منطقة "الماكس" بالإسكندرية.. بلا حياة!
صيادو الماكس : نفايات الشركات تتسبب في هجرة الأسماك ونفوقها
مى محمد:
محافظة الإسكندرية من أكثر المحافظات المشهورة بحرفة الصيد، وبها العديد من المناطق القائمة على الصيد ومنطقة الماكس تعتبر من هذه المناطق فبجانب بيوت المنطقة التى يقسمها ممر مائى إلى نصفين هناك عدد من البيوت المتلاصقة التى ينضح منها الفقر والبؤس الشديدين لا يتجاوز ارتفاعها عن دورين ولا تزيد مساحة أكبرها على 50 متراً ومعظمها لم يعرف الطوب أو الحديد طريقه إليه، فالحوائط من الخشب والأسقف من الصفيح، هذه البيوت خاصة بالصيادين المتواجدين هناك المعروفين بحبهم الشديد للصيد وتقديسهم له والعمل به لفترات طويلة وتوريثها لأبنائهم .
انتقلت زهرة التحرير إلى المنطقة للتعرف على المشاكل التى تواجه الأهالى، وفي بداية مشوارها التقت بعم "على إبراهيم "البالغ من العمر 48عام وهو جالس على المركب الخاص به يقوم بإصلاح الشباك من أجل الخروج للصيد وعندما اقتربنا منه لسؤاله عن أحوال المكس وماهى المشاكل التى يواجهها الأهالى فى المنطقة بدت عليه علامات الحزن واليأس وهويروى لنا ماتمر به المنطقة وأهالى المنطقة من مشاكل .
قال الصياد العجوز: "لا يوجد فرد من أهل المنطقة لا يعمل بالصيد حتى لو كانت له وظيفة أخرى فالصيد هو المهنة الغالبة على الأهالى فكل منا قد ورثها عن آبائه وأجداده منذ الصغر وأنا خير مثال على ذلك فقد بدأت ارتياد البحر والعمل مع والدي على المركب منذ سن السادسة.
يستطرد : مرت الأيام والسنين وأنا في مهنتي تلك رغم حصولي على الشهادة الجامعية ولكننى لم أجد عملا فى ذلك الوقت لذا قررت العمل مع والدى والخروج الى البحر للصيد وظل الحال هكذا لما يقرب من 30 عام ولكن مع مرور الوقت بدأنا نواجه العديد من المشاكل التى أصبحت عائقا فى مجال عملنا مثل مشكلة نفايات الشركات التى يتم صرفها في مياه الماكس والتي تؤدى الى قتل الأسماك أو هروبها وذلك بسبب ارتفاع نسبة "اليود" فى المياه مماجعلها من الأسباب التى لها تاثير واضح على الأسماك وأيضا على جلد الإنسان حيث انه لا يستطيع الاقتراب منها وذلك بناء على ما ذكره معهد العلوم خلال زيارته لمنطقة الماكس حيث أكد الخبراء أن صرف مخلفات الشركات الكيماوية سيؤدى إلى تلوث المياه.
مضيفا أن المياه التى تأتى من "تصافى" الأراضي الزراعية تكون محملة بالمواد الكيماوية، وهذا يؤدى إلى هجرة السمك فالمجرى المائى يعتبر هو شريان الحياة بالنسبة لمنطقة الماكس أيضا مشكلة غلاء سعر "الشبك " الذى يستخدم فى الصيد فقد أصبحت هذه واحدة من المشاكل المهمة إلى قد تقضى على مهنة الصيد بسبب عدم توفر الشبك أو المعدات التى تستخدم فى صنعه فهناك مصنع واحد فقط بمنطقة الراس السوداء يقوم بتصنيع الشبك هذا الإنتاج لا يكفى احتياجات الصيادين لذلك يقوم بعض التجار باستيراد الكثير من الأنواع من دولة الصين، ويتم بيعها داخل البلاد بأسعار مضاعفة استغلالا للوضع والجميع مجبر على شرائها .
ومن هذه المركب إلى أخرى مجاورة لها وجدنا خالد عنتر الذى لم يتجاوز عمره 25 عام ومعه عدد من الصيادين وعند سؤاله عن طريقة حصوله على السولار قال: "أي محطة بتصرف لنا السولار برخصة الصيد، وكمان معاها ورقة فيها جدول بيتم فيه تسجيل الكمية اللي بناخدها، ومش مسموح لنا بأكتر من جركن واحد في اليوم، ودى أقل كمية بنحتاجها حسب سعة موتور بتاع كل مركب".
وأوضح عنتر: هناك بعض محطات البنزين إلى تطلب من الصياد إحضار موتور المركب إلى المحطة حتى يتأكد أن السولار سيتم استخدامه فى مجال الصيد لا لأغراض أخرى وهذا العمل قد يؤدى إلى تعرض موتور المركب إلى التلف أيضا هناك بعض محطات الوقود التى ترفض إعطاءنا بنزين " كل واحد فيهم بيشتغل حسب مزاجه " بالاضافة إلى كل ذلك مشكلة ضيق الممر المائى بسبب كثرة المراكب المتواجده هناك والتى لا تخرج للصيد لوجود عدد من المشاكل التى تواجهها "البنزين – نقص الموارد المستخدمة فى الصيد – تلوث المياه – – مشكلة الرخصة .
