راديو

رئيس مجلس الإدارة
منال أيوب

رئيس التحرير
محمد الاصمعي

نسخة تجريبية

كيف تبنى قناعاتك؟

بقلم: محمد سمير

ذات يوم ذهب أحد المرضى إلى أشهر طبيب نفسى بغرض الاستشارة وطلب المساعدة، حيث كان يعانى منذ فترة طويلة من الاكتئاب الشديد، وقد سبق أن زار العديد من الأطباء، وجرب جميع أنواع العلاجات والأدوية، قبل أن يقرر فى النهاية اللجوء لهذا الطبيب الشهير.

وقد كان هذا المريض شاباً فى مقتبل العمر، يشعر بأن الحزن يحيط به من كل اتجاه، فيستيقظ من نومه فى كآبة وقلق وهم مستمرين، ويقضى يومه بالكامل فى اكتئاب يمنعه من الاختلاط بالناس أو حتى مجرد الخروج من باب منزله، وكانت حالته تسوء يوماً بعد يوم.

ذهب إلى الطبيب واشتكى له مما يشعر به، فنصحه بالتوقف الفورى عن تناول جميع أنواع الأدوية التى يواظب عليها، واستبدال ذلك بالذهاب إلى أحد المسارح المحلية، حيث يوجد عرض مسرحى كوميدى كبير، بطله أحد المُهرجين خفيفى الظل، والمشهور بفكاهته وتأثيره الكبير فى نفوس الناس كل ليلة، وقال له الطبيب: يا عزيزى إن الضحك هو العلاج الفعال لك، وهو الذى سينسيك كل مشكلاتك وهمومك، وكانت المفاجأة التى استقبلها الطبيب بدهشة كبيرة، هى رد المريض عليه عندما قال له: مع الأسف.. أنا هو ذلك المهرج!

إن الدرس المستفاد المهم من هذه القصة الملهمة هو ألا نحكم أبداً على أى شىء من مظهره، لأنه قد يحمل فى جوهره تفاصيل دقيقة لا نراها بأعيننا، ولكن لو عرفناها سيتغير حكمنا تماماً على هذا الشىء.

ولذا فإن عملية قيام الفرد ببناء قناعاته لا يصح أن تتم أبداً وفقاً لمعطيات وشواهد سطحية، بل لا بد أن تخضع لمعايير صحيحة، وتحقق عميق، نظراً لتحكمها الكامل فى مخرجات أفعاله.

تقول الحكمة الخالدة: «اغرس قناعة تحصد فعلاً، اغرس فعلاً تحصد عادة، اغرس عادة تحصد شخصية، اغرس شخصية تحصد مصيراً».. إذاً لو أردنا اكتساب عادات جديدة تساعدنا على التطور للأفضل فلابدّ من تغيير أفعالنا، ولتغيير أفعالنا لابدّ من تغيير طريقة التفكير، أى أن نكتسب قناعات ومعتقدات بناءة تؤدى إلى نتائج أخرى غير التى نحصل عليها الآن.

الكثيرون منّا يعتقدون أنّ الأحداث هى التى تسيطر على حياتهم، وأنّ المجتمع هو المسئول عمَّا وصلوا إليه، ولكن هذا غير صحيح، فليست الأحداث هى التى تشكل حياتنا، بل قناعاتنا (تصوراتنا الذهنية) حول ما تعنيه هذه الأحداث هى مَن يشكل حياتنا، حيث تمثل قناعاتنا أوامر لا يناقشها جهازنا العصبى، لذا فهى لها القدرة على تنمية أو تدمير كل إمكانياتنا سواء فى الحاضر أو المستقبل.

إن تغيير قناعات وفكر شخص ما هو السبيل لتغييره بالكامل، فإذا تغيرت قناعاته وتغير فكره وبنى فكره بشكل سليم، تغير هو تبعاً لهذا، وتأثرت شخصيته بهذا التغير، ومن أهم القناعات التى يجب الاهتمام بها هى المبادئ والقيم، لذلك يجب أن نركز جلَّ اهتمامنا على مصادر قناعاتنا، من أين نستمد مبادئنا وقيمنا الذاتية!. إن لدينا رصيداً ضخماً من التراث العظيم والخالد.. يجب أن نمجِّد هذا التراث ونحمله فوق كواهلنا وعلى أعناقنا وفى صميم قلوبنا، وأن نضعه نصب أعيننا ليكون خير دليل للمستقبل المشرق الذى نرجوه، ويجب أن نقنع الجيل الجديد بأهمية وضخامة وعِظم هذا الإرث الشامخ، والأهم من هذا كله كيف نقدم هذا التاريخ وهذه المبادئ على شكل فكر متكامل ومتفاعل مع هذا العصر.. إن العلم والصدق والعدل والوفاء والأمانة واحترام الوقت واحترام الآخرين وإتقان العمل والالتزام بالوعد، مبادئ وقيم يجب أن تُزرع وترسخ فى نفوسنا، ويجب أن نقدمها ونقدسها ونعتبرها أساساً تسير عليه مقومات حياتنا.

من المهم أن ندرك أن الفكر والقيم والقناعات من أهم الموضوعات التى يجب بحثها بعمق ورويّة.

أرجو قارئى الكريم أن تحتفظ بهذا المقال، وأن تعيد قراءته كل فترة، لكى يذكرك بأهمية أن تبنى قناعاتك على أسس صحيحة.

نقلاً عن الوطن

Login

Welcome! Login in to your account

Remember me Lost your password?

Don't have account. Register

Lost Password

Register