بقلم :  :                إبراهيم خليل إبراهيم

يوم 30 مارس عام 1977 رحل العندليب عبد الحليم حافظ إلى دار الخلود،وبرغم مرور هذه السنوات إلا أن فنه مازال بيننا وهذه هى سمة الأعمال الأصيلة فقد أخلص حليم لفنه ووطنه وفي ذكراه نذكر أن محافظة الشرقية مسقط رأسه تحتفل بعيدها القومي في 9 سبتمبر من كل عام تخليدا لوقفة ابنها الزعيم أحمد عرابي ضد الخديوي توفيق بقصر عابدين  عام 1881 وعرض مطالب الشعب عليه ومن هذا المنطلق قرر الثلاثي الشرقاوي مرسي جميل عزيز وسيد إسماعيل وعبد الحليم حافظ تقديم أغنية في احتفالات المحافظة بعيدها القومي فقال مرسي جميل عزيز:سوف اكتب الكلمات وقال سيد إسماعيل:سوف ألحن الكلمات،أما الغناء فسوف يقوم به عبد الحليم حافظ ،وبالفعل كتب مرسي جميل عزيز:

يا بو رمش بيجرح ويداوي

وعيون يوصفها مغناوي

من غير ما تقول

رمشك قالي :

أنا من الزقازيق

أنا شرقاوي .

لكن القدر لم يمهل عبد الحليم حافظ لتقديم هذه الأغنية نظرا لسفرياته المتعددة للخارج من أجل العلاج والحقن،أيضا أعجب عبد الحليم  بقصيدة للشاعر نزار قباني عنوانها (أحلى خبر) فوضعها في خطته لتقديمها إلى جمهوره،وتقول كلماتها:

احبك جدا

كما لا احبك يوم بشر

ألم تقرأيها بخط يدي

فوق سور القمر

وفوق كراسي الحديقة

فوق جذوع الشجر

فوق السنابل

فوق الجداول

فوق الثمر

وفوق الكواكب

تمسح عنها غبار السفر؟

حفرت .. أحبك فوق عقيق السحر

حفرت حدود السماء

حفرت القدر

ألم تبصريها على ورقات الزهر

على الجسر والنهر والمنحدر

على صدفات البحار

على قطرات المطر ؟؟

ألم تلمحيها على كل غصن

وكل حصاة وكل حجر ؟؟

كتبت على دفتر الشمس

أحلى خبر

احبك جدا

فليتك كنت قرأت الخبر.

ولكن القدر لم يمهل العندليب لتقديمها لجمهوره،وكلمات هذه القصيدة مسجلة بصوت العندليب عبد الحليم حافظ في برنامج (زيارة لمكتبة فلان) والذي سجلته معه الإذاعية نادية صالح،وفي الشتاء الأخير الذي عاشه عبد الحليم  ضرب في السهر أرقاما قياسية وخطى خطوات جادة لإنتاج فيلمه (لا) قصة مصطفى أمين والمعلق منذ 8 سنوات،وكان من المقرر أن يغنى فيه (يامركبي سيري) و (والله ماأقول الآه) و(فيه ناس) من كلمات محمد حمزة،كما وضع عبد الحليم الخطوات النهائية لمشروع عربة التليفزيون ذات المليون دولار،وبدأ يحفظ لحن  محمد عبد الوهاب (من غير ليه) ولكن القدر كان أقوى،ولأنك فنك مازال معنا ياحليم أهديك قصيدتي (عندليب النغم) والتي ضمها ديواني احكي وقول ياورق :

ضاع النغم مـ الوتر

والوش جننى

والفن حاله اتعوج

وانا لسة مستنى

تعالى عيد فننا

يا عندليب غنى

يا مسك أهل النغم

يا كف متحنى

هاجرت طيور الهوى

ما اعرفشى راحت فين

كل الأصيل اغترب

وتاهت العناوين

كل اللى فاضل نشاز

قاعد على الصفين

زى الردئ الهزيل

عايم على الميا

أما التقيل الأصيل

ساكن فـ عمق الطين

يا عندليب النغم

شوف الطرب مالُهْ

دا حاله أصبح عدم

تعالى شوف حاله

صار النغم درَبُكهْ

فى كل أحوالُه

الكل غاوى غُنا

فرحان بمواله

والحظ لو يخدمه

يبقى النقيب خالُه

تمشى الأمور والسكك

تِسلك وتحلى له

يا عندليب النغم …

فن السمع مظلوم

والعين فـ عصر الصور

زادت همومها هموم

يا عندليب النغم

سيرتك خلود فـ خلود

فنك برغم السفر

فوق الجميع موجود

والغصن مهما دبل

يفضل عبيره يجود

والتوبة فيها الشفا

زى الهوى وموعود

الفن فين يا حُلم ..؟

عمر اللى راح ميعود ؟!.