راديو

رئيس مجلس الإدارة
منال أيوب

رئيس التحرير
محمد الاصمعي

نسخة تجريبية

هل اصبح الأمريكيون المسلمون مواطنون من الدرجة الثانية ؟

وصل الخبر إلى عليّ السّبيعيّ عبر رسالة نصّيّة جاء فيها: "المحكمة العُليا تؤيّد حظر السّفر الّذي أصدره ترامب". وما كان إلّا أن ملأه ذلك بالحزن.

كان الشّاب، البالغ من العمر 21 عاماً، من بين آلاف اليمنيّين النيويوركيّين الّذين نزلوا إلى قاعة بورو في بروكلين في شتاء العام الماضي وصلّوا في الخارج، تاركين أعمالهم في كافّة مناحي المدينة للاحتجاج عندما أعلن ترامب لأوّل مرّة قراره الخلافيّ والفوضويّ بحظر السّفر في كانون الثاني (يناير) العام 2017.

السبيعي: لست وحدي المتأثّر من القرار بل كلّ المسلمين الّذين ينتشرون في كافّة أنحاء الولايات المتّحدة

وبعد ما يقرب من 18 شهراً وعقب العديد من المعارك القضائيّة، جاء حكم المحكمة العُليا معلناً قانونيّة النّسخة الثّالثة من قرار ترامب. وكان وقع حكم المحكمة في خليج ريدج كالدّويّ المكتوم. وتُعدّ الضّاحية، الّتي تضمّ تجمّعاً كبيراً من اليمنيّين، واحدة من أكثر الأحياء تنوّعاً في بروكلين، وكانت قد تفاعلت مع الحظر عندما تمّ الإعلان عنه لأوّل مرّة بغضب وتشكيك.

ويقرّ السّبيعيّ، الّذي يعمل في "مقهى اليمن" في الشّارع الرّئيس في الضّاحية، بأنّه لم يتوقّع أن يأتي حكم المحكمة العُليا على أيّ نحو آخر، وقد ازداد إلى حدٍّ ما ارتباكاً بسبب التّجسيدات المتنوّعة للحظر خلال العام الماضي.

وفيما كان الزّبائن يأكلون بنهم البابا غنوج والفطائر في مطعم عائلته، يقول السّبيعيّ: "لا يفهم بعض النّاس ما يجري. في أحد الأيام يتمّ إلغاء القرار، وفي يوم آخر يتمّ العمل به".

اقرأ أيضاً: هكذا تحدّت شابة أردنية الإسلاموفوبيا في أمريكا

بالرّغم من هذا الارتباك، فإنّ قرار ترامب المثير للجدل، والّذي يستهدف المسافرين من خمس دول ذات أغلبيّة مسلمة، والّذي وصفه المعارضون له في المحكمة بالمعادي للإسلام، كان له تأثير على كلّ فرد في الجالية، كما يقول.

ولدى السّبيعيّ، وهو مواطن أمريكيّ جاء إلى أمريكا عندما كان عمره ثلاثة أشهر، ابن عمّ تقطّعت السّبل بأمّه في العاصمة اليمنيّة، صنعاء، مع استمرار الحرب الأهليّة المريرة في البلاد وتمّت المماطلة بحقّ طلب التّأشيرة الخاصّ بها.

يقول: "إنّه يحاول إخراج أمّه من الحرب". ويضيف: "من المروّع أن نرى ما يمرّ به. لكنّه ليس وحده المتأثّر من القرار. بل كلّ المسلمين الّذين ينتشرون في كافّة أنحاء الولايات المتّحدة".

ترامب يفرّق العائلات المسلمة

بعد ساعات قليلة من صدور قرار المحكمة بتأييد القضاة بنسبة 5 إلى 4، والّذي يُبقي على تنفيذ القرار الّذي كان معمولاً به منذ كانون الأوّل (ديسمبر) 2017، تحدّث مسلمون أمريكيّون في كافّة أنحاء البلاد إلى الغارديان عن حزنهم وخيبتهم.

استيقظَت أبرار عميش، وهي أمريكيّة ليبيّة تبلغ من العمر 23 عاماً من مدينة فيرفاكس بولاية فرجينيا، في مزاج عصبيّ ذات يوم، متوقّعة أن يصدر الحكم في الصباح.

تقول: "لقد شعرت بألم في معدتي لمّا سمعتُ بالحكم".

لقد تزوّجت عميش، الّتي ناضلت ضدّ الحظر لشهور في عاصمة البلاد، نهاية الأسبوع الماضي. ولم يتمكّن أكثر من عشرة أفراد مقرّبين من أسرتها، وكلّهم يعيشون في ليبيا، من حضور الحفل بسبب الحظر. وكانت محطّمة عاطفيّاً بسبب ذلك.

تقول: "يبدو الأمر كما لو أنّه علينا أن نعيش كمواطنين من الدّرجة الثّانية. فغير مسموح لنا بالوصول إلى عائلاتنا لمجرّد كوننا من خلفية معيّنة، لأنّنا مسلمون".

