مسيحيو العراق يفتقدون الأمان بسبب داعش
بينما تتكثف عمليات استعادة مدينة الموصل العراقية من قبضة تنظيم داعش الإرهابي، يرى مسيحيون عراقيون، نزحوا بسبب التنظيم، رغم ذلك، أن الهزيمة العسكرية للمتطرفين لن تجعل البلد آمنا بالنسبة للأقليات.
سقطت قراقوش، أكبر بلدة مسيحية في سهول محافظة نينوى شمالي العراق، في قبضة التنظيم الإرهابي منذ أكثر من عامين ولا تزال.
ويعيش معظم النازحين من البلدة في مخيمات بإقليم كردستان العراق.
وفر مئات آخرون إلى دول مجاورة أو إلى أوروبا والولايات المتحدة وإلى أبعد من ذلك.
وعلى مشارف حي عنكاوا التاريخي المسيحي في اربيل ثمة 1200 مقطورة بيضاء مصفوفة بشكل منمق تأوي زهاء خمسة آلاف شخص.
تقول أسر قليلة هنا إنها سوف تعود إلى قراقوش بمجرد تحريرها من قبضة التنظيم. لكن كثيرا من الأسر تعتزم الرحيل إلى خارج البلاد.
ورغم سلسلة الهزائم العسكرية التي مني بها التنظيم، قال النازحون إن توغل المتطرفين في أراضي العراق ألقى بمستقبل الأقليات في مزيد من الشك.
قال الأب إيمانويل عادل كيلو، مدير أحد المخيمات، "إذا كانت الهجرة المنظمة ممكنة، فيمكنني أن أقول إن 90 بالمائة من سكان هذا المخيم سوف يهاجرون".
فر رعد بهنام سمعان وزوجته وأطفاله الخمسة من منزلهم في قراقوش مطلع أغسطس 2014 برفقة 150 ألف مسيحي عراقي نزحوا من بلدات وقرى حول الموصل إلى مناطق كردية.
وفي مواجهة تقدم داعش، انسحبت قوات البشمركة الكردية من ضواحي الموصل، وسرعان ما سقطت بلدات وقرى في قبضة المتطرفين.
وبعد العيش لأشهر في مكان مكتظ بمخيم مترب للمدنيين النازحين، حاول سمعان وأسرته مغادرة العراق عبر برنامج إعادة توطين خاص بالأمم المتحدة ولكنه لم ينجح.
قال سمعان إنه فقد الشعور بالتفاؤل بسبب بقائه لأكثر من عامين على نفس الحال.
وأضاف سمعان قائلا "هناك دائما أمل، ولكن متى؟ لا أحد يعرف. ربما عام أو عامين أو يوم أو يومين. إذا عدنا إلى بيتنا بعد ثلاث أو أربع سنوت من الآن فلن نجد شيئا منه".
كان المسيحيون أقلية كبيرة في العراق، ولكن عددهم تقلص منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003، إذ هاجر كثيرون إلى الغرب هربا من العنف.
وقال سمعان "لا أرى مستقبلا بالنسبة لنا (هنا)".
لا يستطيع إيفا، نجل سمعان، إتمام زواجه لأنه لا يستطيع الحصول على مقطورة أخرى في المخيم له ولعروسه.
علق سمعان قائلا "الأولاد يكبرون، كيف أستطيع أن أؤمن مستقبلهم؟"
وفي معرض حديثه عن الموصل إذا ما تم تحريرها، قال سمعان إنه يشعر بالقلق إزاء أن يؤدي الاضطراب الذي سببه تنظيم الدولة إلى زيادة التوترات الطائفية في العراق إلى درجة تتجاوز الإصلاح، ما يجعل جيرانه السابقين يتحولون إلى أعداء.
وتابع قائلا "سوف نظل خائفين. سوف أذهب إلى الموصل، وسوف أكون خائفا لأنهم سوف يقولون لقد أتى المسيحي".