«قطر تعمل على زعزعتها».. ماذا يحدث في العلاقات «المصرية الأمريكية؟»..تقرير
لطالما كانت الولايات المتحدة تتبع سياسة "العصا والجزرة" في علاقاتها بالدول، وهي السياسة المعروفة عنها منذ تربعها كقطب وحيد بلا منافس بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، لتكافئ الدول المنصاعة لها، فتكافئها بـ"الجزرة"، أو تحرم الدول من عطاياها إذا ما أبدت استقلالية في قراراتها – والتي قد لا تتوافق مع هوى الأمريكان – فتبدأ بمضايقة تلك الدول اقتصاديًا بفرض عقوبات عليها أو تقليل المساعدات لها – وهو ما يعرف بسياسة "العصا".
وهي دائما ما تلوح بـ"الجزرة" و"العصا" عندما تريد ابتزاز الدول، وعلى الدولة أن تختار إما أن تشتري رضاها بالتنازل عن سيادية قراراتها، وإما أن تطرق بـ"العصا".
ورغم العلاقات الوطيدة التي تجمع كلا من مصر والولايات المتحدة، إلا أن قرار الإدارة الأمريكية بمنع المساعدات لمصر لم يكن الأول من نوعه، كما لن يكون الأخير، ففي 2014 تم منع 95.7 مليون دولار من المساعدات الاقتصادية والعسكرية، وجاء سبب منع المعونة – وفقًا لتحليلات الخبراء – في الوقت الحالي إلى دعوى سوء احترام حقوق الانسان والمعايير الديمقراطية في مصر.
نستعرض بداية تلقي مصر للمعونة الأمريكية على الصعيدين الاقتصادي والعسكري.
كانت المساعدات الأمريكية الاقتصادية والعسكرية هي الضمانة التي قدمتها الولايات المتحدة الأمريكية لمصر، في سبيل احتكار رعاية اتفاقية "كامب ديفيد" للسلام بين مصر وإسرائيل، والتي تم توقيعها في سبتمبر عام 1978، والتي أعلنها الرئيس الأمريكي جيمي كارتر، وتحولت في عام 1982 إلى منح لا ترد بواقع 3 مليارات دولار لإسرائيل، و2.1 مليار دولار لمصر، منها 815 مليون دولار مساعدات اقتصادية، و1.3 مليار دولار مساعدات عسكرية.
وتعد مصر ثاني أكبر دولة تتلقى مساعدات عسكرية من الولايات المتحدة بعد إسرائيل، حيث تحصل مصر على 1.3 مليار دولار من المساعدات العسكرية، تغطي هذه الأموال ثلث ميزانية المؤسسة العسكرية المصرية، ويتم تخصيص بقية المساعدات – البالغة 2.1 مليار دولار – في مشروعات البنية التحتية في التعليم والصحة والاتصالات ومرافق الصرف الصحي.
دائما ما نجد أن قرار خفض المساعدات الأمريكية مرتبط بمواقف السياسة المصرية، لا سيما الخارجية منها، ففي عام تم خفض مساعدات صندوق دعم الاقتصاد لمصر من 815 مليون دولار عام 1998 إلى 411 دولار في 2008.
في عام 1990 ثم إسقاط نحو 6.7 مليار دولار من الديون العسكرية المصرية لدى الولايات المتحدة بعد مشاركة مصر في حرب الخليج الثانية، ضمن التحالف الذي قادته الولايات المتحدة ضد الغزو العراقي للكويت، وهو نفس العام الذي أصدر فيه الكونجرس قرارًا في تخفيض المساعدات الاقتصادية لمصر، بما يوازي 40 مليون دولار سنويًا من مصر على مدار 10 سنوات، وذلك بعدما بدأت العلاقات المصرية الليبية في التحسن، في الوقت الذي كانت تخضع فيه ليبيا للعقوبات الاقتصادية من قبل الولايات المتحدة على خلفية حادثة سقوط طائرة على مدينة لوكيربي الأسكتلندية عام 1988، والمعروفة إعلاميًا بـ"حادثة لوكيربي".
في عامي 2002، 2003 أوقفت الإدارة الأمريكية مساعداتها لمصر، وقامت بتجميد حصتها العسكرية من المساعدات على خلفية رفض الإدارة المصرية بإقامة قاعدة أمريكية على أراضيها لإمداد الطائرات الأمريكية بالوقود، تمهيدًا للحرب الأمريكية على العراق، الحرب التي رفض الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك في المشاركة فيها أو حتى الموافقة عليها سياسيًا، القاعدة العسكرية التي رحبت بوجودها دولة قطر، مما دفع الولايات المتحدة بتوسيع قاعدة "العديد" الجوية لتكون تمركزًا للقوات الأمريكية.
وفي 2009 قرر الكونجرس قطع نصف المساعدات الاقتصادية لتصل إلى 200 مليون دولار.
وفي 2010 في فترة حكم الرئيس السابق باراك أوباما تم زيادة المساعدات الأمريكية 50 مليون دولار لتبلغ 250 مليون دولار.
ووفقًا لوزارة الخارجية الأمريكية فإن مصر حصلت على 80 مليار دولار مساعدات مالية على مدار 30 عامًا الماضية.
وفي المقابل، في 2012 أطلق الشيخ محمد حسَّان مبادرة بعنوان "المعونة المصرية" يتم جمعها من الشعب المصري؛ لإثبات أن مصر لن تخضع للولايات المتحدة، باستخدام الأخيرة للمساعدات كورقة ضغط على قرار الإدارة المصرية، ولن تؤثر على قراراتها السيادية، ولكن لم تستكمل هذه المبادرة واختفت بمرور الوقت.