مختار نوح : تصرفات مرسي داخل المحاكمة لا تليق برئيس دولة.. والغباء السياسي سبب أزمة مصر
حوار / أحمد إبراهيم عصر
عدسة / إبراهيم صبحي
لا يوجد علي الساحة من يصلح لرئاسة مصر
أبو إسماعيل لا يحظي بشعبية كبيرة.. ومحاكمته ستأخذ مجراها الطبيعي
الشعب قد يلفظ الإخوان إذا استمروا فى طريقهم
"النور" أكثر نضجًا من الإخوان.. ويجب أن يبتعد عن الحديث باسم الإسلام
تمرد أدّت دورها كما يجب والخلافات داخلها "طبيعي"
التيار المدني لا يجتمع أبدا.. وجميع الجبهات الموجودة ستنتهي قريبًا
ضاقت مصر علي أهلها وضاق الحال علي ساكنيها من كثرة ما يرونه كل يوم من مشاهد جعلت مشاعرهم تتبلد تجاه ما يفترض أن ينفر منه كل إنسان, فهذا هو حالنا الذي وصلنا إليه نتيجة التناحر المستمر والصراع بين جميع القوي حول "تورتة" مصر, ألا وهي "كراسي الحكم" فيها, الأمر أصبح معقدًا وفي حاجة إلي "شامبليون" آخر ليفك شفراته كما قام الفرنسي "شامبليون" بفك رموز حجر رشيد, وعن جماعة الإخوان المسلمين والأسباب التي أدت بها إلي ما هي فيه الآن, ومصير هذا الصراع المشئوم في مصر, تحدثت "زهرة التحرير" إلي القيادي السابق في جماعة الإخوان المسلمين مختار نوح, وعضو المجلس القومي لحقوق الإنسان, لنقف حول رؤيته المستقبلية لما ستئول إليه البلاد ومصير الجماعة التي انشق عنها نتيجة هذا التخبط الذي نراه, وإلي نص الحوار..
في البداية أي مدي ترى تأزم المشهد السياسي الحالي في مصر؟
الأزمة المصنوعة التي نراها الآن في مصر هي إلى زوال؛ ويجب أن نعلم ذلك جيدًا, ولكن إذا أردنا أن نعرف سببها الرئيسي فتمكن في الغباء السياسي, والذي نتج عن حركات دينية أدعت أنها تعمل من أجل الدين؛ بينما هي في حقيقة الأمر كانت تستهدف السياسة, وفي ذات الوقت لم تكن تملك ذخيرة سياسية تتمثل في الذكاء الاستراتيجي وحسن التخطيط ودراسة النتائج, وإنما دخلت في هذا المعترك وهي تملك ديكتاتورية متعسفة جدًا داخل كل واحدٍ منهم, وتربوا علي هذه الديكتاتورية, حيث استولي علي إدارته هذه الجماعة مجموعة من الأشخاص الديكتاتوريين, مثل خيرت الشاطر, وحمود عزت, وغيرهم, ومجموعة أخري من الذي يختفون خلف الدين, بينما التجارب تثبت أنهم لم يسعوا إلي تطبيق الدين حينما مكنهم الله في الأرض.
أما الفريق الثاني الذي يعد سببًا رئيسيًا أيضًا في هذه الأزمة هو فريق النخب, وهو فريق أشد غباءً من الفريق الأول, أو دعنا نقول معظمهم أشد غباءً, وذلك لأن الفرصة جاءت إليهم مرتين, ولكنهم كانوا في كل مرة يضيعون علي أنفسهم هذه الفرصة ويسلمونها إلي غيرهم, وهناك أيضًا فريق ثالث, وهم أولئك الذين يطلقون علي أنفسهم الجبهات, سواء كانت جبهات ثورية أو جبهات إنقاذ وما إلي ذلك, وهؤلاء ثبت أنهم لا علاقة لهم بالعمل الجماهيري.
