هل تورطت أية حجازي في اعمال الجاسوسية في مصر؟!
أثارت قضية الناشطة الحقوقية اية حجازي، الكثير من الجدل، ولا سيما بعد الافراج عنها، واستقبال ترامب لها في البيت الأبيض، الأمر الذي أثار الريبة عن أهمية هذه الفتاة بالنسبة للولايات المتحدة.
ونشر موقع البديل مقالاً، يعرض وجهة نظر مختلفة، عن خلفية هذه الفتاة، عادت الناشطة المصرية آية حجازي التي تحمل الجنسية الأمريكية إلى واشنطن، حيث استقبلها الرئيس دونالد ترامب هي وأسرتها بحفاوة بالغة في البيت الأبيض، بعد أن تركت وراءها في مصر عشرات الأسئلة الحائرة حول سبب سجنها لنحو 3 سنوات، وعن الاتهامات الخطيرة التي كانت موجهة لها، وكيفية حصولها – فجأة – على البراءة، وعن الدور الذى لعبه ترامب في القضية، وأخيرا وليس آخرا عن تدخل السلطة التنفيذية ممثلة في الرئيس السيسي في الأحكام القضائية.
التهم التي لاحقت آية، وهى الاتجار في البشر واختطاف أطفال وهتك أعراضهم واستغلالهم جنسيا وإجبارهم على الاشتراك في مظاهرات ذات طابع سياسي، كانت في منتهى الخطورة، وربما كانت ستؤدي بها إلى السجن المشدد مدى الحياة في أحسن الظروف، إلا أن محكمة جنايات عابدين التي كانت تباشر نظر قضيتها أصدرت الأسبوع الماضي حكما ببرائتها هي و7 متهمين آخرين من بينهم زوجها، لكن ما يثير الدهشة أن هذا الحكم صدر بعد حبس آية احتياطيا نحو 3 سنوات، وهي فترة طويلة ومبالغ فيها للتدقيق في صحة هذه الاتهامات التي وجهتها النيابة لها، بل وتثبت جدية هذه الاتهامات، أو أن النيابة لفقت لها هذه التهم بطريقة كيدية، أو أهملت في عملها بشكل عرض آية وزملائها لظلم بين، وهما احتمالان يقللان من هيبة القضاء المصري!
أما الأخطر من ذلك، فهو ما بثته وكالة “رويترز” نقلا عن مسؤول أمريكي، رفض الكشف عن هويته، أن الرئيس دونالد ترامب كان قد طلب سرا من الرئيس السيسي المساعدة في تسوية هذه القضية، خلال زيارته لواشنطن في بداية شهر أبريل الجاري، دون أن تنفي مؤسسة الرئاسة المصرية أو تؤكد ما ذكره هذا المسؤول الأمريكي، وهو ما يفتح الباب أمام مزاعم تتعلق بتسييس القضاء المصري، وتدخل السلطة التنفيذية في شؤونه، وهو أمر يسىء للحكم في مصر، ويجعلنا نبدو وكأننا كإحدى جمهوريات الموز التي لا تتقيد بدستور أو قانون أو أي إجراءات ديمقراطية تحترم مفاهيم حقوق الإنسان وحرياته.
ما يثير الدهشة البالغة، هو التغير الكبير في موقف السلطة في مصر من قضية آية؛ ففي شهر سبتمبر من العام الماضي، طالب البيت الأبيض خلال إدارة الرئيس السابق باراك أوباما من الحكومة المصرية إسقاط التهم الموجهة لآية والإفراج عنها، وهو ما رفضه بشموخ المستشار أحمد أبو زيد، المتحدث باسم الخارجية المصرية، مستنكرا ما وصفه بالحرف الواحد “إصرار بعض الدوائر الرسمية الأمريكية على الاستهانة بمبدأ سيادة القانون في مصر والتعامل معه بانتقائية لدرجة المطالبة الصريحة بالإفراج عن إحدى المتهمات في قضية جنائية لأنها تحمل الجنسية الأمريكية والمطالبة بإسقاط التهم الموجهة إليها”، فما الذي جد حتى تقبل مصر الاستهانة بقوانينها والتعامل بانتقائية معها؟ ولماذا تراجعت الخارجية المصرية لدرجة التناقض عن موقفها الثابت من محاكمة آية بهذا الشكل الغريب؟ وهل توجد في العالم كله دولة – أو حتى شبة دولة – تتعامل بهذه الاستهانة مع قوانينها، وتجعل نفسها عرضة لانتقادات تقلل من سمعتها وهيبتها أمام مواطنيها وأمام العالم كله؟ وقبل ذلك كله لماذا تعاملت إدارة ترامب مع أصدقائها في مصر بهذا الشكل الذي وضعهم في هذا الحرج البالغ؟!
قد تكون آية بريئة فعلا كما قررت المحكمة، التي رفضت التخلى عن جنسيتها المصرية مقابل الإفراج عنها كما فعل الناشط محمد سلطان من قبل بعد أن كاد يلقي حتفه في السجن، ومع ذلك، فإن الكثير من نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي يتهمونها بأنها كانت جاسوسة أمريكية، وتمولها السي آي إيه، بل وذهب بعضهم للقول “بأن استقبال ترامب لها أكبر دليل على أنها كانت تؤدي خدمات تجسس جليلة للولايات المتحدة الأمريكية”، وهي تهم لم توجهها لها النيابة، رغم خطورتها التي لا تقل عن التهم الموجهة لها أصلا، في حين يتجاهل هؤلاء الرسالة السلبية التي يبعثها نظامنا القضائي برمته الذي يحاكم 7 متهمين كل هذه السنوات الطويلة ثم تثبت له، فجاة، براءتهم من تهم بهذه البشاعة!!
آية حجازي هي عنوان لحالة التردي التي وصلنا لها في مصر، لا توجد دولة تحل مشاكلها أو حتى تقوي علاقتها مع القوى العظمى بهذا الشكل البدائي والساذج، هناك قواعد وأعراف تتعامل بها الدول القوية مع أصدقائها وأعدائها، وقبل ذلك مع مواطنيها.. حتى لا نبدو وكأننا لا نزال نعيش في شبة دولة، إن لم تكن عزبة!