جلسة تاريخية عقدها مجلس النواب الأمريكي صاحب الأغلبية الديمقراطية، ختم بها الإجراءات الهادفة لعزل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، التي بدأت عقب إعلان نانسي بيلوسي رئيس المجلس، قبل أقل من ثلاثة أشهر، أن ست لجان بالمجلس ستجري تحقيقًا رسميًا في قضية مُساءلة الرئيس ترامب.

وفي اقتراع منقسم على أسس حزبية إلى حد كبير، أُحيل ترامب رسميًا إلى المحاكمة أمام مجلس الشيوخ تمهيدًا لعزله، بعد أقل من ثلاثة أشهر على فضيحة أوكرانيا أو ما تعرف بـ"أوكرانيا جيت"، حيث واجه الرئيس 45 في تاريخ الولايات المتحدة، تهمتي عرقلة الكونجرس وسوء استغلال السلطة.

ووافقت لجنة رئيسية في مجلس النواب الأمريكي الجمعة الماضي على مادتي عزل ضد الرئيس دونالد ترامب، الخاصتين بعرقلة العدالة وإساءة استخدام السلطة.

وأدرج مؤسسو الولايات المتحدة عزل دستور الولايات المتحدة كخيار لإقالة الرؤساء من قبل الكونجرس، واتفقوا على أنه يمكن إقالة الرؤساء إذا أدانهم الكونجرس بتهم تتعلق بالخيانة أو الرشوة أو غيرها من الجرائم والجنح الكبيرة.

المجلس الذي تترأسه بيلوسي صوت بأغلبية ٢٢٩ صوتًا لتوجيه تهمة عرقلة عمل الكونجرس، و٢٣٠ صوت لتهمة اساءة استغلال السلطة، وبموجب ذلك يحال ترامب للمحاكمة أمام مجلس الشيوخ في إطار الإجراءات الهادفة لعزله.

مواد المساءلة التي يواجهها ترامب

في حالة ترامب، فإن المساءلة بشأن إساءة استخدام السلطة تتعلق بالضغط على أوكرانيا لفتح تحقيق مع ابن منافس ترامب المحتمل بالانتخابات الرئاسية المقبلة جو بايدن، أما مسألة عرقلة عمل الكونجرس، فتخص اتهام الرئيس بإعاقة التحقيق برفض الامتثال لمذكرات الاستدعاء، وتوجيه أعضاء إدارته إلى فعل الشيء نفسه.

ترامب يصفها بالخدعة

نفى ترامب مرارًا ارتكاب أي مخالفات ووصف التحقيق في قضية المساءلة بأنها "مطاردة الساحرات، وخدعة، وانقلاب عليه".

ودافع ترامب عن نفسه، قبل انطلاق جلسة التصويت في مجلس النواب على لائحة الاتهامات الموجهة ضده والتي تهدف إلى عزله على خلفية فضيحة أوكرانيا.

أكد ترامب، في تغريدات عبر تويتر، أنه لم يقترف أي خطأ، حيث قال: "هل تصدقون أنني سوف أحاسب اليوم من قبل اليساريين المتشددين، لم أقترف أي خطأ!". واتهم الديمقراطيين بمحاولة الوصول إلى سدة الرئاسة، وقال إن الحزب الديمقراطي لم يكن ينوي إجراء تحقيق لائق.

وأضاف، عبر تويتر: "لم يعثروا على أي جريمة، فاستخدموا اتهام إساءة استغلال السلطة، وعرقلة الكونجرس، وهي الأمور التي قامت بها كافة الإدارات السابقة".

متى سيعقد مجلس الشيوخ محاكمة؟

من المتوقع إجراء محاكمة في مجلس الشيوخ الذي يسيطر عليه الجمهوريون في يناير المقبل، ولم يتحدد موعد محدد للمحاكمة بعد، لكن زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل قال هذا الأسبوع إنه إذا صوت مجلس النواب على عزل الرئيس، فستكون المحاكمة هي الدرجة الأولى في العمل، في مجلس الشيوخ.

ماذا يحدث خلال محاكمة مجلس الشيوخ؟

من المقرر أن يترأس رئيس المحكمة العليا في الولايات المتحدة المحاكمة، وفقًا للدستور الأمريكي، كما ينظر أعضاء مجلس الشيوخ في أدلة الإدانة، وسماع الشهود والتصويت لتبرئة أو إدانة الرئيس.

حدد الدستور الأمريكي ثلثي أصوات مجلس الشيوخ المؤلف من 100 عضو لإدانة الرئيس وعزله من منصبه.

مجلس الشيوخ الحالي يتكون من 53 عضوًا جمهوريًا و45 من الديمقراطيين وعضوان مستقلان، وهذا يعني أنه يتعين على 20 جمهوريًا على الأقل التصويت مع جميع الديمقراطيين والمستقلين لإزاحة الرئيس عن منصبه.

ويقول ماكونيل إنه يرى خيارين للأزمة الحالية، موضحًا أن أعضاء مجلس النواب سيقدمون حججهم وأدلتهم لإدانة ترامب، فيما يرد محامي الرئيس على الاتهامات، وفي هذه المرحلة، أمام مجلس الشيوخ خيارين.

يوضح ماكونيل الخياران إذ يقول، إنه يمكن أن يسير في طريق استدعاء الشهود وإجراء محاكمة أخرى بشكل أساسي أو قد يقرر 51 عضوًا يمكنهم اتخاذ القرار، بحجة بأنهم سمعوا ما يكفي ويعتقدون أنهم يعرفون ما سيحدث ويمكنهم التحرك للتصويت على مادتي المساءلة التي أرسلها مجلس النواب.

وعلى الرغم من التصويت ضد ثلاث رؤساء أمريكيين سابقيين لعزلهم، غير أنه في حالتي الرئيسين الديمقراطيين بيل كلينتون عام 1998 وأندرو جونسون عام 1868 تمت تبرئتهما في مجلس الشيوخ وأكملوا فتراتهم الرئاسية، بينما استقال الجمهورى ريتشارد نيكسون عام 1974 بعدما صوت مجلس النواب ضده بعد دوره في فضيحة ووترجيت.

من يصبح رئيسًا إذا عزل ترامب؟

في حالة قيام مجلس الشيوخ بإدانة ترامب وإزالته من منصبه، سيصبح نائب الرئيس مايك بنس رئيسًا ويكمل ولاية ترامب التي تنتهي في 20 يناير 2021، وفقًا لما يقره الدستور الأمريكي في حال العزل.

وينص الدستور الأمريكي في مادته الثانية على إنه "في حال عزل الرئيس من منصبه، أو وفاته، أو استقالته، أو عجزه عن القيام بسلطات ومهام المنصب المذكور، يؤول المنصب إلى نائب الرئيس، ويمكن للكونجرس أن يحدد بقانون أحكام حالات عزل أو وفاة أو استقالة أو عجز الرئيس ونائب الرئيس كليهما، معلناً من هو المسؤول الذي يتولى عند ذلك مهام الرئاسة إلى أن يتم انتخاب رئيس".