كيف تؤثر حركة «السترات الصفراء» على اقتصاد فرنسا؟.. تقرير
قال البنك المركزي الفرنسي اليوم الاثنين إن الاحتجاجات التي تعصف بالبلاد ستبطئ النمو لما يقرب من الصفر في الربع الأخير من العام مما يعقد مهمة الرئيس إيمانويل ماكرون للتوصل إلى حلول وسط لتهدئة حركة (السترات الصفراء).
وتوقع البنك المركزي اليوم أن يحقق اقتصاد فرنسا، ثاني أكبر اقتصاد بمنطقة اليورو، نموا بنسبة 0.2 بالمئة فقط في الربع الأخير من العام انخفاضا من تقديرات سابقة بنمو 0.4 بالمئة.
وأحجم وزير المالية برونو لو مير عن الإفصاح عن تقدير للنمو المتوقع لعام 2018 لكنه توقع أن تتسبب موجة الاضطرابات في خفض الناتج القومي بمقدار 0.1 نقطة مئوية. وتوقع نائبه تحقيق نمو "بما يقرب من 1.5 بالمئة".
وسيثير التباطؤ قلق ماكرون الذي يواجه ضغوطا هائلة لاتخاذ قرارات جديدة لخفض الضرائب وتكاليف الضمان الاجتماعي حتى تزيد القوة الشرائية للأسر مع إبقاء عجز الميزانية أقل من السقف المسموح به في الاتحاد الأوروبي.
واستخدمت الشرطة الغاز المسيل للدموع ومدافع المياه والخيول في وجه المحتجين الذين رشقوها بالمقذوفات وأحرقوا سيارات ونهبوا متاجر لكنها واجهت عنفا أقل مما حدث السبت الماضي عندما شهدت العاصمة أسوأ أعمال عنف منذ انتفاضة طلابية عام 1968.
وقالت سلسلة متاجر برينتان التي أغلقت فرعها الرئيسي في باريس يوم السبت أحد أزحم أيام العام قبيل عيد الميلاد إنها شهدت تراجعا في المبيعات بما بين 25 و30 بالمئة منذ بداية الاضطرابات.
وشهدت المتاجر على مستوى البلاد تراجعا بنسبة 17 بالمئة في روادها وفقا لبيانات مجموعة (سي.إن.سي.سي) للمتاجر.
وفي مؤشر على زيادة مخاطر حيازة الدين الفرنسي، ارتفعت عائدات سندات الحكومة الفرنسية اليوم الاثنين مما أدى لاتساع الفجوة بين عائدات السندات الفرنسية والألمانية لأجل عشر سنوات إلى أكبر معدل منذ مايو أيار إذ بلغ حوالي 46 نقطة أساس في التعاملات المبكرة.
ويواجه ماكرون انتقادات لالتزامه الصمت إزاء العنف في باريس كما يتهمه معارضوه بتحويل قصر الإليزيه إلى خندق. ويأمل الوزراء في أن يهدئ خطاب ماكرون محتجي (السترات الصفراء) الذين يمثل تمردهم أقوى تحد أمام ماكرون منذ توليه السلطة قبل 18 شهرا.
وقال وزير المالية لو مير لمحطة (آر.تي.إل) "بلادنا منقسمة بشدة.. بين من يرون أن العولمة أفادتهم ومن يواجهون مشاكل لتدبير نفقات المعيشة ويقولون… العولمة ليست فرصة بل تهديدا… دور الرئيس هو أن يوحد البلاد".
وبدأت الاحتجاجات ردا على الضغوط على ميزانيات أسر الطبقة المتوسطة والطبقة العاملة. لكن الحركة تطورت إلى تمرد أوسع نطاقا على ماكرون.
وفي ضوء عجز الميزانية وعدم الرغبة في تجاوز قواعد الاتحاد الأوروبي، لن يبقى هناك مجال كبير أمام ماكرون لتلبية طلبات المحتجين برفع الحد الأدنى للأجور وخفض الضرائب وخفض أسعار الطاقة وتحسين ظروف التقاعد.
وقال لين جراهام المحلل في رابوبنك "الصورة الأشمل هي أن عجز الميزانية سيسوء والمشكلات السياسية ستزيد من صعوبة خفض الانفاق".
وتشير أحدث تقديرات للحكومة إلى عجز في الميزانية نسبته 2.8 بالمئة في 2019 أي أقل بقليل من السقف الذي يسمح به الاتحاد الأوروبي وهو ثلاثة بالمئة.
وأكد وزير المالية لو مير مجددا رغبته في تسريع خفض الضرائب لكنه أشار إلى أنه لا يفضل إعادة فرض ضريبة على الثروة قلصها ماكرون عندما تولى السلطة والتي أكسبته لقب "رئيس الأغنياء".