راديو

رئيس مجلس الإدارة
منال أيوب

رئيس التحرير
محمد الاصمعي

نسخة تجريبية

قصص الحجاج على مر العصور تملأ الطريق من مصر إلى مكة.. تقرير

تعد رحلة الحج بذاتها، احد جوانب الهاة في العبادة، من حيث تحمل مشقة السفر، والتأمل في الطريق لصنع الله من مكونات الطبيعة الخلابة، وترصد "زهرة التحرير" في هذا التقريرر ما تداولته وسائل الإعلام العالمية، بهذا الصدد.

تعتبر طريق الحج المصرية إحدى أهم الطرق الأثرية التي تتميز بها الجزيرة العربية والتي تتنوع بين الطرق التجارية وطرق الحج أو الطرق المرتبطة بأحداث تاريخية مثل «طريق الفيل».

وتمتد طريق الحج المصرية من مدينة حقل في أقصى الشمال الغربي للمملكة حتى المدينة المنورة، وتمر بعدد من المدن والقرى والمواقع التي ترك فيها الحجاج آثاراً متعددة منذ بدايات العصر الإسلامي وحتى بداية قيام السعودية.

واستخدمت طريق الحج المصرية على مدار أزمنة مختلفة من قبل الحجاج المصريين إضافة إلى من كان يقيم فيما يُعرف الآن بليبيا وتونس والمغرب العربي، كما كان الدرب يُستخدم من قبل الحجاج القادمين من الأندلس.

وكانت قوافل الحجاج المصريين ومن رافقهم من أهل المغرب والأندلس وأفريقيا تعبر شبه جزيرة سيناء حتى تصل بلدة أيلة الواقعة على خليج العقبة، ثم تواصل السير جنوباً إلى أن تبلغ واحة مدين (البدع)، وكان لحجاج مصر بعد رحلتهم من مدين طريقان إحداهما داخلية تتجه إلى المدينة وتمر بوادي القرى، وهي الأكثر استخداما خلال القرنين الأول والثاني الهجريين (السابع والثامن الميلاديين)، أما الطريق الأخرى فتسلك ساحل البحر الأحمر وتمر بعدد من المحطات أهمها عينونة، والمويلح، وضبا، والعويند، والوجه، والحوراء، ونبط، وينبع، والجار، ثم يتجه إلى مكة المكرمة.

وتحوي الطريق عدداً من القلاع والبرك والاستراحات الأثرية التي أنشأها الحكام والولاة لخدمة الحجاج المصريين على مدى تاريخه.

ونظرا لأهمية طريق الحج المصرية وما يميزها من معالم أثرية متنوعة ممتدة عبر مسافة طويلة، وافق المقام السامي بتاريخ 29/12/1435هـ على طلب الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني لتسجيلها ضمن 10 مواقع في قائمة التراث العالمي.

وتنفذ هيئة السياحة والتراث الوطني جملة من مشاريع الترميم لقلاع وبرك ومواقع أثرية في مواقع مختلفة على طريق الحج المصرية تبدأ من محافظة حقل وتنتهي بمكة المكرمة والمدينة المنورة وتبلغ تكاليف هذه المشاريع أكثر من 50 مليون ريال.

ومن القلاع التي تم ترميمها على طريق الحج المصرية قلعة المويلح الأثرية التي أنشأت في عام 968هـ لحماية قوافل الحجاج عند نزولها إلى المويلح وحفظ أقوات الحجاج وأمتعتهم في القافلة وإدارة المنطقة، وقلعة الأزنم التي كانت هذه القلعة محطة رئيسية على الطريق لحفظ الأمن وودائع الحجاج القادمين على طريق الحج المصرية، وتنفذ الهيئة مشروع ترميم للقلعة بنحو خمسة ملايين ريال، كما تعمل الهيئة على تأهيل وترميم موقع الآبار السلطانية بوادي ضباء وموقع الآبار السلطانية بوادي عنتر حيث تم ترميم الآبار والبرك القائمة عليها وتأهيلها للزيارة.

وتحوي طريق الحج المصرية في محطاتها مواقع أثرية متعددة تنوعت بين القلاع والبرك والنقوش الأثرية التي تم الكشف عن العديد منها ضمن أعمال الكشوفات والتنقيبات الأثرية التي قامت بها «هيئة السياحة».