إذا كان الوضع كذلك فأين يكمن الحل من وجهة نظرك؟
كل الطرق الآن أصبحت تسعي إلي الحل, وإذا ما بحثنا عن الحل لن نجد حلًا سوي أن تُحل هذه الجبهات كلها نفسها, وأن تُحل جماعة الإخوان المسلمين كذلك نفسها, وذلك في حالة إن لم يقم الناس هم بحلها, وأن يبدأ الجميع بصورة أخري وبنموذج آخر, وهنا سيفرض علي الإخوان المسلمين التفاهم, خاصة بعدما يرون أن الشارع كله ضدهم, فإن كان الشارع الآن معظمه ضد الإخوان فإنه غدًا سيكون كله ضدهم, فضلًا عن ضرورة أن تحل الجبهات السياسية الأخرى نفسها وأن تعمل علي الاندماج مع الآخرين في وعاء أفقي واحد.
بعدما علم الجميع ما دار داخل محاكمة الرئيس السابق.. بم تفسر موقف مرسي أثناء المحاكمة؟
بكل تأكيد أنا أرفض مبارك رفضًا شديدًا فهو قاتلًا لتسعين مليون مواطن مصري, ومبارك كان أذكي بكثير في إدارة أزمته, علي العكس من مرسي الذي يبدو أنه قد كتب عليه ألا يدير شيئًا, سواء كانت مصر أو الأزمة التي نعيشها أو حتى نفسه وحياته الشخصية, حيث كانت إدارته للأزمة المصرية مثلها مثل إدارة شاب أو صبي في الجامعة قبض عليه في المظاهرة, وذلك من خلال تصرفاته الغريبة وغير المفهومة أثناء المحاكمة من إعطاء ظهره للمحاكمة أو مخاطبته للقاضي ويقول له أنا رئيسك الشرعي, ويهتف داخل قاعة المحاكمة ويرفع يده بعلامة رابعة, فهذه كلها حركات لا تليق برئيس دولة, وإنما قد يفعلها لاعب صغير السن يريد أن يظهر أمام الكاميرات حتى يكون حدثًا وحديث الكثير, أو قد يفعلها شاب قبض عليه أثناء تواجده داخل مظاهرة في رابعة, وما إلي ذلك, إنما أن يفعلها رئيس دولة أو رئيس مجلس شعب أو رئيس مكتب سياسي ونائب رئيس حزب مثل عصام العريان فهذا أمر في الحقيقة أن حزين جدًا من أجله, ومن هنا فأنا أري أن إدارة الرئيس مرسي لأزمته أرجو أن يسلمها إلي غيره.
كيف تري مصير هذه المحاكمات وما توقعاتك للعقوبات التي يمكن توقيعها علي مرسي وقيادات الإخوان؟
أري أن هذه المحاكمات ستنتهي أغلبها بإصدار أحكام بالسجن بمدد متفاوتة, وبالتأكيد سيكون بها أحكام براءة , وغالبًا لن نري أحكامًا بالإعدام في هذه المحاكمات.
ما توقعاتك لمحاكمة الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل والتي تم تأجيلها ليوم الثامن عشر من نوفمبر الجاري؟
في البداية أود التأكيد علي أن حازم صلاح أبو إسماعيل لا يحظى بشعبية كبيرة كما يردد البعض, وإن كان له شعبية كبيرة من قبل إلا إنها قد اندثرت حاليًا, وإذا قارنا بينه وبين الدكتور محمد مرسي, فإن مرسي له جماعة علي الأقل تتخطي المائتىن أو ثلاثمائة ألف, علي العكس من حازم الذي ليس له جماعة أو شعبية.
أما عن المحاكمة فإنها ستكون كغيرها من المحاكمات وستأخذ مجراها الطبيعي وستقدم أوراق التزوير وإن ثبت عليه الجريمة يُدان وإن لم تثبت تظهر براءته, ولن يكون هناك أي وجود للجانب السياسي في هذه المحاكمة أو غيرها فلن يتم تسييسها وإنما ستأخذ مجراها القانوني والطبيعي.
