محطات أدت إلى وقف برنامج إبراهيم عيسى
محمد أبوزيد
اشتهر الإعلامي إبراهيم عيسى دائما بالنقد اللاذع، والأراء غير التقليديه، التي كانت تثير حالة من الجدل في الشارع المصري، وبالعودة إلى عام 2008، نسترجع قصة القبض على إبراهيم عيسى، والحكم عليه بشهرين، بسبب نشره لاخبار"مغلوطه" عن حالة مبارك الصحية، إلا أن الأخير تدخل ليعفو عنه، بزعم انه ينأى عن تواجد خصومة بينه وبين أفراد شعبه.. رحب عيسى بالقرار، وكذلك الصحافة المصرية، لكن عيسى استمر في نشر أفكاره ، التي يراها البعض غريبة، بل أحيانا "مخيفةً"، حتى أتهمه البعض بالإلحاد، وأدخلوه في زنزانة التخوين الشهيرة، التي يدخلها كل من عبر عن الواقع بمنظور مختلف، أو كان له رأي يختلف مع الأراء والمبادئ السائدة في المجتمع.. عيسى كان مرحباً به في عهد الإخوان، وبالرغم من هجومه الشديد عليهم، وكان ذلك كان مباحاً في ذلك الوقت.. وحتى في ظل الأوضاع الحالية، كانت أرائه مقبولة، وتمت استضافته في مؤتمر الشباب الأخير، لكنه لم يتخلى عن عادته الشهيرة هناك أيضاً.
واستمر الوضع على هذا الحال حتى شدد إبراهيم عيسى الهجوم على أعضاء البرلمان، فتهم رئيس البرلمان أنه يظهر ولاءً مبالغ فيه للحكومة، منوهاً أن الحكومة لم تطلب منه ذلك، كما شكك أيضا في أهلية الدكتور علي عبد العال لرئاسة البرلمان، مشيراً إلى خلفياته السياسية البسيطة، وتابعيته للحزب الوطني المنحل، لا تمكنه من إدارة برلمان بحجم البرلمان المصري.
فكان رد عبد العال مفاجئ للإعلاميين، فأبدى الإعلامي تامر أمين تحفظه على رد عبد العال، لأنه لوح بمشروع قانون الصحافة والإعلام، كرد على إساءة عيسى، وأضاف آمين، أن البرلمان هو "حكم" فيما يخص تشريع القوانين، ومن غير اللائق أن يكون خصم وحكم في الوقت ذاته، وأكد أن تلويح رئيس البرلمان بقانون الصحافة والإعلام، يحمل في طياته تهديداً لحرية الإعلام في مصر، وأشار إلى أن عبد العال رجل منضبط اللسان، وأن ما حدث قد يكون ذلة لسان.
وأخذ إبراهيم عيسى يتفنن في أشكال النقد والهجوم على البرلمان وأعضائه، وأنتقاد سياستهم في إدارة الأزمات، حتى إنه وصفهم بالمنافقين، حين طالبوا بتشريع قانون لمد فترة الرئيس المنتخب، مؤكداً أن الرئيس لم يطالب بفترة رئاسية جديدة، وأن جميع المحاولات لمد فترته الرئاسية تعتبر " تبرع بالنفاق"، وأشار إلى أن البرلمان في هذه الفترة، أسوء من مجلس الشعب في فترة مبارك، وتوجد به حالة من القمع، بالإضافة إلى الفقر في تعدد الأصوات.
تضامن ساويرس مع عيسى وضعهما في وجه البرلمان..
كان ساويرس من الداعمين لأفكار إبراهيم عيسى، وعندما هاجم النائب علاء عابد، رئيس الهيئة البرلمانية للمصريين الأحرار عيسى، بسبب إساءته للبرلمان، وطالب بعمل بلاغات رسمية ضده، فأثار ذلك غضب المهندس نجيب، ، وقال ساويرس: "إبراهيم عيسى صديقي، واللي يهاجمه ميقعدش في مكانه"،
الأمر الذي رفضه رئيس الحزب، وأعضائه، وقال عابد في مداخلة تيلفونية على قناة "دريم"، أنه لا يمكن إدارة الحزب كشركة، و"المصريين الأحرار" أصبح حزب كبير، ولا يمكن أن يتم توجيهه لتبني وجهات نظر تخدم شخص ما.
وشرع النواب في مهاجمة إبراهيم عيسى في وسائل الإعلام، وعلى رئسهم مرتضى منصور، فقال "اللي هيهاجم مجلس النواب هياخد بالجزمة، لأننا في حالة حرب، ومش هنسمح لأي شخص يسب مجلس النواب، لأنهم أشرف من أي خائن عميل"، كما هدد مرتضى بفضح إبراهيم عيسى، مؤكداً أنه يمتلك ما يدينه، وأشار إلى مكالمة تيلفونية دارت بينه وبين طارق نور مالك قناة القاهرة والناس، بهدف الضغط عليه لمنع عيسى من مهاجمة البرلمان، كما هدد النائب مرتضى منصور بإغلاق قناة القاهرة والناس، وواصل البرلمان حملات الضغط لوقف برنامج إبراهيم عيسى، المسيئ إليهم، وفي الواحد والعشرين من شهر ديسمبر الماضي، لم يخرج برنامج إبراهيم عيسى كالمعتاد، لكن تم بث حلقة مسجلة، وتوقع الجميع حينها أن برنامج إبراهيم عيسى يحتضر.