وأعد عالم الآثار السعودي البرفسور علي الغبان، بحثا موسعا عن طريق الحج المصرية أشار فيه إلى أن الطريق بمساريها الداخلي والساحلي نالت عناية الحكام المسلمين في العصور الإسلامية المبكرة، خصوصا حكام مصر الذين أقاموا عليها البرك وحفروا الآبار، ومهدوا العقبات الصعبة، وبنوا المساجد في بعض محطاتها، وأشارت المصادر إلى القليل من هذه المنشآت مثل الآبار السبع التي حفرت في مكان نزول الحجاج بوادي ضباء، وخان العشيرة بينبع، ومساجد بدر التي بناها ملوك مصر، وبركة خليص وقناتها، وتوجد اليوم على الطريق المصرية بعض الآثار التي ترجع إلى تلك الفترة المبكرة خصوصا على مسار الطريق الداخلي، مثل البركة المبنية على الطريق في عين النابع الواقعة قرب شغب، وبركة بدا، وآبار بلاطة الواقعة بين بدا والخشيبة، كما توجد على هذا المسار مئات النقوش العربية المبكرة أهمها تلك المنقوشة على صخور شهيبة بدا الشمالية.

ومن أبرز آثار طريق الحج المصرية آثار عينونة بمنطقة تبوك، التي تضم مواقع أثرية كثيرة بعضها يعود تاريخه إلى عصور ما قبل الإسلام، وبعضها الآخر إلى العصور الإسلامية، وتقتصر آثار العصور الإسلامية المتأخرة بها على موقعين، هما: مناخ قافلة الحجاج في رحلة الذهاب، ويقع على أرض واسعة مرتفعة عن بطن الوادي، وأطلال قرية صغيرة قريبة من مجرى العين تعرف في المصادر بحدرة عيون القصب.

وكشف فريق علمي سعودي بولندي مشترك مؤخرا عن آثار مستوطنة أثرية تعود إلى القرن الرابع قبل الميلاد في موقع عينونة الأثري بمنطقة تبوك.

واكتشف الفريق بقايا جدران ممتدة تحت الطبقة الأرضية الحالية، مما يشير إلى وجود مراحل سكنية سابقة في الموقع، كما كشفت البعثة عدداً من المعثورات الفخارية المتنوعة، والمطاحن والمدقات التي استخدمت في طحن الحبوب، أو ربما المعادن، وعدداً من الأصداف البحرية المتنوعة، فضلا عن العثور على بقايا مجموعة من الأفران داخل الغرف وبقايا صهر لخامات معدنية مختلفة.

ومن تلك الآثار، آثار تريم التي تقع على بعد 30 كم جنوب عينونة، وبها مواقع أثرية قديمة، وموقع لمحطة طريق الحج يقع على أرض مرتفعة قريبة من مجرى العين، فيه بركة كبيرة بنيت على الأرجح خلال العصر العثماني.

كما توجد آثار المويلح إحدى المحطات الرئيسية لطريق الحج المصرية خلال العصرين المملوكي والعثماني، وبها من آثار العصر المملوكي بئران تقعان في الناحية الشمالية من الواحة، أمر بحفرهما الأمير الحاج آل ملك الجوكندار في عصر السلطان محمد بن قلاوون (693-694هـ/698-708هـ)، ثم أصلحهما السلطان قانصوه الغوري (906-932/1501-1516م)، أما آثار العصر العثماني بالمويلح فأكثر عددا، وأهمها قلعة المويلح في ضباء التي تعد إحدى أهم القلاع التاريخية بالمنطقة والتي شهدت مشروع ترميم من قبل هيئة السياحة والتراث الوطني، وتعد قلعة المويلح أكبر قلعة على طرق الحج بالسعودية.

كما يوجد على الطريق آثار وادي الغال الذي يقع بين ضباء والمويلح، وبها بئران قديمتان مطويتان بالحجر الجيري المنظم، وآثار وادي الهاشة شمال مدينة ضباء، وتشمل آبارا تركية قديمة، وآثار وادي ضباء التي توجد في أعلى وادي ضباء على شكل نقوش كوفية يرجع تاريخها إلى القرنين الهجريين الثاني والثالث.

