فتاوى الصيام
كتب: محمود المصرى
تلقت زهرة التحرير العديد من تساؤلات القراء عرضناها علي الدكتور شوقي علام مفتى الجمهورية ..
لا يشترط تكرار النية كل يوم فى رمضان
غير المحجبة مُحسنة بصيامها ومُسيئة بتركها الحجاب
استعمال العقاقير لتأخير الدورة الشهرية لما بعد رمضان جائز
السفر المتكرر يبيح الفطر فى رمضان ولكن الصوم أفضل
يسأل حمادة إبراهيم من الهرم هل يشترط تكرار النية كل يوم فى رمضان ؟
_«النية لها أهمية كبيرة فى الإسلام فهى التى تحدد هدف الإنسان ووجهته وقصده فى كثير من الأمور لذا يقول: (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته لما هاجر إليه)».وأضاف: «وفيما يتعلق بنية الصوم فرسول الله : (من لم يجمع الصيام قبل الفجر فلا صيام له) والإجماع هنا هو الإحكام والعزيمة، والنية محلها القلب ولا يشترط النطق فيها باللسان والنية فى الصوم إما ركن أو شرط على اختلاف الفقهاء ويرى بعض الأئمة أن النية واجبة التجديد لكل يوم من أيام رمضان ولابد من تبييتها ليلاً قبل الفجر، وأن يعين الصائم صومه إذا كان فرضاً بأن يقول نويت صيام غد من شهر رمضان».
«ويرى آخرون من المذاهب أن القدر اللازم من النية هو أن يعلم بقلبه أنه يصوم غداً من رمضان ووقت النية عندهم ممتد من غروب الشمس إلى ما قبل نصف النهار فإن نسى فى الليل أن ينوى إلى ما قبل نصف النهار حيث يكون الباقى من النهار أكثر مما مضى، وفى مذهب المالكية تكفى نية واحدة فى كل صوم يلزم تتابعه – كصوم رمضان».وقال: «من هذا نقول إذا استطاع الإنسان أن يعقد النية كل ليلة من ليالى رمضان فهذا هو الأصل والأفضل وإذا خاف أن ينسى أو يسهو فلينوِّ فى أول ليلة من رمضان أنه سوف يصوم بمشيئة الله تعالى شهر رمضان الحاضر لوجه الله ولم يشترط الأحناف النية فى صيام رمضان لكونه صيام فرض. فما دام قد أدى الصيام بامتناعه عن الطعام والشراب فيكون صومه صحيحًا».
تقول هبة عبد الله أنا غير محجبة فهل صيامي صحيح ؟
الزى الشرعى للمرأة المسلمة هو أمر فرضه الله تعالى عليها، وحرم عليها أن تُظهِر ما أمرها بستره عن الرجال الأجانب، والزى الشرعى هو ما كان ساترًا لكل جسمها ما عدا وجهها وكفيها، بحيث لا يكشف ولا يصف ولا يشف.وأشار جمعة إلى أن الواجبات الشرعية المختلفة لا تنوب عن بعضها فى الأداء، فمن صلى مثلاً فإن ذلك ليس مسوِّغًا له أن يترك الصوم، ومن صلت وصامت فإن ذلك لا يبرر لها ترك ارتداء الزى الشرعى .
وأضاف جمعة : المسلمة التى تصلى وتصوم ولا تلتزم بالزِّىِّ الذى أمرها الله تعالى به شرعًا هى محسنةٌ بصلاتها وصيامها، ولكنها مُسيئةٌ بتركها لحجابها الواجب عليها، ومسألة القبول هذه أمرها إلى الله تعالى، غير أن المسلم مكلَّفٌ أن يُحسِنَ الظن بربه سبحانه حتى ولو قارف ذنبًا أو معصية، وعليه أن يعلم أنَّ من رحمة ربِّه سبحانه به أنْ جعل الحسنات يُذهِبْنَ السيئات، وليس العكس، وأن يفتح مع ربه صفحة بيضاء يتوب فيها من ذنوبه، ويجعل شهر رمضان منطَلَقًا للأعمال الصالحات التى تسلك به الطريق إلى الله تعالى، وتجعله فى محل رضاه.وعلى المسلمة التى أكرمها الله تعالى بطاعته والالتزام بالصلاة والصيام فى شهر رمضان أن تشكر ربها على ذلك بأداء الواجبات التى قصَّرَت فيها، فإنّ من علامة قبول الحسنة التوفيقَ إلى الحسنة بعدها.
