راديو

رئيس مجلس الإدارة
منال أيوب

رئيس التحرير
محمد الاصمعي

نسخة تجريبية

محروسة …

ريم أبو الفضل
ريم أبو الفضل

ريم أبو الفضل

محروسةٌ هى……..

 كانت مطمع لكل عين ..قمرٌ أصابه الخسوف .. شمس ألّم بها الكسوف
مازالت بجمالها رغم مسحة الحزن الذى رسمها الزمن على وجهها، أوقعها حظها العثر فى قبضة طاغية بعد الآخر حتى كان وقوعها فى  أسر ملك ظالم مغتصب لأكثر من ربع قرن ، بكاها أهلها، ونعاها معارفها ، وانتظرها جيرانها، لم يفكر أحدهم فى إنقاذ محروسة من براثن الأسر، ربما لم يجرؤ خشية بطش الملك، وخيفة قوته وعسكره
ظلت محروسة تئن فى صمت ، سلبها الملك شبابها وصباها ، قوتها وإرادتها ..هيبتها وهبتِها

اشتاق الجميع لعودة محروسة، واشتاقت هى لأهلها، طالب شباب البلدة بالإفراج عنها فسُجِنوا…طالب الشيبة بتحسين أوضاعها فى الأسر فُهُددوا، وصمتوا

طال السجن، وزاد الهم،وازداد بطش رجال الملك ،وحاشيته وزبانيته

خرج بعض الشباب فى اعتراض على ظلم حاشية الملك ، فما كان منهم إلا نُكَل بهم ، وأطلق عليهم نيران عسسه، سقط منهم قتلى وجرحى، مما استفز باقى أهلهم للخروج معهم
أيام عديدة مرت، والناس يزيد عددها، ويزيد الملك من عتاد حاشيته

ارتفعت مطالب الناس ، كلما ازداد بطش رجال الملك حتى كان مطلبهم رحيل الملك……

انضم شيوخ البلد، وشبابها، وشيبتها، ورجال الدين، ونساء وأطفال، حتى سقط الملك وانقلب عليه عسكره ، وخلصوا محروسة من أسرها

خرجت محروسة من غياهب السجون ودياجيرها

فرح الجميع ، وطالب بعضهم بإعدام الملك ، وطالب آخرون بعزله فقط أو نفيه

وانتشرت أخبار عن مرض الملك فى محبسه تارة ، وأخرى عن وضعه المُرفه المُنعم

انشغل الناس بأخبار الملك عن محروسة ، وتولى إدارة البلاد كبير قائدى الجيش، وهلل الناس لذلك، ونسيوا أن جيش الملك وعسكره ولاؤهما للملك

مارس العسكر نفس أساليب القمع على الناس ، حتى ثاروا مرة أخرى ولكنهم كانوا منقسمين
قسم يتصف بالولاء للعسكر ، وقسم يثور عليه

ترك العسكر الحكم لشيوخ البلد ورجال الدين الذين مارسوا سلطة دينية على الشعب ، الذى لم يشعر بتحسن الأمور فثار مرة ثالثة عليهم

انتهز العسكر الفرصة وعاد للحكم مرة أخرى وسط من ثاروا على رجال الدين

ازداد الناس انقساما
فريق مع الملك ، وفريق مع العسكر ، وفريق مع رجال الدين ، وفريق ضد كل هؤلاء

نسى الناس محروسة وانشغلوا بصراعهم ، لم تعد القضية تخليص محروسة من أسر الملك ولا العسكر ولا رجال الدين المتسلطين
لم يعد اهتمام الناس الوقوف بجانب تلك الجريحة المنهارة ، ولا استعادة كرامتها

وجّه الناس أسلحتهم فى وجوه بعضهم، ونسيوا ما تلاحموا وتكاتفوا عليه من قبل

احترب الجميع ، وأصبح الكل فى عداء وفرقة
فكت محروسة قيودها ، ولكنها لم تنل حريتها…………….

لم يهتم أحد بحريتها الفعلية، ولم يتذكر أحد أن الهدف كان تخليص محروسة من الأسر، لتصبح تاجاً مُرصعا على هامة الخلود، وقلادة حرة فى صدر الزمان

خرج الملك من سجنه  ، مات  الشباب فى حروب أهلية، عاد الشيبة لمواقعهم ساكنين، ترّملت النساء، ويُتمت الأطفال ، وفتحت السجون مرة أخرى لكل من فتح فاه

وتاهت محروسة ولم تعد حتى اليوم…..

Login

Welcome! Login in to your account

Remember me Lost your password?

Don't have account. Register

Lost Password

Register