مصر تجتاز الحزن بـ شم النسيم .. تقرير
بعد الأحداث الأليمة التي مرت بها مصر، وفقدان العديد من أبناء الوطن، في هجمات أرهابية غادرة، أكدت مصر انها قادرة على صنع الابتسامة من جديد، وتعد احتفالات شم النسيم خير دليل على ذلك.
احتفل ملايين المصريين اليوم (الاثنين) بعيد شم النسيم، في محاولة لتجاوز مشاعر الحزن التي أعقبت الهجمات الاخيرة على الكنائس.
وتعرضت كنيسة "مارجرجس" بمدينة طنطا، والكاتدرائية "المرقسية" في مدينة الاسكندرية، شمالي مصر، لتفجيرين انتحاريين الأحد قبل الماضي خلال احتفال الأقباط بـ" أحد السعف".
وتبنى تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) التفجيرين، اللذين أوقعا 45 قتيلا و125 مصابا، ما دفع السلطات المصرية إلى إعلان حالة الطوارىء، ونشر الجيش للمشاركة في حماية المنشآت الحيوية في البلاد.
ومنذ الصباح الباكر، توافد المصريون مسلمون ومسيحيون على المتنزهات العامة والشواطئ وحدائق الحيوان، وسط تواجد أمني مكثف في كافة أنحاء البلاد.
ويحتفل المصريون بغض النظر عن الدين والمستوى الاجتماعي، بعيد شم النسيم منذ 2700 عام قبل الميلاد، بأطباق الأسماك المملحة.
"طبيعة المصريين هي حب الحياة والاستمتاع بها بغض النظر عن أي شئ يحدث"، قال مصطفى أحمد سائق تاكسي بينما كان يستمتع بوجبة فسيخ مع أسرته في حديقة الأزهر بالعاصمة القاهرة.
وأضاف أحمد لوكالة أنباء (شينخوا)، انه "في مصر هذا هو اليوم الوحيد الذي يحتفل فيه المسلمون والمسيحيون معا.. لقد مررنا معنا بالكثير من الأزمات والأحزان على من فقدناهم في الهجمات الارهابية لكنا سوف نتجاوز هذه المحن".
وتابع "شم النسيم هو تجديد لحياتنا، والهجمات الارهابية لن تحبط فرحتنا".
واشتق اسم "شم النسيم" من كلمة "شامو"، وهو موسم الحصاد لدى المصريين القدماء، الذي يعني يوم تجديد الحياة.
ونفس الأطعمة التي كان يتناولها الفراعنة في شامو، يستخدمها المصريون حتى الان، مثل الخس ونبات الملانة (حبوب خضراء اللون) وهما رمز الطبيعة الخضراء، والسمك وهو رمز الخصوبة لدى الفراعنة.
حاملة حقيبة مليئة بالبيض الملون والفسيخ والبصل الاخضر، وضعت هدى عامر ملاءة أسفل شجرة في حديقة الازهر لتجنب حرارة الشمس.
وقالت عامر، وهي ربة منزل، إن " شم النسيم مناسبة خاصة أرى فيها عائلتي واصدقائي، لنستمتع ونأكل ونتنفس هواء نظيفا".
وأردفت " صديقتي المسيحية ستصل عما قريب مع اسرتي حيث يمكننا ان نتشارك الطعام سويا"، مشيرة إلى أنه " لن يؤثر أي شئ على الروح المعنوية للمصريين".
" في كل مكان سوف تشم رائحة الفسيخ والسردين، فهذا اليوم بكل تقاليده هو جزء من الهوية المصرية"، تابعت عامر.
وعلى طول كورنيش النيل انتشر رجال الشرطة يفتشون المواطنين راغبي التنزه في الاوتوبيسات النهرية.
"أشعر بأمان لان الشرطة في كل مكان تتابع اى انتهاكات"، قالت امل وهيب (52 عاما) بينما كانت واقفة في صف طويل من أجل الصعود إلى مركب للتنزه في نهر النيل.
وأضافت "منذ ان كنت صغيرة واعتدت على تناول الغداء في مركب في هذا اليوم مثل المصريين القدماء".
متفقا مع وهيب، قال سيد عبدالجليل وهو عامل في محل لبيع الملابس، " هذا اليوم يعيد لي ذكريات جميلة عندما كنت احتفل ببداية الربيع مع الاصدقاء والعائلة".
واستطرد وهو يطلب من أطفاله الخروج من نافورة المنتزه بعد أن اعتبروها مسبحا، "أتينا منذ الصباح الى هنا، وسوف نقضى كل اليوم، فاليوم هو جزء من ثقافتنا".
وعلق على احتفال المصريين بالعيد رغم مرور أيام على تفجير كنيستين، بقوله "لا شئ يؤثر علينا، كلنا مسلمون ومسيحيون إيد واحدة، ومصر بخير".