راديو

رئيس مجلس الإدارة
منال أيوب

رئيس التحرير
محمد الاصمعي

نسخة تجريبية

هذه بلاد لم تعد كبلادي

عماد عنان
عماد عنان

بقلم : عماد عنان

والله إن العين لتدمع ، وإن القلب لينفطر ، وإنا لما يحدث في مصر لمحزونون لمحزونون..قتل هنا وهناك ..دماء تتناثر هنا ..وأشلاء تتبعثر هناك ..رائحة الدم تصيب أنوف المصريين بالزكام الحارق فتسحب معها ماتبقي لديها من إنسانية وشعور وإحساس .. تتساقط أرواح المصريين روحا تلو الأخرى بدماء رخيصة وبلا ثمن ..أصبحت صور الدماء والأشلاء الممزقة في كل مكان ماتحرك فينا من ساكن..الجالس أمام شاشات الفضائيات ليتابع ما يجرى على ارض مصر سيعتقد منذ الوهلة الأولى انه ليس بمصر مطلقا، فتلك المشاهد لم نراها إلا عبر الوكالات الأجنبية الناقلة للأحداث في فلسطين وسوريا وبورما .. ستسأل تلك الأرواح قاتيلها أمام الله عز وجل يوم القيامة ..بأي ذنب قتلت ؟ وأي جريمة ارتكبتها لتدفع هذا الثمن ؟ ..شباب الإسلاميين ورجال الشرطة والجيش يتساقطون كما تتساقط الأوراق في فصل الخريف ..الكل يسقط بدماء رخيصة ..الكل يسقط من اجل الكرسي والمناصب الزائلة .. حقا أشعر أن هذه البلاد لم تعد كبلادي ..لم أر فيها غير صورة الجلاد..لم اشم فيها غير رائحة الدم ..لم أر فيها غير الأشلاء تتناثر في كل زقاق ببلدي ..لم أر فيها غير إرهاب مقنع …وانتقام سافر …وغياب للعقل …وتراجع للحكمة …وعقم.. أليس في وطني رجل رشيد ؟ أليس في وطني من حكماء ؟ الدم لن يؤدي إلا لمزيد من الدماء …الأرواح تتزايد يوما تلو الآخر …أعداد القتلى تجاوز الآلاف ..الجرحى حدث ولا حرج ..فأين الخائفون على الوطن ؟ أين أصحاب الهمة والعزيمة ؟ أين من ملآوا الدنيا ضجيجا ؟ أين هم ؟ أماتت ضمائرهم ؟ أخرست ألسنتهم ؟ .

المشهد مروع ..بالأمس القريب شيعت مصر في جنازة مهيبة 25 من مجنديها ، سقطوا برصاص الغدر والخيانة ، شهداء الخسة والنذالة ..سبقها تشييع جثمان 38 من المنتمين للتيارات الإسلامية ..سقطوا بلا ثمن ..سقطوا بلا هوية .. قلنا مرارا وتكرارا أن الدم كله حرام ، وأن الإرهاب لادين ولا وطن له …قلنا أن الدماء تزيد وفق متوالية هندسية ..فحين تسقط القطرة الأولى ستزيد إلى قطرتين ثم أربعة ثم ثمانية ..ولا يمكن في وقت محدد السيطرة على مايراق من دماء . للأسف في الأيام القليلة الماضية ماعاد هناك قرية ولا مدينة في مصر إلا ولها ثأر إما مع الجيش والشرطة أو مع الإخوان المسلمين ..ورأينا الشعب يخرج في مسيرات جنائزية مضادة كل يبكي على ليلاه ..وكل يحمل الآخر المسئولية كاملة ..والوطن وحدة هو من يبكي حرقة على ما أل إليه الوضع من تردي مذري .. لمصلحة من يجرجر الجيش إلى هذا المنعطف الأخير ؟ ولمصلحة من يقصى فصيل سياسي من المشهد العام ؟ لمصلحة من يقتل المصري أخاه بدم بارد ؟ لمصلحة من تتخضب شوارع مصرنا بلون الدم ؟ الوضع خطير والأمر معقد ..والوقت يمر ونحن لانجيد إلا مسح دموعنا والعويل على مايحدث .. الوقت الآن لايحتمل مزيدا من التكابر والتناطح والانتقام …لون الدم يخيم على كل البيوت المصرية …الصدور ضاقت بما فيها ..والأنفس أرهقت بما عليها ..نحتاج لوقفة مع النفس ..لنرى مايمكن أن نفعله لإنقاذ الوطن من هذا المنحدر الذي يساق إليه بتخطيط خارجي وداخلي على حد سواء .. نريد العقلاء والحكماء والنبلاء ..نريد الجلوس أيا كان الثمن …على الجميع أن يتنازل قليلا لأجل الوطن …لانريد أن نستيقظ يوما ونجد أنفسنا أمام نموذج سوري أو عراقي على ارض مصرية …نريد أن نستفيق قبل فوات الأوان وقبل لاينفع الندم .

Login

Welcome! Login in to your account

Remember me Lost your password?

Don't have account. Register

Lost Password

Register