يعد التصويت عبر البريد أحد القضايا الساخنة المثارة في الولايات المتحدة الأمريكية، مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية، خاصة بعد تشكيك أحد المرشحين، وهو الرئيس دونالد ترامب، في مدى مصداقيتها، ودفاع منافسه جو بايدن عن هذه الوسيلة كحل فعال، خلال جائحة فيروس كورونا، ولكن متى بدأت هذه الطريقة في التصويت؟

بداية التصويت الغيابي

تعود جذوره إلى أواخر القرن التاسع عشر، حيث كانت بعض الولايات تمد الاقتراع الغيابي للناخبين المدنيين في ظل ظروف معينة، مثل الحرب الأهلية أو الحرب العالمية الثانية، ولكن حتى عام 2000 أصبحت ولاية أوريغون أول ولاية تنتقل إلى نظام التصويت بالبريد بالكامل، وفق ما ذكر في تقرير نشره موقع "هيستوري" الأمريكي.

كان أول مثال واسع الانتشار للتصويت الغيابي في الولايات المتحدة خلال الحرب الأهلية، يقول بوب شتاين، مدير مركز القيادة المدنية في جامعة رايس: "كان لينكولن قلقًا بشأن نتائج الانتخابات النصفية، ووزير الحرب إدوين ستانتون أشار إلى أن هناك الكثير من جنود الاتحاد الذين لا يستطيعون التصويت لذلك شجع الرئيس الولايات على السماح لهم بالإدلاء بأصواتهم من أرض الحرب، وأصبحت ولاية بنسلفانيا أول ولاية تقدم التصويت الغيابي للجنود خلال حرب 1812".

وفي الانتخابات الرئاسية لعام 1864 بين لينكولن وجورج ماكليلان، غيرت 19 ولاية من الولايات قوانينها للسماح للجنود بالتصويت للغائبين، وسمحت بعض الولايات للجنود بانتداب وكيل للتصويت لهم في الوطن بينما أنشأ آخرون مواقع اقتراع في المخيمات بأنفسهم.

بحلول أواخر القرن التاسع عشر عرضت عدة ولايات على المدنيين خيار التصويت الغيابي، المشروط بتقديم عذر مقبول على سبيل المثال المسافة أو المرض.

وفي أثناء انتخابات فرانكلين روزفلت وهاري تورمان، تم توسيع نطاق التصويت الغيابي، بالتزامن مع الحرب العالمية الثانية.

وسهلت التشريعات التي تم تمريرها خلال العقود القليلة التالية التصويت للجنود والنساء وأسرهم، مثل قانون المساعدة على التصويت الفيدرالي لعام 1955، وقانون التصويت الغيابي للمواطنين النظاميين والخارجيين لعام 1986، وغيرها من القوانين.

الولايات تتوسع في استخدام التصويت الغيابي

يقول شتاين إن معظم أفراد الجيش بالإضافة إلى المغتربين والأشخاص المعاقين هم من سمح لهم بالتصويت الغيابي، ويشير معظم المؤرخين إلى ولاية كاليفورنيا باعتبارها أول ولاية تقدم التصويت الغيابي بدون عذر ويقول مايكل هانمر مدير الأبحاث في مركز الديمقراطية والمشاركة المدنية في جامعة ماريلاند، إن ولاية واشنطن هي التي قامت بهذا التحول في عام 1974.

ويقال إن أوريغون أصبحت أول ولاية تنتقل للتصويت بالبريد حصريًا في عام 2000، وتبعتها واشنطن في عام 2011.

يُذكر أنه لا يوجد دليل تفصيلي للتصويت في دستور الولايات المتحدة، حيث تنص المادة 1 القسم 4 على أن الأمر متروك لكل ولاية لتحديد الأوقات والأماكن وطريقة إجراء الانتخابات ومكّن هذا الانفتاح عملية التصويت في الولايات المتحدة من التطور مع تغير احتياجات البلاد.

ولكن عام 2020 مختلف تماماً حيث تجري الانتخابات الرئاسية في منتصف وباء الفيروس التاجي، ولأول مرة في التاريخ يستطيع 75% على الأقل من الأمريكيين التصويت الغيابي.

كيف يتم التصوت بالبريد؟

يمكن تقسيم بطاقات الاقتراع التي تمر عبر البريد إلى فئتين، الأولى بطاقات الاقتراع الغيابية، التي يطلبها عادةً الأشخاص غير القادرين على التصويت شخصيًا لأسباب مادية، والثانية أوراق الاقتراع عبر البريد، والتي يتم توفيرها تلقائيًا لجميع الناخبين المؤهلين في الولايات، وتختلف القواعد المتعلقة بالتصويت بالبريد من ولاية لأخرى.