كيف تري مستقبل جماعة الإخوان المسلمين خلال الأعوام القادمة؟
إذا استمر الإخوان المسلمون فيما هم فيه ستقوم في مصر حرب أهلية حقيقية أو حرب إبادة, ولن يكون أمام الناس حل سوي أن يقوموا بإبادة الإخوان المسلمين, لأن الظاهرة التي رأيناها في العمرانية من حرق منزل أحد الذين رفعوا شعارات رابعة وألقوا الحجارة علي الجنازة, فهذه المسألة إنما هي نذير خطر للإخوان وإن لم تفهمها إدارة الإخوان كالعادة فستكون النتيجة إلي أن يتطور الأمر إلي حرب إبادة من الناس وليس من الحكومة.
هل حقًا تحولت جماعة الإخوان المسلمين إلي جماعة إرهابية كما نسمع الآن؟
ليست الجماعة علي قدر ما هي المفاهيم, أو دعنا نقول المفاهيم التطبيقية هي التي أصبحت إرهابية.
ما موقفك من الأصوات التي تنادى الآن بالمصالحة مع جماعة الإخوان المسلمين؟
لا أري أصواتا تنادي بالمصالحة مع جماعة الإخوان المسلمين, فلا يوجد ما يسمي مصالحة ولم تطرح من الأساس, فكل ما تم نشره حول المصالحة مع جماعة الإخوان إنما هو كلام عار تمامًا من الصحة ولا أساس له, ولم أر حتى الآن شخصًا واحدًا قدم شيئًا واضحًا عن المصالحة وإنما هي جميعها أحاديث متداولة.
كيف تري مواقف الدكتور عيد المنعم أبو الفتوح بعد 30 يونيو خاصة بعد تعرضه للهجوم كثيرًا خلال الفترة السابقة؟
الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح حر في جميع تصرفاته, فهو مواطن مصري وقائد حزب وله رؤيته التي لا نتدخل فيها بغض النظر إن كانت صحيحة أو خاطئة.
ما تقييمك لحزب النور السلفي في الفترات الأخيرة خاصة بعد 30 يونيو ؟
أري أن حزب النور السلفي في إدارته لهذه المرحلة أكثر نضجًا من إدارة جماعة الإخوان المسلمين بكثير, ولكن يجب أن يعلموا أنهم مطالبون بأن يتخلوا كثيرًا عن الحديث باسم الإسلام ويتحدث فقط باسم مصر خلال المرحلة المقبلة, حتى يتمكن من أخذ الصبغة الوطنية, إما الحديث باسم الدين فليس حكرًا عليه فقط, فإذا أراد أن يحتكر الحديث باسم الإسلام فبكل تأكيد سيلقي هجومًا كبيرًا وعزلًا من المجتمع ككل, فعليه فقط أن يتحدث باسم مصر.
كيف تري دور تمرد في الفترة القادمة وبم تفسر ما نراه الآن من خلافات داخل الحملة نفسها؟
ما نراه الآن من خلافات داخل حملة تمرد إنما هو أمر طبيعي ولا يحتاج إلي تهويل أو نقاش كبير, لأن المشاكل أصبحت كثيرة وأصبحنا نراها بشكل كبير بين الجميع الآن, ولكن يجب أن نعلم جميعًا أن حملة تمرد أدت دورها الحقيقي والمنشود في إنقاذ مصر, وهو الأمر الذي يشغلني وما دون ذلك لا أنظر إليه سواء كان هناك خلاف بينهم أو لا, لأنهم في النهاية نجحوا في تجميع الشعب المصري في ثورة حقيقية ويجب أن نقول لهم شكرًا, وهذا هو دورهم وقد انتهي وإنما يبقي دورهم كقيادات ويدخلوا في النخب وفي الشعب.
