هل يُناقش البرلمان حكم «مصرية تيران وصنافير؟»..«تقرير»
وكالات
لا يزال صدى حكم مصرية جزر تيران وصنافير, يشغل جميع وسائل الإعلام والوكالات العالمية, لكونه حكم تاريخي فصل في قضية دولية, سوف يستمر في الأذهان لأجيال قادمة, فضلاً عن رد فعل الحكومة المصرية, وتردد أقاويل بعرض الاتفاقية على البرلمان, فهناك من يقول أن العرض بالأساس ,لأن هناك حكم قضائي نهائي ويجب احترامه أحكام القضاء, والآخر يقول أن لمجلس النواب الحق في مرور الاتفاقية عليه.
في هذا الشأن قامت شبكة سي إن إن الأمريكية, بإجراء مناظرة بين نائبين بالبرلمان, أنور السادات, وأبو حامد, فالأول يرى أن العرض باطل , والثاني يثق في سعودية الجزر, ونشرت الحوار عبر موقعها الإلكتروني الناطق بالعربية.
السادات : مناقشة تيران وصنافير في البرلمان سيزيدنا انقساما
أبوحامد : مندهش من حكم المحكمة ورأيت وثائق تؤكد سعودية الجزيرتين
وكان هذا نص المناظرة :
هل سيستمر عرض إتفاقية ترسيم الحدود على مجلس النواب ؟
محمد أبو حامد : رئيس المجلس قال بشكل مباشر إن الاختصاص الأصيل للنظر في المعاهدات والاتفاقيات الدولية هو مجلس النواب، ومع احترامنا الكامل للقضاء وأحكامه ، فلا توجد سلطة من السلطات تستطيع أن تحرم سلطة أخرى من حقها الدستوري، وبالتالي المجلس سينظر في الاتفاقية، كما أن المجلس لا يملك التنازل عن اختصاصاته الدستورية التي كفلها له الدستور، لأننا أقسمنا على احترام الدستور، وأن نؤدي ما أوجبه علينا ، والدستور بشكل مباشر وصريح وحصري أعطى إختصاص النظر في الاتفاقيات والمعاهدات الدولية للبرلمان.
وقد سبق لبعض المواطنين أن ذهبوا إلى المحكمة عندما وقعت مصر اتفاقية السلام مع إسرائيل لإيقافها عن طريق القضاء الإداري، ولكن المحكمة وقتها لم تقبل القضية ، وقالت لا يوجد ولاية للقضاء على أعمال السيادة ، وأيّدت المحكمة الدستورية قرار القضاء الإداري، وقالت إن الاتفاقيات الدولية لا يفصل فيها في القضاء، وإنما البرلمان هو من يحدد موقفه منها .
أنور السادات : هناك آراء من بعض النواب ترى أن مناقشة مثل هذه الاتفاقيات حق دستوري يجب أن تُعرض على المجلس ، ولكن أنا لا أرى ذلك لأن عرضها لن يزيدنا إلا انقساما، فلدينا حكم قضائي نهائي يجب أن يُحترم، لأن إحالة الإتفاقية لمجلس النواب جاءت من رئيس الوزراء ، وليس من رئيس الجمهورية ، لذا يجب أن يتوقف البرلمان عن النظر فيها.
ألم يكن القضاء الإداري يعلم بعدم اختصاصه للنظر في القضية ؟
أبو حامد : الموقف برمته غريب في أن يقبل القضاء الإداري بالفصل في هذا الأمر، لكن هناك دعوى قضائية أمام المحكمة الدستورية للفصل، بمعنى هل كان للقضاء الإداري الحق في ينظر في هذه القضية ؟ والحكومة عندما طعنت على حكم أول درجة للقضاء الإداري وضعت دعوى قضائية أمام المحكمة الدستورية العليا للطعن في أحقية القضاء الإداري أن ينظر اتفاقية هى من أعمال السيادة .
السادات : القضاء لم يحشر نفسسه في الموضوع من البداية، فهذه دعوى قضائية نظر فيها القضاء الإداري تحت أعين الحكومة التي دخلت كطرف في القضية، وترافعت وطعنت. فالقضاء هنا استدعي ولم يفرض نفسه، بالإضافة إلى أن البرلمان نفسه انتظر حتى صدور حكم المحكمة الإدارية العليا، ولم يتصد للقضية .
