السمك فضيتان هي المياس والبوري والمياس حاليا ندر وجوده ولندرته ارتفع ثمنه والقيل منه يصدر إلى الخارج وبعدهما نأتي إلى سمكة موسى وهي سمكة يكسو جسمها نقط سوداء وبيضاء وهي تقبع في الأعماق وتفترش قاع البحر الرملي وهي بطيئة في سباحتها ، بعده سمكة المرجان وهي سمكة يميل لونها إلى الاحمرار ، بعده نأتي إلى ثعبان البحر أو حنش البحر وهو يشبه ثعبان الأرض ولكنه يمتاز بالسباحة وهو قليل في شواطئنا ويوجد فيه صنف نادر خطير يسمى الموري ويعيش متخفي في صخور البحار التي توجد في الأعماق بعده نأتي إلى سمكة السردين وهي سمكة فضية وموسمها مرتبط بموسم فيضان النيل ذلك أنه قبل بناء السد العالي كانت مياه الفيضان تصل إلى الإسكندرية من خلال ترعة المحمودية والتي كانت نهاية مصب مياه النيل الحلوة تصل إلى ترعة الخندق بالمكس بالإسكندرية ، بعدها تصب في مياه البحر المالح في المكس وكان السردين الموجود هناك يطلق عليه السردين النيلي ، بعده نأتي إلى سمكة تسمى "البطاطا" وهي تتميز بأن لها مجموعة أشواك قوية وينتصف جسمها بشوكة قوية تدافع بها عن نفسها وتنشبها في يد من يحاول اصطيادها بالبوصة والسنارة من هواة الصيد ووخزة شوكتها مؤلمة، بعده نأتي إلى سمكة فضية لها خطوط سوداء تسمى سمكة التيوس وهي سمكة بليدة في مناورتها عند صيدها وهي تشبه السمكة النائمة في الماء بعده نأتي إلى سمكة كبيرة في الحجم نسبيا ويطلق عليها سمكة الوقار ولكبر حجمها عند صيدها تقطع إلى جزل أي طرنشات وهي طيبة المذاق.
بعده نأتي إلى الأسماك الأصغر حجما ويطلق عليها السارية وهي تعتبر ذريعة الأسماك عند بداية تواجدها بعض الفقس من البيض الذي يعد بالآلاف وكذلك توجد ملحوظة على سمك البوري حيث ان البطارخ الكافيار المستخرج منها يعد من أفخر الأنواع وهو يجفف ويباع بالكيلو ولكل سمكة فصان وكذلك سمك البوري يتم تصليحه وتمليحه بعد تجفيفه ويحفظ في براميل من الخشب ويضاف إليه الملح وهو يعتبر أشهر أنواع الفسيخ ويعتبر تمليح وحفظ السمك من أقدم الأطعمة التي عرفها أجدادنا المصريون حيث أنها وجدت مرسومة على جدران المعابد القديمة ونأتي إلى سمك البحيرات العذبة وملكة الأسماك هي السمكة البلطي وهي الأكثر شيوعا لوفرتها وتصل إلى الحلقة عن طريقة صيدها من البحيرات العذبة كبحيرة رشيد وإدكو والمصرية.
نترك عالم الاسماك ونأتي إلى القشريات أولها الجمبري ويوجد منه نوعان الأول ويطلق عليه الجمبري القزاز وذلك حيث أن جسمه يغطيه قشرة وتظهر جسم الجمبري كقطعة من الزجاج والصنف الآخر يطلق عليه اسم الجامبو وهو الأكبر حجما، أما الصنف الصغير من الجمبري فيطلق عليه البرغوت حيث أنه يستخدم كطعم لهواة الصيد بالسنارة ومن هذا الحجم الصغير قديما كان أهل الإسكندرية يصنعون منه طبق يسمى كفتة "الجمبري وهو لحم الجمبري بعد نزع قشره وخلطه مع حبيبات الأرز ويعجن ويقلى في الزيت وهي أكلة اسكندراني بعدها نأتي إلى سرطان البحر أو "الكابوريا"، ثم الاستاكوزا وهي من الأكلات الغنية بالفوسفور وهي تقدم في المطاعم الكبيرة.
بعده نأتي إلى فواكه البحر أو المحار واشهرها أم الخلول ثم الجندوفلي والجلاجولا وهي قواقع تتواجد مدفونة في الرمال وبلح البحر وهو يعلق بالصخر الأبيض ويعيش في مجموعات كسباطة البلح وكذلك يوجد كرة الشوك ويطلق عليها "الرتسا" وجميعها تقدم بجانب الطعام كفاتح للشهية، ونأتي إلى الرخويات وهما صنفان الكالاماري والسبيط وهو ملك التخفي بالحبر الأسود ، بعده نأتي إلى أخطبوط البحر ذو الممصات وهو متعدد الأرجل ويعيش في فتحات الصخور، وعند صيده يضرب على أرض صلبة أكثر من عشرين ضربة حتى تحل عضلاته وبعدها يسلخ جلده ويطهى بعد ذلك.
كل ما سبق ذكره هو بعض عينات من نوعيات كائنات عالم البحار والذي يعد قياسا على عالم اليابسة ثلث الموجودات، وأخيرا نأتي إلى سلحفاة البحر "الترسة" قديما بجوار الحلقة ومع شروق الشمس والخيوط الأولى كانت تتجمع عند الحلقة بنات بحري بالملايات اللف وهو الزي الرسمي قديما وكانت نحيلات الجسم واللاتي يرغبن في السمنة كل واحدة منهن تمسك بكوب زجاجي صغير وتملأه بدم الترسة المذبوحة من عائد الصيد وتتناوله الشرب طازجا ظنا منها أن الدم يساعد على السمنة وظلت هذه العادة والخرافة سارية يتناقلها جيل بعد جيل حتى قال الطب كلمته أخيرا وهي ان دم الترسة مادة متجلطة يصعب على المعدة هضمها وبالتالي تصيب المعدة الضعيفة بعسر هضم ، المهم أن لحم الترسة من اشهر أنواع اللحوم لكن لها طريقة في طهيها لا يتقنه إلا جداتنا والأقدمين من سكان بحري وعلى رأي المثل لأهل زمان يا جارية أطبخي يا سيدي كلف وبالهنا والشفا.
الشئ بالشئ يذكر قديما كانت توجد عشبة حمراء اللون تستخرج من الصخور تغسل من الرمال وتجفف وتخلط بالعسل الاسود ويتناولها اطفال المدارس في موسم الإجازة الصيفية وهي تعد كنوع من الشربة مفيدة لتطهير الأمعاء من ديدان الإسكارس ولم تعد موجودة لتقدم الطب.
كلمة أخيرة أن ماء البحر المالح في تركيبته الكيماوية الربانية شفاء لجلد الإنسان وجروحه كذلك كقطرة العين ، نرجو أن نكون بدائرة من الضوء على هذا الصرح الكبير ، حلقة الأسماك.

Login

Welcome! Login in to your account

Remember me Lost your password?

Don't have account. Register

Lost Password

Register