اقرأ أيضاً: أمريكا: ميليشا متهمة بمحاولة قتل أكبر عدد من المسلمين

وبعد أسابيع من الاحتجاجات الدّوليّة على تفريق إدارة ترامب بين العائلات الّتي تدخل الولايات المتّحدة من الحدود الجنوبيّة، كانت قصّة عميش، شأنها شأن عدد لا يُحصى من القصص في كافّة أنحاء البلاد، بمثابة تذكير بأنّ الإدارة كانت تفرّق بين العائلات الآتية من العالم الإسلاميّ لأكثر من نصف عام.

تقول عميش، الّتي تبدأ مسيرة في السّياسة المحليّة هذا العام: "كما تعرف، إنّ المحكمة العُليا كانت على خطأ من قبل، ولا بُدّ لي من تذكير نفسي بذلك. سواء على أسس الأخلاق أو العدالة الاجتماعيّة والحقوق المدنيّة. ولكن، بصرف النّظر عن ذلك، لم نصل في بلدنا إلى تلك المرحلة الّتي يمكننا فيها أن نتعلّم من تاريخنا ونتّخذ قرارات صائبة بالرّغم من الخوف والضّغط الموجودين هناك

الحكم سيجعل حياتنا أكثر صعوبة

في مدينة هامترامك بولاية ميشيغان، الّتي يُزعم أنّها أوّل مدينة في الولايات المتحدة تنتخب مجلساً يتكوّن من أغلبيّة مسلمة، كان معاذ المغاري جزعاً أيضاً.

ومعاذ، هو أمريكيّ يمنيّ يبلغ من العمر 32 عاماً، لديه أخت أكبر سنّاً تقبع في محافظة إب في اليمن. ومن المحتمل أن يصير طلب التّأشيرة الخاصّ بها في طي النّسيان إلى أجل غير مسمّى بعد صدور الحكم يوم الثّلاثاء، ويخشى المغاري من أن يتمّ قتلها هي وأطفالها الخمسة في هذه الأثناء.

عميش: المحكمة العُليا كانت على خطأ من قبل ولا بُدّ لي من تذكير نفسي بذلك. سواء على أسس الأخلاق أو الحقوق

لقد سمع الخبر وهو يستعدّ لمغادرة الولايات المتّحدة لزيارتها في اليمن. ستستغرق الرّحلة يومين كاملين وستكلّف معلّم المرحلة المتوسّطة، الّذي يعمل في وظيفة ثانية لتغطية نفقاته، آلاف الدّولارات.

يقول: "أعتقد أنّ الحكم سيجعل حياتنا أكثر صعوبة ممّا كانت عليه". ويضيف: "لم أكن أعرف أنّ هذا البلد، الّذي كان في الأصل قائماً على المساواة وحقوق الإنسان والعدالة للجميع، كان على وشك أن يحكمه شخص مثل؛ دونالد ترامب، الّذي يرغب في إلقاء كلّ ذلك بعيداً إرضاءً لغروره".

لم يستطع إخبار أخته بالحكم عبر الهاتف، ويشعر أنّه من الصّواب فقط إخبارها وجهاً لوجه حتّى يتمكّن من شرح آثاره بالكامل.

ويتابع بتفاؤل حَذِر: "عندما أذهب إلى هناك، يمكنني أن أوضّح لها أنّ هذا وضع مؤقّت فقط، وأنّ الأمور ستتغيّر، كما آمل، لأنّ الشّعب الأمريكيّ لن يؤيّد هذا وسيكافح من أجل العدالة. إنّنا لم نفقد الأمل في الشّعب الأمريكيّ. لكنّنا فقدناه في واشنطن العاصمة والإدارة".

هذه ليست أمريكا

في خليج ريدج، نزل العشرات من الرّجال إلى المركز الإسلاميّ في الضاحية من أجل صلاة العصر. ويقع المركز في الشّارع الرّئيس، وتحيط به واجهات المحلّات الّتي تُظهِر التّعدّديّة الثّقافيّة الّتي تشكّل جزءاً أساسيّاً من الحياة هنا – حيث توجد مطاعم البيتزا والحانات الإيرلنديّة إلى جانب صالات الشيشة ومحلّات الطّعام الحلال.

اقرأ أيضاً: وكانت أمريكا مسلمة قبل اكتشاف كولومبوس للقارة

يقول أحد المصلّين الّذي لم يُرِد ذكر اسمه: "هذه ليست أمريكا. لقد صارت تشبه دولة ديكتاتوريّة في الشّرق الأوسط. إنّ بلدنا فريد بسبب تنوّعه. فقط توجّه إلى مترو الأنفاق وسترى الجميع: الإيرلنديّ واليمنيّ والبورتوريكيّ".

وفيما يتّجه نحو غرفة الصّلاة المغطّاة بالسّجاد ويخلع حذاءه للرّكوع والسّجود، يضيف: "لقد جاؤوا من أجل الحرّيّة. لقد فقدوها في بلادهم، وهذا ما جاؤوا إليه هنا".

أوليفر لافلاند، الغارديان

ترجمة موقع حفريات

Login

Welcome! Login in to your account

Remember me Lost your password?

Don't have account. Register

Lost Password

Register