راديو

رئيس مجلس الإدارة
منال أيوب

رئيس التحرير
محمد الاصمعي

نسخة تجريبية

ولات حين مناص …

السيد محمد هيبه

 

بقلم : السيد محمد هيبة
بعد فوات الأوان .وبعد أن لا يكون هناك للكافرين أمل في رحمة الله حينها ينادُون ويصطرخون لكن : لات حين مناص . لات: أي ولَّى وذهب ومضى وانتهى إلى غير رجعة.
أما كلمة حين :فمعناها زمن أو وقت .
والمناص : هو المهرب والنجاة والفرار من الهلاك.
يقول الله سبحانه ( ص والقرآن ذي الذّكر .بل الذين كفروا في عزّة وشقاق.كم أهلكنا من قبلهم من قرن فنادوا ولات حين مناص)
يقسم الله بالقرآن ذي الذكر أي ذي الشرف وذي التذكيروالإنذار والمشتمل على ما فيه نفع للعباد في معاشهم ومعادهم ويؤكد القرآن رغم كل ما فيه من الآيات والنُّذُر (بل الذين كفروا في عزة وشقاق) وعزّةٍ هنا بمعنى الغرور والاستكبار. وهذا شأن المجرمين ،تأخذهم العزة بالإثم فلا يعتبرون ولا ينتفعون بآيات الله البينات وبما فيها من العبر بمصائر الذين أهلكهم الله من قبلهم ،ومعنى أنهم في شقاق أي في مخالفه..ومعانده..وتكذيب لآيات الله ودلائل قدرته وقوته .وإذا كان حالهم هكذا فكان لابدّ أن يأخذهم الله أخذ عزيز مقتدر حيث يعمّهم الله بعذابه بلا رحمة حيث لا فوت ..ولا مناص .. ولامهرب من الهلاك.والسؤال.. متى يكون ذلك؟ يكون في حالتين لا ثالث لهما..
الأولى: الذين يموتون وهم كفار نقول لهم: ولات حين مناص .وتأكيدا لقول الله سبحانه (إن الله لا يغفر أن يُشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء)
والحالة الثانية : التوبة المتأخرة عند رؤية ملك الموت .في حالة اليأس من الحياة عندما تحشرج الروح في الحلق ويضيق بها الصدر وتبلغ الحلقوم وتغرغر النفس صاعدة إلى خالقها فلا توبة متقبلة حيث ينطبق عليهم قول الحق (ولات حين مناص ) تماماُ كفرعون لعنه الله لمّا تجاوز الله بموسى وبني إسرائيل البحر فأتبعهم فرعون وجنوده حيث أمر الله البحر فعاد لطبيعته ليغرق فرعون ومن معه (حتى إذا أدركه الغرق قال آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين ) آمن بعد فوات الأوان فكان الرّد الحاسم من الله ( لات حين مناص)
وضح أن حديثنا اليوم عن التوبة ومتى يمكن أن تكون أو لا تكون والتي بينها ربنا تبارك وتعالى بقوله( إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب فأولئك يتوب الله عليهم وكان الله عليماً حكيماً .وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن ولا الذين يموتون وهم كفار أولئك أعتدنا لهم عذاباً أليماً) يقول الحق سبحانه وتعالى أنه يتقبل التوبة ممن عمل السوء بجهالة. فما معنى جهالة؟ أجمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن كل شيء عُصِيَ الله به فهو جهالة عمدا كان أو سهواً وقال مجاهد وغيره : كل من عصى الله خطأً أو عمدا فهو جاهل بقدر ربه وقدرته وعظمته وحتى ينزع عن الذنب. وكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولون : كل ذنب أصابه العبد فهو بجهالة. أما معنى قول الحق (ثم يتوبون من قريب) فهو كل ما كان دون الموت.وفي حديث شريف لرسول الله صلى الله عليه وسلم( إن الله يقبل توبة عبده ما لم يغرغر ) أما الذي مات على الكفر فلا يُقبل منه فدية ولو افتدى بملئ الأرض ذهباً ذلك أنه : (لات حين مناص)،يقول رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم (لله أشدّ فرحاً بتوبة عبده من أحدكم سقط على بعيره وقد أضلّه بأرضٍ فلاه )
أحبتي في الله توبوا قبل أن تموتوا لأن الموت يأتي بغتة وقد كان رسولكم يتوب إلى الله في اليوم بل في المجلس الواحد مائة مرة، طبت حيّاً وميتاً يا حبيبي يا رسول الله .
وأعوذ بالله أن تكونوا من الذين لم يعتبروا فاصطرخوا وهو يُقذفون في النار فنادوا.. لكن (ولات حين مناص).

 
وسبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.

Login

Welcome! Login in to your account

Remember me Lost your password?

Don't have account. Register

Lost Password

Register