ماذا سيكون موقف المجلس بعد حُكم المحكمة الإدارية العليا ؟
أبو حامد : سننظر في المستندات التي وصلت للمجلس من الحكومة مع الإحالة، بالإضافة إلى المستندات التي تم إدراجها وتقديمها للمحكمة، زيادة على حكم المحكمة وحيثياته الواردة، وسننظر في جميع المستندات، وفي ضوء كل ذلك سيأخذ المجلس قراره.
السادات : الحكم أصبح مطروحا أمام كل أعضاء المجلس، حكم واضح رد على أمور عدة ، ولاقى قبولا وترجيبا من الشارع المصري، لذا يجب أن يتوقف الجميع عن الحديث في هذا الأمر .
ألا ترى أن الحكم أحرج مجلس النواب ؟
أبو حامد : لاشك أن هناك إحراجا سياسيا ، لكن المفروض على رجال الدولة الذين يحركهم الدستور والقانون والمصلحة الوطنية، أن يتجاوزوا هذا الإحراج. لو حدث إحراج سياسي ستُغلب المصلحة الوطنية وأحكام الدستور، والمجلس كان من الممكن أن يقول بمنتهى السهولة إنها القرار جاءت من القضاء، ولكن بهذا الشكل سيكون قد أهدر حقا دستوريا للبرلمان، ليس لهذا البرلمان فقط ، بل لكل البرلمانات المقبلة.
ولو هناك حق للمواطنين سنكون قد تخلينا عن دورنا بحق هؤلاء المواطنين. حقيقة أن الفترة الحالية تعد امتدادا للفترة الانتقالية، بمعنى أن هناك دستورا جديدا يطبق لأول مرة ، ووارد فيه أن يحدث ارتباك، لكن في النهاية الممارسات الحالية هي التي ستأصل للتطبيق العملي للدستور.
وخطورة الموقف الحالي لا ترتبط فقط بالموقف الحالي وحساسيته، إنما من أجل أن المجلس إذا لم يمارس اختصاصه فسيتحول ذلك إلى عادة تسير عليها الأمور مستقبلا بخصوص اتفاقية أخرى تذهب للقضاء. وهكذا سيحدث خلط في الاختصاصات ما بين السلط المختلفة. ومن أجل ذلك واجب علينا في مجلس النواب أن نمارس اختصاصنا لتأصيل الحقوق الدستورية للمؤسسات والسلطات المختلفة.
السادات : وارد أن يحدث الإحراج ، وإنما أرى أنه بعد الحكم يجب أن نعيد التفكير مرة أخرى للخروج من هذا المأزق ، فعرض الاتفاقية سيتسبب في مشاكل كثيرة بين البرلمان والرأي العام ، وبين البرلمان والقضاء، وبين البرلمان والحكومة، ونحتاج لتهدئه والتفكير بهدوء للتوصل الى طريق للخروج من هذا الموقف. كما أننا نراعي الجانب السعودي ، ويمكن أن نعيد فتح الحوار حول هذه الاتفاقية. أرى أن المسألة ليس إحراجا فقط ، بل لدينا حكما نهائيا، وفتحه من جديد سيدخلنا في صراعات نحن في غنى عنها .
البعض يتخوف من صراع سلط فيما لو جاء قرار المجلس على عكس حكم المحكمة ؟
أبو حامد : لا مجال للصراع بين السلط ، وما يفصل في هذا الأمر المحكمة الدستورية العليا، والخطوة التي اتخذتها الحكومة وهى تطعن أمام المحكمة الإدارية العليا والدستورية العليا، اتخذت لأجل إغلاق الباب في وجه الصراع بين السلط، ورئيس المجلس أكد في أكثر من مناسبة احترام القضاء وأحكامه، فبمجرد أن تقول المحكمة الدستورية موقفها ، سينتهي الأمر، وفي النهاية الموضوع ليس فيه صراع على مصلحة ما ، لأن المصلحة الوطنية هى من تحرك الجميع ، وليس من المتصور أن يكون هناك صراع ، فكلنا نبحث عن حقوق المصريين والتطبيق الصحيح للدستور الجديد .