ما تقييمك للجنة الخمسين حتى الآن وما توقعاتك للدستور القادم؟
حتى الآن لم يظهر دستور يمكن أن نحكم عليه من حيث كونه جيد من عدمه إلا أن ما يجب الاعتراف به أن لجنة الخمسين المنوطة بتعديل الدستور حتى وقتنا هذا ليست علي المستوي المطلوب, ولكن من خلال ما نره فإن هناك نصوص تم إدراجها بالدستور لها قيمة كبيرة جدًا ولا يمكن إغفالها.
كيف تري إلغاء قيام الأحزاب علي أساس ديني في هذا الدستور القادم كما تم الإعلان عنه؟
إلغاء قيام الأحزاب علي أساس ديني أمر لا يهمني كثيرًا, ولا أشغل بالي به, وذلك لأن الأساس الديني موجود في الدستور ومنصوص عليه في المادة الثانية في الدستور والتي تقول أن الإسلام هو دين الدولة وأن اللغة العربية لغتها الرسمية وأن مبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع.
هل أصبحت الانتخابات الرئاسية القادمة في قبضة العسكريين كما يردد البعض خاصة مع تردد أسماء عسكرية كثيرة في الفترات السابقة؟
حتى هذه اللحظة ما زال الناس في مصر يحبون الفريق عبد الفتاح السيسي, ويعلنون اسمه وينادونه بأن يرشح نفسه لرئاسة الجمهورية, وإلي أن يأتي وقت الانتخابات الرئاسية وقتها فقط يمكن أن نتكهن بمن الذي سيفوز إذا خاض هذه الانتخابات, لأنها تمامًا مثل البورصة, ترتفع أحيانًا وتنخفض أحيانًا أخري, ومن ثم لا يمكن الحسم بأنها ستذهب للعسكريين أم لا.
هل تتوقع أن يجتمع التيار المدني علي مرشح واحد في الانتخابات الرئاسية القادمة؟
الحقيقة أن التيار المدني المصري لا يجتمع أبدًا ولا أظنه أنه سيجتمع يومًا طالما, هو بهذه الصفات التي نرها فيه, واعتقد أن أي جبهات موجودة الآن علي الساحة في مصر بما فيها جبهة الإنقاذ سينتهي أمرها قريبًا, فإن الواقع المصري خلال العام القادم سيتغير تمامًا وسينعكس ذلك بكل تأكيد علي جميع القوي السياسية المتواجدة علي الساحة الآن.
ما مصير الصراع الذي نراه الآن في مصر من وجهك نظرك؟
هذا الصراع الذي نراه لن يدوم طويلًا وسينتهي في القريب العاجل بحد أقصي ثلاثة أشهر, والحل الأمثل لما نحن فيه الآن يكمن في الزمن ومع مرور الوقت, خاصة وأن قضية الإخوان المسلمين إنما هي قضية تذوب مع الزمن, ولكن الذي يختلف الآن أن عداء جماعة الإخوان هذه المرة ليست مع الحكومات كما تعودنا وإنما هو عداء مع الشعب, فإن أمر العداء مع الحكومات قد انتهي وأصبحت المواجهة الآن مع الشعب مباشرة.
من رئيس مصر القادم من وجهة نظر مختار نوح وهل يوجد علي الساحة الآن من يصلح أن يقود مصر في الفترة القادمة ؟
أعتقد أن وقت الانتخابات سيتضح الأمر بشكل كبير, ويمكن وقتها أن نري من رئيس مصر القادم, ولكن في واقع الأمر لا يوجد الآن علي الساحة السياسية المصرية من يصلح أن يكون رئيسًا لمصر خلال المرحلة المقبلة, خاصة وأن الناس الآن في الشارع المصري في انتظار المخلص لهم مما هم فيه والبطل الذي سينقذ مصر اقتصاديًا وسياسيًا, فالناس ما زالت تنتظر حتى الآن.