وأضاف : هناك عدد من الصيادين يحاولون استخراج رخص للمراكب الحاصة بهم سواء كانت كبيرة أو صغيرة ولكن بلا استجابة من أحد كل ذلك أدى إلى وجود عدد كبير من الأسر التى أصبحت عاطلة عن العمل ولا تجد قوت يومها مما يهدد بكارثة إنسانية تتعدى البطالة والتشرد إلى الجوع، بل وفي بعض الأحيان دخول السجن.
أمام بيت من بيوت الماكس وجدنا عم " محمد علام " البالغ من العمر 65 عام وهو أحد أهالى المنطقة _ وجدناه جالسا أمام منزله وتبدو عليه علامات اليأس وفقدان الامل .
طلبنا الحديث معه فبدأ يروى لنا ما يحدث فى المنطقة وكيف هى الحياة فقال: "كل الشواطئ ادمرت دلوقتى البحر اليومين دول ما بقاش زى الأول ما بقاش فيه خير السمك مات وكل شىء فى البحر بقى قليل ومش موجود بسبب المياة التى تستخدمها الشركات و يتم التخلص منها بصرفها فى البحر أو المجرى المائى بمنطقة الماكس , غير مشاكل الإيجار كل فرد عايش هنا فى المنطقة بيدفع إيجار لهيئة الثروة السمكية وفاتورة مياه وكهرباء ويادوب الفلوس على قد العيش أنا طلعت على المعاش من فترة وباخد 350 جنية يكفوا إيه ولا إيه فى الزمن ده هجيب فلوس منين , وكل فرد فى المنطقة بيدفع ضرائب وتأمين المفروض بعد كل ده هيئة الثروة السمكية توفر لينا الخدمات اللازمة " مستشفيات – وحدات – مدارس وغيرها " ولكن لا شىء فى حين أننا طلبنا منهم أن نقوم بدفع مبالغ مالية مقابل توفير هذة الخدمات ولكن لا جدوى".
واستطرد : "مشكلة التامين بندفع 150 جنية فى السنة لكل فرد غير المبلغ الذى يتم دفعه تامين للمركب والغريب فى الأمر أننا مينفعش نأخد تأمين المركب غير لو غرقت لو مات فيها حد غير كده لو حصل اى عطل فى المركب إحنا اللى بنصلحه على حسابنا دون مساعدة من أى مسؤول ولو الفرد رفض دفع التامينات الخاصة به وبمركبه لا يحصل على الأوراق الخاصة به سواء تراخيص أو كارنيهات".
وأضاف "عم محمد" بنبرة حزن : "احنا مشتركين فى جمعية الصيادين الموجودة بمنطقة بحرى والمفروض أن المسؤولين فى هذه الجمعية يقوموا بتوفير مستلزمات الصيد لنا "غزل – فل – بنزين " لأن كل شيء بقى غالى جدا كيلو الغزل اصبح سعره 100 جنيه هنشتريه إزاى بس ما فيش حد بيسأل فينا إحنا مدمرين تماما".
وبسؤال المهندس سلامة أبو نعمة وكيل وزارة الهيئة العامة للثروة السمكية بالإسكندرية ورئيس الإدارة المركزية اكد أن هيئة الثروة السمكية تساعد الصيادين على استخراج بطاقات الصيد والتراخيص الخاصة بالمراكب ولا توجد هناك أية صعوبة فى استخراج هذة التراخيص وكل ما يقوم به الصياد هو إحضار أوراق من جمعية الصيادين تثبت أنه تم دفع التأمينات الخاصة به وبالمركب ولا يوجد علي أى مبالغ مالية وفى فترة لا تقل عن ثلاثة أيام يحصل الصياد على الرخصة الخاصة به .
تابع : الهيئة تعتبر هى المسؤولة عن رسوم استخراج الرخص وبطاقات الصيد وليس لها أى اختصاص بالتأمينات الخاصة بالصيادين أو توفير له مستلزمات الصيد مؤكدا أن الجمعيات الخاصة بالصيادين هى المسؤولة عن توفير مستلزمات الصيد من "شباك وفل وغزل " لهم ولكن هذه الفترة لا يوجد دعم مادى داخل الجمعيات لذلك لم يستطع المسئولون توفير هذه المستلزمات وكل ما تقوم به الهيئة هو إرسال شخص للإشراف على كل جمعية , أما بالنسبة لتوفير الخدمات من " مستشفيات ووحدات وغيرها "فيعتبر المسؤول عنها هو الاتحاد التعاونى وليس الهيئة.
ومن جانبه أوضح جمال حسين أحد المسؤولين بإدارة التعاون بهيئة الثروة السمكية ان الجهة المسؤولة عن تأمينات الصيادين والمعاشات هى الهيئة العامة للتأمين بالاتحاد التعاونى وهناك يقوم الصياد بدفع تامين إجبارى على مركب الصيد الخاصة به فى نهاية كل عام، وذلك للتأمين على المركب فى حالة حدوث أى تلفيات بها أو تعرضها للغرق أو الحرق أو اى نوع من المخاطر المعرض لها صاحبها .