هل تعود القاهرة لدورها الرائد في القضية الفلسطينية؟..تقرير
أكد مصادر, أن مصر تستعد إلى العودة إلى دورها مرة أخرى للعب دور الوسيط في عملية السلام بين فلسطين وإسرائيل وحسبما أشارت ستكون عقب القمة المصرية الأمريكية والمزمع إنعقادها بعد غد».
ويستعد السيسي، لطرح رؤية لحل القضية الفلسطينية في لقاء مرتقب مع نظيره الأمريكي، دونالد ترامب، في مقابلة وصفت من جانب خبراء مصرييين أنها بداية لاستعادة القاهرة لدورها في عملية السلام بين الفلسطينيين وإسرائيل المتوقفة منذ عام 2014.
دبلوماسي بارز وخبير سياسي يتفقان على أن القاهرة ستكون أحد المحاور الرئيسية الفترة القادمة لوساطات وتحركات دولية وإقليمية لحل القضية الفلسطينية كونها "وجها مقبولا فلسطينيا وأكبر وجه عربي مقبول لإسرائيل"
في المقابل، بدت تخوفات من خبيرين آخرين أحدهما مفكر فلسطيني، من أن تصطدم تلك الجولات للوساطة بعدم استجابة إسرائيلية وتمعن أكثر في الاستيطان.
وتوقفت المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية، نهاية أبريل 2014، دون تحقيق أية نتائج تذكر، بعد 9 شهور من المباحثات برعاية أمريكية وأوروبية؛ بسبب رفض إسرائيل وقف الاستيطان، وقبول حدود 1967 كأساس للمفاوضات، والإفراج عن معتقلين فلسطينيين قدماء في سجونها.
وفي سبيل التمكن من لعب دور مؤثر في هذه القضية كان على القاهرة القبول بتقارب مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس وصفه البعض بـ"صلح المضطر" خلال الأسابيع الماضية، عقب خلافات برزت بين القيادتين المصرية والفلسطينية في صورة ما قيل إنه "دعم" مصري للقيادي المفصول من حركة فتح محمد دحلان، والسماح له بإقامة أكثر من مؤتمر له ولأنصاره بالقاهرة، وما يدور من معلومات غير مؤكدة من "دعم" مصر له لخلافة عباس في رئاسة فلسطين.
وأيضا ما وقع مؤخرا من منع القاهرة دخول أمين سر اللجنة المركزية لحركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) جبريل الرجوب، لأراضيها في فبراير الماضي.
في المقابل كانت التعليقات الرسمية من الجانبين دبلوماسية عن "متانة العلاقات التاريخية"، و"الدور المحوري" لمصر في القضية الفلسطينية.
وبعد طول انقطاع، جاءت زيارة عباس للقاهرة في 20 مارس الجاري التي اعتبرها المفكر الفلسطيني عبد القادر ياسين محاولة لتذويب الجليد بين الطرفين قبل أحداث مهمة هي القمة العربية وزيارة السيسي لواشنطن في 3 أبريل المقبل تليها زيارة أبو مازن لأمريكا منتصف الشهر ذاته.
**البؤرة المنتظرة للسلام
طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، قال إن "الفترة القادمة ستشهد وساطات وتحركات دولية وإقليمية لحل القضية الفلسطينية ستكون القاهرة أحد محاورها الرئيسية".
وأضاف فهمي الأكاديمي المختصص في ملف الشرق الأوسط وإسرائيل: "هناك مسار للحركة المصرية الفلسطينية في هذا الإطار بدأ مع زيارة الرئيس الفلسطيني محمود عباس للقاهرة وسيتبلور بعد زيارتي السيسي وعباس لواشنطن حيث ستتحدد رؤية الجانب الأمريكي هل سيكون مسارًا ثنائيًا بين الفلسطينيين والإسرائيليين بدعم مصري أردني أو إقليميًا يشمل هذه الدول ومعها الإمارات والسعودية؟".
واستطرد قائلا: "الأمريكان يريدون أن تكون مصر بؤرة إدارة هذا الملف، فمصر طرف فاعل في عملية السلام وسيكون لها دور مباشر الفترة القادمة لما لديها من الإمكانيات التي تمكنها من التفاوض مع الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي".
مساعد وزير الخارجية الأسبق، جمال بيومي، قال في هذا الصدد إن اللقاءات والمشاورات المكثفة خلال الفترة الماضية بين السيسي وعباس وكذلك مع العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني بالقمة العربية التي اختتمت الأربعاء الماضي تمثل "تحضيرات لجبهة عربية قوية"؛ لإقناع الرئيس الأمريكي أو غيره بأن من مصلحته الاستماع إلى وجهات النظر العربية.
وتوقع بيومي، أن تلعب الدبلوماسية المصرية دورا كبيرا في القضية الفلسطينية خلال الفترة المقبلة "فمصر هي وجه مقبول فلسطينيا وأكبر وجه عربي مقبول لإسرائيل".
وتبدو العلاقات المصرية الإسرائيلية جيدة، منذ وصول السيسي للحكم في يونيو2014، وفي يوليو 2016، زار وزير الخارجية سامح شكري رئيس وزراء إسرائيل في زيارة لم تحدث منذ سنوات تطرقت لعملية السلام في الشرق الأوسط.
