لا أرغب فى تعلم الشطرنج !
الأنبا أرميا :
يقول أحدهم: "لقد أدركتُ أن الكراهية تُضيع كثيرًا من الوقتوالطاقة؛ وأنا أفضل أن أوجِّه هٰذه الطاقة إلى الخير والعملالإيجابى". حين نلقى بأنظارنا فى رحلة التاريخ لحياة البشر، فإننانتعلم منها الدُّروس التى تُضيف إلى خبراتنا ما لم يمر بنا فى رحلةحياتنا. ومن أقسى ما قدم لنا التاريخ وأصعبه هى محاولات تخلصالبشر من بشر مثلهم! فمن ذا الذى لم يسمع بالمذبحة الأرمينيّةخلال الحرب العالمية الأولى، التى أُبيدت فيها القرى الأرمينيةبدعوى تعاونهم مع الروس والثوار الأرمن؟! وفى ٢٤/٤/١٩١٥م، أُلقىالقبض على مئات من أهم الشخصيات الأرمينية فى "إسطنبول" وأُعدموا فى ساحات المدينة. ثم نزحت العائلات من الأرمن هربـًا منالموت، فى رِحلات الموت فى صحارى بادية "الشام"! وفى عام١٩٣٧م، حدثت مجزرة "نانجينغ" بعد أن وقعت المدينة فى قبضةالجيش اليابانى الذى اقترف أعمالاً وحشية ضد المدنيِّين؛ ففى١٩/١٢/١٩٣٧م، كتب القَس "چيمس م. ماكالوم" فى مذكراته: "لاأعرِف: متى ينتهى هٰذا؟ لم أرَ فى حياتى مثل هٰذه الوحشية!…"، كماكتب "چون رابى" فى مذكراته، وهو كاتب ورجل أعمال ألمانى، وكانعضوًا فى الحزب النازى، ومر فى "نانجينغ" (عاصمة الصينالسابقة) وشاهد على المجزرة التى ارتكبها الجيش الإمبراطورىاليابانى فيها: "فى إحدى جوْلاتى فى المدينة، كانت هناك جثثمتناثرة كل ١٠٠-٢٠٠ متر، كانت تبدو كأنها أصابتها رَصاصة منالخلف فى مكان الظهر، بمعنى أنه جرى قتلهم وهم يحاولون الهرب. وشاهدتُ بأم عينى نهب الجيش اليابانى للمحال التِّجارية". وفىأثناء الحرب العالمية الثانية (١٩٣٩-١٩٤٥م)، تعرض اليهود فى"أوروبا" لحركات إبادة جماعية من قِبل الحكومة النازية وبعض منحلفائها؛ بغرض التصفية العرقية لهم، وعُرفت تلك المذابح باسمالـ"هولوكست" اليهودى. وفى مِصر، لا ننسى "مذبحة القلعة" فى١٨١١م، للتخلص من المماليك، و"مذبحة الإسكندرية" فى ١٨٨٢مالتى راح ضحيتها ٢٥٠ مصريًّا و٥٠ أوروبيًّا، و"مذبحة دنشواى" فى ١٩٠٦م، و"مذبحة شاكيد" التى راح ضحيتها ٢٥٠ مجندًامصريًّا ذُبحوا ودُفن بعضهم أحياء بأيدى حملة "شاكيد" العسكريةالتى قادها الضابط الإسرائيلى "بَنيامين بن أليعازَر". وما يزالهناك كثير من هٰذه البصمات المؤلمة المطبوعة على صفحات التاريخالإنسانى فصارت علامات خزى للضمير البشرىّ! إن الحياة هى أنيحيا الإنسان مع الجميع وبالجميع. إنها المبادئ التى تمنحالإنسان الحقيقى العالم بأسره. فعلى سبيل المثال، ما يزال الزعيم"غاندى" يمثل نموذجًا لمعنى محبة الإنسان، ومعنى الحياة، إذأحب الحياة للجميع فأخذ يردد: "لطالما لم أكُن أرغب فى تعلمالشِّطْرنج، لسبب لم يفهمه أصدقائى سابقًا وفهِموه الآن: وهو أننىلا أريد أن أقتل جيشى وجندى وكل ما على أرض الشِّطْرنج كى يحياالملك"! حقـًّا: "إن الوقوف على قدميك يمنحك مساحة صغيرة منهٰذا العالم، لٰكنّ الوقوف على مبادئك يمنحك العالم كله"! • الأسقفالعام رئيس المركز الثقافى القبطى الأرثوذكسى