أنور السادات : أعتقد أن المجلس حتى وإن كان يستند على أن من حقه النظر في الاتفاقيات والمعاهدات ، إلّا أن اتفاقية ترسيم الحدود مع السعودية جاءت مخالفة للمادة 197 من اللائحة الداخلية للمجلس ، فهى لم تُوقع من رئيس الجمهورية، لذا يجب أن تعاد لمجلس الوزراء ونلفت نظره إلى أنها أتت مخالفة للدستور وللائحة الداخلية للمجلس .
ماذا لو لم تقدم الحكومة لمجلس النواب غير ما قدمته للمحكمة ؟
أبو حامد : هذا الموضوع مثار منذ 7 شهور ، ونحن في إئتلاف دعم مصر أتينا بخبراء من كافة المجالات، وأنا بشكل شخصي تتبعت الوثائق في المؤسسات ، ومندهش من أن أرى المحكمة الإدارية العليا تقول إن هذه المستندات لا ترقى للمستوى المطلوب، فالدولة أودعت وثيقة دولية موقعة من رئيس الجمهورية بعلامات الأساس للأمم المتحدة تقول فيها أن هذه هى علامات حدودي، لم يكن فيها جزيرتي تيران وصنافير، فهل هذه الوثيقة لا ترقى كما قالت المحكمة في حيثيات حكمها ؟
وقد عُرضت هذه الوثيقة على مجلس الشعب عام 1982 ، ونُشرت في الجريدة الرسمية ، فهل هذه الوثيقة ليس لها دليل ؟ وهناك مراسلات بين وزراء خارجتي مصر والسعودية تشير إلى رغبة السعودية باسترداد الجزيرتين، وإقرار مصري بملكية وسيادة السعودية على الجزيرتين، وأن مصر وضعت يدها عليهما باتفاق بين الدولتين بسبب حالة الحرب بين مصر وإسرائيل.
السادات : لا أتوقع أن تقدم الحكومة مستندات بغير ما قدمتها للمحكمة ، وإلا كانت قدمتها أمام المحكمة، والتالي أرى أن الأمر محسوم في هذه القضية .
هل توقعت أن يخرج حكم المحكمة الإدارية العليا بهذه الحيثيات ؟
أبوحامد : لم أتوقع أن يخرج الحكم بهذا الشكل في ضوء المستندات التي اطلعت عليها ، وقد تكون لم تقدم للمحكمة، وهذا أمر تُسأل عليه الحكومة المصرية ، لكن لا أملك التعليق على الحكم .
أنور السادات : لم أتوقع بهذه الحيثيات التي صدرت في 59 صفحة، وبهذا الوضوح وهذه الكيفية، ولكني سعيد بالحكم .
هل الحكم يأزم الموقف بين السعودية ومصر ؟
أبو حامد : أتصور أن الأمر لا يؤزم العلاقة مع السعودية، لأن المملكة العربية السعودية تعلم أن مصر دولة دستور ومؤسسا ، ونحن نحترم مؤسساتنا ونتعامل في إطار الدستور والقانون ولا مجال للأزمة، وفي النهاية نتحرك داخل تلك المؤسسات ، والسعوديون قالوا بعد الحكم إن هذا شأن داخلي مصري .
السادات : بالتأكيد سيكون للحكم تداعيات في علاقتنا مع السعودية ، لذلك قلت إن على الحكومة المصرية أن تفتح التفاوض والتفاهم مع الحكومة السعودية لشرح ما حدث ، حرصا على العلاقات ونحاول أن نتواصل الى صيغة مشتركة، وعلى الحكومة المصرية أن تبذل جهدا لمنع التراشقات بين الجانبين .
سؤال للسادات : البعض يرى إنه من الممكن أن يوافق البرلمان على الاتفاقية في ظل أغلبية دعم مصر الموالية للنظام ؟
لا أستبعد أي شيء، ولكن لننتظر لأني أرى أن هذا الموضوع وطني ويلمس الجميع ، وليس بهذه البساطة ، ومن الصعوبة أن نقول مثل هذا الكلام الآن.