وفي مايو الماضي، وجه السيسي نداء للسلام للجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، داعيا إلى اغتنام الفرصة الحالية في إقامة عملية سلام حقيقية تعطي الأمل للفلسطينيين والأمان للإسرائيليين.
**مفاوضات مرجحة بمعوقات متوقعة
هذا التفاؤل يواجه بحذر قلق من جانب خبير في شؤون الشرق الأوسط ومفكر فلسطيني ، حيث يريان، أن إمكانية عودة مفاوضات السلام واردة بزعامة مصرية أو عربية ولكن لن تكون ذات تأثير.
في هذا الصدد، قال مختار غباشي، نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية إن زيارة السيسي لواشنطن ستحدد دور مصر في القضية الفلسطينية خلال المرحلة المقبلة وإمكانية لعب دور نحو وساطة بين الطرفين من عدمه.
وأضاف غباشي للأناضول أن ماهية الدور ستعود إلى الولايات المتحدة الأمريكية وقدرة العالم العربي في الضغط، وقدرة أمريكا في التجاوب بالتوازي.
وتابع: "يظهر الدور المصري المستقل حال كون إسرائيل راغبة والفلسطينيين يمتنعون ، لكن إسرائيل هي التي لا ترغب في السلام، الفلسطينيون يقدمون تنازلات منذ عشرات السنين وانتهى الحال إلى قيادات فلسطينية على أرض لا تستطيع أن تخرج منها أو تعود إليها إلا بإذن اسرائيل".
وحول دعوة السيسي الإسرائيليين الأخيرة للسلام، قال إنها لا تتعدى نداءً أو رجاءً للإسرائيليين والفلسطينيين لحل الأزمة، مثلها مثل مؤتمر باريس منتصف يناير الماضي الذي أكد أن إنهاء الصراع بين الإسرائيليين والفلسطينيين لا يمكن أن يتحقق إلا بحل الدولتين.
**مخاوف مشروعة
هذا القلق من جانب غباشي، يفسره قائلا : "إذا أردنا حلا للقضية الفلسطينية، يجب أن نبحث عن أطر أخرى نمارس فيها ضغوطنا، لكن التعويل على دور مصري أو إماراتي، أو سعودي هذا هو شكل من أشكال موت القضية".
وتابع الأكاديمي المتخصص في الشأن الشرق أوسطي: "ما تفعله مصر هو محاولات، من الممكن أن تكون بناءً على طلب أمريكي، أو إحساس مصر بأنه يجب أن تقوم بدور، أما إذا أردنا نحن كعرب وليس مصر فقط، في إقامة دولة فلسطينية، لابد أن تكون هناك آليات على رأسها الضغط ليس على إسرائيل بل على أمريكا والغرب".
وأشار غباشي إلى أنه "وارد جدا أن تكون إسرائيل وأمريكا تريد تكرار سنوات السلام الماضية من أجل إضاعة الوقت لا أكثر طالما ليست هناك إرادة حقيقية ستتكرر الوساطة والمؤتمرات دون أي تأثير أو تحرك للأمام".
**وساطة والعدم سواء
بهذه الروح القلقة من تكرار مفاوضات فلسطينية إسرائيلية جادة برعاية عربية، قال المفكر الفلسطيني، عبد القادر ياسين، إن الوساطة المصرية ممتدة إلا أنه اعتبرها والعدم سواء؛ لكون إسرائيل لن تقبل أن تخسر أيًا من مكاسبها.
واعتبر أن "القضية الفلسطينية كانت جزءًا مهملا في الاهتمامات العربية وستظل ذلك خلال لقاء ترامب والسيسي ولن تجدي أي وساطة أيًا كان مصدرها وواشنطن هي عدونا الأول والمباشر؛ لأنها تخدم إسرائيل ومصالحها فقط".
وأضاف: "الفلسطينيون يجلسون في مفاوضات منذ 25 عامًا ولم يحدث سوى مزيد من القتل والأسر والاستيطان من قبل الاحتلال الإسرائيلي، وحتى إن دخلنا المفاوضات فإسرائيل هي الفائز الوحيد وسنخسر المزيد والمزيد لأن هي الأقوى ولن تقبل بأي شروط".
وحول القمة العربية الأخيرة، قال إن إعلان قمة "البحر الميت" إطلاق المبادرة العربية من جديد، يؤكد أن الجامعة العربية تغسل يديها من القضية الفلسطينية كما فعلت قبل ذلك عدة مرات، لأن هذه المبادرة ماتت من اليوم الثاني لصدورها عام 2002 بعد رفض الطرف الأقوى وهو إسرائيل ولابد من البحث عن بدائل قوية.
واعتمدت جامعة الدول العربية في قمتها التي عقدت في بيروت عام 2002، مبادرة للسلام مع تل أبيب، تنص على إقامة دولة فلسطينية معترف بها دوليًا على حدود 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، وحل عادل لقضية اللاجئين الفلسطينين، وانسحاب إسرائيل من هضبة الجولان السورية المحتلة والأراضي التي مازالت محتلة في جنوب لبنان، مقابل اعتراف الدول العربية بإسرائيل وتطبيع العلاقات معها.