تسأل ريم احمد هل يجوز للمرأة تناول العقاقير لمنع نزول الدورة الشهرية ليتسنَّى لها الصيام فى رمضان؟
من الأحكام الثابتة فى الشرع أن المسلمة يجب عليها الفطر فى رمضان إذا جاءتها الدورة الشهرية إذ الفطر هو الذى يناسبها فى حالات الإعياء والاضطرابات الجسدية التى تصاحب الحيض؛ فلذلك أوجب الشرع عليها الإفطار، وهذا تخفيف من الله تعالى ورحمة منه سبحانه، وما يفعله كثير من النساء من أكل شيء قليل جدًّا أو شرب بعض السوائل ثم الإمساك بقية اليوم هو أمر مخالف لِحكمة الشرع الشريف فى التخفيف عليها والحفاظ على صحتها الجسدية والنفسية.
وأضاف جمعة: والمطلوب منها أن تفطر بشكل طبيعى فى فترة حيضها ولا حرج ولا لوم عليها؛ لأنها ستقضى هذه الأيام، حسبما جاء فى حديث السيدة عائشة أم المؤمنين رضى الله عنها قالت: «كَانَ يُصِيبُنَا ذَلِكَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ فَنُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّوْمِ وَلا نُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّلاةِ» متفق عليه.
وقال: أما استعمال العقاقير والحبوب التى تؤخر الحيض إلى ما بعد رمضان والتى تتيح للنساء إتمام الشهر كله بغير انقطاع فلا مانع منه شرعًا، ويصح منها الصوم، ويجوز لها اللجوء إلى هذه الوسيلة بشرط أن يقرر الأطباء أن استعمال هذه الحبوب لا يترتب عليه ما يضر بصحة المرأة عاجلاً أو آجلاً، فإن ترتب على استعمالها ضرر فهى حرام شرعًا؛ لأن من المقرر شرعًا أنه لا ضرر ولا ضرار، وحفظ الصحة مقصد ضرورى من مقاصد الشريعة الإسلامية، ومع أن استخدام هذه الوسيلة جائز شرعًا إلا أن وقوف المرأة المسلمة مع مراد الله تعالى وخضوعها لما قدَّره الله عليها من الحيض ووجوب الإفطار أثنائه أثوب لها وأعظم أجرًا .
يسأل مصطفي عبد الجواد اسافر يوميا فهل يجوز لي استخدام رخصة الفطر في رمضان ؟
رخص الله سبحانه وتعالى للصائم المسافر أن يفطر متى كانت مسافة سفره لا تقل عن مرحلتين وتُقَدَّران بنحو ثلاثة وثمانين كيلو متراً ونصف الكيلو متر، بشرط ألا يكون سفره هذا بغرض المعصية . وأضاف جمعة: أناط الشرع رخصة الفطر بتحقق علة السفر فيه دون نظر إلى ما يصاحب السفر عادة من المشقة: فصلح السفر أن يكون علة لأنه وصف ظاهر منضبط يصلح لتعليق الحكم به والحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً، فإذا وُجد السفر وُجِدَت الرخصة وإذا انتفى انتفت أمّا المشقة فهى حكمة غير منضبطة لأنها مختلفة باختلاف الناس فلا يصلح إناطة الحكم بها ولذلك لم يترتب هذا الحكم عليها ولم يرتبط بها وجوداً وعدماً.
واستدل علام بقول المولى عز وجل : «وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ» [البقرة: ١٨٥] فمتى تحقق وصف السفر فى الصائم ولم يكن إنشاؤه بغرض المعصية جاز له الفطر؛ سواء اشتمل سفره على مشقة أم لا، وسواء أتكرر سفرُه هذا أم لا، حتى لو كانت مهنتُه تقتضى سفره المستمر فإن هذا لا يرفع عنه الرخصة الشرعية. وأوضح جمعة أن المولى عز وجل بيّن مع ذلك أن الصوم خير للمسافر وغيره وأفضل مع وجود المُرَخِّص فى الفطر بقوله تعالى: «وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ» [البقرة: ١٨٤]، والصوم خير له من الفطر فى هذه الحالة وأكثر ثواباً ما دام لا يَشق عليه لأن الصوم فى غير رمضان لا يساوى الصوم فى رمضان ولا يُدانيه، فإذا ظن المسافر الضرر كُرِه له الصوم، وإن خاف الهلاك وجب الفطر.