هل يصمد المواطن البسيط امام غلاء الاسعار في رمضان 2017؟.. تقرير
في ظل الازمة الاقتصادية الحالية، واقتراب شهر رمضان، رصدت وكالات الانباء العالمية حال المواطن المصري البسيط، أمام ووعود الحكومة بتوفير السلع التميوينة بأسعار مناسبة.
كلما استيقظ المصريون وفوجئوا بالأيام تركض صوب الشهر الكريم، تسارعت دقات القلوب وتخبطت خطوات أصحاب الدخول وتواترت مخاوف الجيوب، حيث نيران مشتعلة في المحلات و «السوبرماركت»، وضمائر ميتة في قلوب أصحابها، وتصريحات متتالية من كبار رجال ونساء الدولة جميعها يصب في خانة طمأنة الفقراء وتهدئة الملتاعين من قرب قدوم الشهر الكريم.
الشهر الكريم، الذي تحول من أقصى يمين البذخ والإسراف والإمعان في كل ما هو مصنف تحت بند الكماليات إلى أقصى يسار الحرص والتقطير والدعاء على البنوك الأممية ومؤسسات التسليف والتمويل الدولية، التي جعلت من الجنيه عملة هزيلة ومن السلع والمنتجات أحلاماً بعيدة، يهدد بالقدوم سريعاً، وهو التهديد الذي تصاحبه هبة من التصريحات الحكومية والوعود الرسمية التي يقول عنها رجل الشارع إنها باتت كلاماً في كلام.
كلام رئيس لجنة الخطة والموازنة في مجلس النواب المهندس ياسر عمر أن الضغط الاقتصادي لن يستمر طويلاً على المواطنين، واعداً بإجراءات حكومية لتخفيض الأسعار قبل حلول شهر رمضان، وأن الأمور ستتحسن في بداية العام المقبل متوقعاً انخفاض نسة التضخم، قوبل بموجة من السخرية وعدم التصديق. فبين «لن يكون هناك ضغط على المواطنين لأنه لن يكون هناك مواطنون» و «يبدو أن الحديث معني برمضان 2018»، لا يعول الشارع كثيراً على نوابهم لتخفيف أعبائهم وذلك – وبحسب طلعت الموظف الحكومي – لأن الشعب أصبح واقعياً.
واقعية المشهد التي قفزت بنسبة التضخم في مصر للمرة الأولى منذ ثلاثة عقود لتصل إلى 31،7 في المئة (بحسب الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء) كشفت عن وجه بالغ الإيلام، حيث أسعار الغذاء والمشروبات ارتفعت بنسبة قاربت الـ42 في المئة، واللحوم والدواجن بنسبة نحو 35 في المئة مقارنة بالوقت نفسه من العام الماضي.
العالمون ببواطن الاقتصاد يتحدثون عن الارتفاع القياسي الذي يضرب المصريين منذ اتخاذ القرارات الاقتصادية شديدة الإيلام وتحرير سعر صرف الجنيه المصري أمام العملات الأجنبية في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي.
وغيرُ العالمين بالاقتصاد لكن الغارقون في آثار القرارات المؤلمة والأسعار المتوحشة والمعيشة المتدهورة يتحدثون عن «أيام سوداء» و «أوضاع قاتمة» لم تعد تخففها تصريحات مطبطبة للآلام أو خطط واعدة بتحقيق جانب من الأحلام الرمضانية.
الأثير المصري متخم بتصريحات صادرة عن مباحث التموين والتجارة تدور في فلك الخطط المحكمة والإجراءات الصارمة والعقوبات الرادعة التي تهدف إلى ضمان توفير الخدمات والسلع للمواطنين طوال شهر رمضان، لا سيما الخضروات والفواكه واللحوم والدواجن. لكن الدواجن تأبى أن ترتدع أو حتى ترتجف. فالبورصة اليومية تشير إلى ارتفاعات جنونية جعلت من الدجاجة ملكة متوجة تجلس جنباً إلى جنب مع اللحوم التي عزّت منذ سنوات، و «الياميش» الذي اختفى تحت وطأة قيود الاستيراد وفراغ الميزانيات وواقعية الأحوال الاقتصادية للبلاد ومن ثم العباد.
أحوال الاقتصاد وانضباط الأسواق وسيولة التصريحات تكالبت على الغالبية المطلقة من المواطنين العاديين القابعين في شتى أرجاء هرم مصر الطبقي. الجميع يشكو من غياب شبه كامل للرقابة على الأسعار، وهو ما يعزز فقدان الثقة الكلاسيكي بين المواطن وأصحاب التصريحات لا سيما تلك المصاحبة لشهر رمضان.
لكن يبدو أن جهوداً تبذل لضبط المعادلة والتحكم في الموازنة. فلو كانت الموازنة الدولارية المنعكسة سلباً على الجنيهات المصرية قد أعيت الجميع، فإن الموازنة الترفيهية المنعكسة إيجاباً على البيوت المصرية والمزاجات الشعبية تسير نحو ملء الفجوة الدولارية بل وتعويض الصابرين خيراً بجرعة درامية غير مسبوقة وبرامج حوارية غير معتادة. فالطرق الرئيسية تنضح بلوحات إعلانية لا حصر لها عن الوجبات الدرامية الموعودة والبرامج الفنية المنظورة، وهو ما بات يسعد المواطن ويهدئ من روعه الرمضاني لحين إشعار آخر.