وبالفعل أعلنت القناة وقف برنامج إبراهيم عيسى مع بداية العام، وأصدرت القناة بيانا بهذا الصدد، وكان نصه كالأتي:"حرصـًا من قناة "القاهرة والناس" على مبادئ الشفافية والمصارحة والمهنية، فإنها تود إبلاغ مشاهدى برنامج ‘مع إبراهيم عيسى’ بأن الإعلامي الكبير تقدم باعتذار إلى إدارة قناة "القاهرة والناس"، معربـًا عن رغبته في عدم الاستمرار في تقديم برنامجه التليفزيوني على شاشتها اعتبارًا من مطلع يناير ٢٠١٧.
وقدم إبراهيم عيسى لإدارة القناة أسباب قراره ودوافعه ومسوغاته، وتطلعه إلى التخفف من بعض أعباء العمل، للتفرغ والتركيز على مشروعاته الكتابية والإبداعية في الفترة المقبلة.
إن "القاهرة والناس" تُكّن للإعلامي الكبير إبراهيم عيسى احترامًا وتقديرًا لشخصه وثقافته وتاريخه، من إثراء للحوار الوطنى فى التعبير عن الرأى و الرأى الأخر، ونتمنى له -بكل ما في النفس من مشاعر طيبة- كل التوفيق في خطوته المقبلة.
في الوقت نفسه، فإنها تعاهد مشاهديها على مواصلة تقديم محتوى تليفزيوني حر ومميز يمس اهتمامات المواطن بأعلى قدر من المهنية والحريّة مع الحرص فوق كل شيء على المصلحة العامة لمصرنا الغالية".
ولم يكن نص البيان الإعلامي لإبراهيم عيسى مختلفاً عن ما أصدرته القناة، ولكن كان يحمل مزيد من الإيضاح عن كواليس وقف برنامجه، وكان نصه كالتالي: "لا أجد من بلاغة اللغة ما يبلغ مدى امتنانى وشكرى
لجمهور برنامج (مع إبراهيم عيسى) على محطتنا العزيزة "القاهرة والناس"، فقد أحاط الجمهور برنامجى باهتمام بالغ وتفاعل مدهش وجدل متجدد ونقاش واسع جعل حلقات البرنامج على درجة من التأثير الذى عبر حدود تأثير مجرد برنامج تليفزيونى مما ألقى عليه أعباء وتعرض معه لأنواء وأحيط بالضغوط، ففى الوقت الذى ساهم فيه فى اتساع عقول، تسبب كذلك فى ضيق صدور، وبكل حب لمن أحب البرنامج ولمن اختلف مع صاحبه".
وتابع البيان، "بكل اعتزاز برأى من وضع البرنامج موضع التقدير وبكل تفهم لمن أثقل البرنامج قلبه بالغضب والكراهية، فإننى أتقبل أن تكون هذه اللحظة مناسبة للتوقف عن تقديم البرنامج، حيث أظن أن مجريات الوقائع وطبائع المقادير تقود لأن أترك مساحة التعبير التليفزيونى لمرحلة أخرى، ووقت لعله يأتى من هنا فإننى أوجه شكرًا وفخرًا عميقًا للإعلامى الكبير طارق نور على مساحة النور الهائلة التى قدمها لى من خلال شاشة "القاهرة والناس" والتى كنت أعبر فيها عن قناعاتى وحدى دون أى تدخل أو تداخل بالمشاركة أو المسؤولية من هذه المحطة الجميلة ذات الروح المختلفة والجرأة المميزة".
كما اختتم إبراهيم عيسى بيانه الإعلامى، "أعرب عن امتنانى لزملائى المتألقين نجوم العمل الصحفى فى فريق إعداد البرنامج الذين كانوا نعم الزملاء وخير الرفقاء".
وجاءت ردود الأفعال متفاوته، فاستنكر الإعلامي عمرو أديب بيان زميله، وقال أن جميع الإعلاميين تتم مهاجمتهم، بينما طالب المفكرين والصحفيين بالكشف عن الأسباب الحقيقية، التي تقف خلف وقف برنامج الإعلامي إبراهيم عيسى، وأشار مكرم محمد أحمد، نقيب الصحفيين الأسبق، إلى حساسية مجلس النواب من النقد، وأكد الصحفي جابر القرموطي على ان ما يحدث مع إبراهيم عيسى يضر بالدولة المصرية، كما تصدر هاشتاج إبراهيم عيسى تويتر، مبدين مخاوف من تدني سقف الحريات في مصر.