ويعد وادي الأزنم (الأزلم) من أهم المحطات على طريق الحج المصرية خلال العصرين المملوكي والعثماني، ويقع على بعد 40 كم جنوب مدينة ضباء، وبها بقايا خان بني للمرة الأولى في عصر السلطان المملوكي محمد بن قلاوون، فيما تقع آثار وادي عنتر على بعد 40 كم شمال مدينة الوجه، وتوجد به من آثار طريق الحج المصرية ثلاث آبار سلطانية، وبركتان مبنيتان بالحجر الجيري.

وتضم قائمة الآثار أيضا آثار وادي الزريب شرق مدينة الوجه، وبه كانت تنزل قوافل الحجاج المصريين ومن رافقهم، وتوجد اليوم بهذا الوادي ست عشرة بئرا سلطانية كانت تؤمن الماء اللازم لإرواء قوافل الحجاج.

كما توجد في أعلى الوادي قلعة تركية كبيرة أنشئت في عصر السلطان أحمد الأول سنة 1026هـ، لحفظ الأمن بمنزلة الحجاج، ولخزن ودائعهم وأقواتهم، ويوجد على مدخل القلعة نقش تأسيسي يؤرخ لبنائها. وأنشأ أمير الحج المصري رضوان بك الفقاري قلعة الزريب، وهو الذي تولى إمارة الحج المصري في الفترة من 1038هـ إلى 1065هـ.

ومن بين الآثار أيضا جبلا النهدين على مقربة من وادي العرجا، وتوجد في ممر النهدين آثار تمهيد وتسوية لمسار طريق الحج، كما يلاحظ وجود كسر فخارية من أنواع الفخار العثماني المتأخر، فيما تتربع آثار أكرا (بركة أكرا) على بعد 45 كم جنوب شرقي مدينة الوجه، وبها بركة وبئر لطريق الحج المصرية يعود تاريخ إنشائهما إلى العصر العثماني، وذكرت أكرا في المصادر الجغرافية العربية باعتبارها منزلا من منازل طريق الحج المصرية الساحلية.

وتقع مدينة الحوراء على بعد 10 كم إلى الشمال من مدينة أملج، واندثرت خلال القرن السادس الهجري (12م)، ولكن اسمها استمر يطلق خلال العصرين المملوكي والعثماني على منزل قوافل الحجاج بهذا المكان. كما توجد آثار لطريق الحج المصرية في الخنقة، وآثار وادي نبط، وآثار الطريق بين نبط وينبع النخل، ومجموعة من الوحدات المعمارية المبنية بالحجر في موقع المقارح الشمالي والجنوبي (20 كم جنوب شرقي نبط)، وينبع النخل.

وتعتبر آثار بدر من المحطات المشهورة على الطريق المصرية، واشتهرت بالآثار الإسلامية المتعلقة بغزوة بدر كمسجد العريش (مسجد الغمامة)، الذي وقف فيه الرسول صلى الله عليه وسلم، يدعو ربه بالنصر يوم بدر، ومقبرة شهداء بدر، والعدوتين، وتوجد ببدر في الوقت الحاضر نقوش تذكارية وتأسيسية تشير إلى ما أنشأه بها الحكام المسلمون من المباني لخدمة الحجاج، كما توجد بالموقع بقايا قنوات لعين بدر القديمة، وبقايا البركة التي أمر ببنائها السلطان المملوكي قانصوه الغوري.

وعلى الطريق بين بدر ومكة المكرمة توجد آثار لطريق الحج المصرية، ويرجع تاريخ أكثرها إلى العصرين المملوكي والعثماني، وأهم هذه الآثار: السبيل الأولى التي تقع على بعد كيلومترين جنوب مفرق الرايس، وسبيل محسن على بعد 5 كيلومترات من مفرق الرايس، وبئر الشريف أبو نمي بمستورة، وبقايا قلعة في رابغ، وآبار القضيم، وبرك خليص. وكانت خليص من المحطات المهمة على الطريق المصرية.

Login

Welcome! Login in to your account

Remember me Lost your password?

Don't have account. Register

Lost Password

Register