هل تقف مصر على أعتاب صدام بين السلطة التشريعية والقضائية؟.. تقرير
وكالات
رصدت وكالات الأنباء العالمية، ملامح أزمة محتملة بين السلطة التشريعة في مصر، الممثلة حالياً في مجلس النواب، والسلطة القضائية الممثلة في الهيئات القضائية، ونرصد لكم في هذا التقرير أهم ملامح الأزمة المختملة، وفقاً لما نشرته وكالات الأنباء.
بدا أن الساحة السياسية المصرية ستنشغل في الأيام المقبلة بصدام بين السلطتين التشريعية والقضائية، فجّرته تعديلات على قانون السلطة القضائية مررتها مساء أول من أمس مبدئياً الغالبية النيابية، متجاهلة رفضها من كل الهيئات القضائية في مصر. وطالب القضاة بتدخل رئاسي لوقف إصدار القانون.
وكانت اللجنة التشريعية أقرت صباح أول من أمس تعديلات على قانون السلطة القضائية قدمها النائب أحمد الشريف. وتعطي هذه التعديلات حق تعيين رؤساء الهيئات القضائية إلى رئيس الجمهورية من بين ثلاثة نواب ترشحهم مجالس تلك الهيئات من بين أقدم 7 نواب لرئيس الهيئة، الأمر الذي أثار غضب القضاة. وأعلن نادي القضاة أنه في حالة انعقاد دائم، لكن البرلمان تجاهل الاعتراضات، وسارع في عقد جلسة عامة مساء اليوم ذاته لمناقشة التعديلات، وسط جدل بين النواب المؤيدين والمعارضين. لكن النقاش خلص في النهاية إلى تصويت الغالبية بـ «الموافقة على التعديلات من حيث المبدأ»، وإرسال التعديلات على مجلس الدولة لمراجعة صياغتها القانونية قبل إعادتها إلى البرلمان للتصويت عليها نهائياً.
وبذلك احتدم الصدام بين السلطتين التشريعية والقضائية، وسط تبادل للاتهامات بين الجانبين. إذ أكد رئيس نادي القضاة المستشار محمد عبدالمحسن أن التعديلات «يشوبها العوار الدستوري… وتعصف بضمانات استقلال القضاء المصري وهو أمر لن نتنازل عنه»، موضحاً أن التعديلات «تعطي الحق لرئيس الجمهورية باعتباره رئيس السلطة التنفيذية في اختيار رئيس السلطة القضائية، وهو ما يعد اعتداء على استقلال السلطة القضائية، ولا يمكن أن يتم السماح لسلطة بأن تتغول على سلطة أخرى». وأضاف: «الحجة التي يسوقها النواب في تبرير التعديلات بكونها وسّعت من دائرة الاختيار، مردود عليها بأن نادي القضاة كان تقدم باقتراح أرسل إلى البرلمان بأن يُعين رئيس محكمة النقض من بين ثلاثة من نواب الرئيس يرشحهم مجلس القضاء الأعلى، وهنا تكون دائرة الاختيار متسعة، لكن الفارق أن الاختيار بيد مجلس القضاء الأعلى على أن يرسل اسم المرشح إلى رئيس الجمهورية للتصديق عليه، ومن ثم الاختيار يكون قضائياً وليس بيد الرئيس». وشدد على أن استقلال القضاء «يقتضي حتماً أن تظل الاختيارات القضائية بيد القضاة أنفسهم»، مشيراً إلى أن القضاة «تواصلوا مع مؤسسة الرئاسة لترتيب لقاء سيطالبون فيه الرئيس (عبدالفتاح السيسي) بالتدخل لوقف تمرير تلك التعديلات».
وبالمثل، أكد مجلس إدارة نادي قضاة مجلس الدولة «رفضه التام مشروع التعديلات»، التي اعتبرها «إهداراً لمبدأ الأقدمية المقرر كأحد أصول العمل القضائي، وانتهاكاً لمبدأ استقلال القضاء الذي يقرره ويحميه الدستور، وافتئاتاً على مبدأ الفصل بين السلطات، ويغفل حق الجهات القضائية في اختيار رؤسائها». وأعرب النادي في بيان عن «استنكاره واستيائه البالغ من إعادة تقديم هذا المشروع وتمريره بهذه السرعة بعد أن ظهر جلياً رفض جموع القضاة هذا المشروع المشبوه، وهو ما يثير الشك حول الغرض من هذا المشروع والرغبة في تقويض دعائم القضاء في هذا التوقيت بالذات»، مؤكداً أن قضاة مصر بخاصة قضاة مجلس الدولة «قادرون على حماية استقلالهم ورد أي اعتداء ينال من قدسية القضاء وقيمة تقاليده الراسخة».
أما النائب أحمد الشريف، الذي كان تقدم بالتعديلات المثيرة للجدل، فأكد أنه لا يمكن «الإقدام على إصدار تشريع يمس استقلال القضاء، السلطة التشريعية عندما تصدر تشريعاً فهذا حقها أما السلطة القضائية فمصونة»، معتبراً أن «تعيينات رؤساء الهيئات القضائية هي عمل تنفيذي للقاضي لا يمكن أن يكون بأي حال من الأحوال عملاً قضائياً وإنما عملاً تنظيمياً، أما عمل القضاء فوق المنصة فهو عمل قضائي لا يجوز المساس به»، مشيراً إلى أن التعديلات التي مررها البرلمان «استحقاق دستوري بات من المحتم تنظيمه ويجب أن يتدخل البرلمان لوضع القانون». وأضاف: «مع بداية مناقشة التعديلات أرسلنا إلى كل الهيئات القضائية مشروع التعديلات المقترح لأخذ رأيها لكنها لم ترسل موقفها إلا رداً واحداً جاءنا من مجلس الدولة (برفض التعديلات)، فبات من المحتم أن نمضي في تمرير التعديلات».
وكان رئيس تحالف «دعم مصر» الذي يمتلك الغالبية النيابية، النائب محمد السويدي، دافع عن التعديلات في كلمته أمام جلسة أول من أمس، مؤكداً أن مشروع التعديلات «يضمن استقلال القضاء أكثر ولا يخالف الدستور»، مشيراً إلى أنه عندما ينص مشروع القانون على اختيار ثلاثة قضاة من بين أقدم سبعة نواب لرئيس الهيئة «فهذا يعطي حرية أكثر للقضاء بدلاً مما كان معمولاً به في الماضي باعتماد الأقدمية فقط». وأضاف: «هذا تعديل لضمان أكبر لاستقلالية القضاء، وجميع النواب يحرصون على احترام القضاء».
وأمام احتدام الجدل، طالب وكيل لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية في البرلمان النائب نبيل الجمل بإجراء لقاء بين نواب البرلمان والهيئات القضائية للسعي إلى تقريب وجهات النظر بين الطرفين، وأقر بأن تمرير التعديلات «أحدث حساسية لا داعي لها، نحن لسنا ضد الهيئات القضائية بل إن مشروع القانون تنظيمي بحت».