راديو

رئيس مجلس الإدارة
منال أيوب

رئيس التحرير
محمد الاصمعي

نسخة تجريبية

يس~ . والقرآن الحكيم

 

 

 السيد محمد هيبه

بقلم : السيد محمد هيبه

التحدّي ..والإعجاز ..يس~ هو التحدي والقرآن الحكيم هو الإعجاز …الياء والسين حرفين من بين الحروف المقطعة في أوائل بعض السور وهي مما استأثر الله بعلمه وقيل هي حروف ذُكرت تُغني عن ذكر بواقيها..  ..والقرآن الحكيم أي المحكم لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه . دقيق ليس فيه اختلاف و(لو كن من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا) حفظه الله من أي تحريف أو زيادة أو نقصان لقول الحق (إنّا نحن نزّلنا الذكر وإنّا له لحافظون)

نعود للتحدّي : أرسل الله سبحانه سيدنا موسى عليه السلام إلى قوم برعوا في السّحر فأعجزهم وتحدّاهم بعصاه التي يلقيها فإذا هي حيّة تسعى ..وبيده التي يضمها لجناحه أو يدخلها في جيبه فتخرج بيضاء وضّاءة من غير سوء في تسع آيات ..فكان السحرة هم أول المؤمنين .

وأرسل الله سبحانه سيدنا عيسى عليه السلام إلى قوم برعوا في الطب وعلومه فأعجزهم وتحداهم بإحياء الموتى بإذن الله وإبراء الأكمه (الذي وُلد أعمى) فيُبصر بإذن الله .وإبراء الأبرص ،(والبرص مرض جلدي لا شفاء له) فيشفى بإذن الله ،

وأرسل الله سبحانه حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم إلى قوم بلاغة وفصاحة وأهل سوق عكاظ حيث يجتمعون ليتبارزوا بقصائد الشعر البليغة المرتجلة ثم يتبادلونها شفاهة فيما بينهم فخراً بأنسابهم وبطولاتهم وغزلاً عاطفياً ومدحاً وهجاءً. أرسله الله إليهم ليتحدّاهم بالقرآن العربي فأعجزهم بفصاحته وكان تحدي القرآن هو الأعلى والأغلب وذهبت معجزات كل الأنبياء معهم وبقي القرآن المعجزة الباقية معنا على العين والرأس وفي القلب يُتلى إلى يوم القيامة..أعطاهم الله أدوات القرآن وهي الحروف في أوائل السور ليعارضوه بمثله وكأنه يقول هذه هي المواد الأولية والدّرُّ الخالص وسبائك الذهب المُصفّى التي منها وبها القرآن وهذا صنع الله فأروني صنعكم اكتبوا قرآناً إن استطعتم ولكن هيهات (قل لو اجتمع الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا) وتكرر التحدي في أوائل تسع وعشرون سوره استهلّها بالحروف المقطعة وجعلها في سور غير متتالية ليكون أبلغ في التحدي والتبكيت وجاءت الحروف على مثل كلام العرب بعد تجريده تبدأ من حرف إلى خمسة أحرف لا تزيد ،على حرف واحد مثل : (ق~. والقرآن المجيد) وعلى حرفين (يس~ .والقرآن الحكيم) وعلى ثلاثة أحرف (الم.ذلك الكتاب لا ريب فيه) وأربعة أحرف (المص.كتاب أنزلناه إليك فلا يكن في صدرك حرج منه) وخمسة أحرف (كهيعص.ذكر رحمة ربك عبده زكريا).

ولعلّك لاحظت أن كل سورة تبدأ بالأحرف المتقطعة يُذكر فيها إعجاز القرآن والانتصار له. وانظروا لذلك الكذاب مسيلمة الذي كان يتحدث مع عمرو بن العاص قبل أن يُسلم ، فقال له ماذا أُنزل على صاحبكم هذه الأيام؟ قال عمرو :أُنزلت عليه سورة وجيزة بليغة (والعصر.إن الإنسان لفي خسر.إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات. وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر) فقال مسيلمة الكذاب بعد أن فكر هنيهة لقد أُنزل عليّ مثلها، فقال عمرو بن العاص : وما هي؟ قال : (يا وبر يا وبر.إنما أنت أذنان وصدر. وسائر حفر ونقر) ، _والوبر هذا دابّة تشبه القط ،أذناه وصدره كبيران والباقي دميم_ فقال له عمرو بن العاص : والله انك تعلم أنني أعلم أنك كذاب .. أراد مسيلمة الكذّاب أن يُركّب هذا الهذيان على ما يعارض به بلاغة سورة العصر التي قال عنه الإمام الشافعي :لو تدبّر الناس هذه السورة لوسعتهم أي لو سلكوا أوامرها ونواهيها لكفتهم .وهذا إعجاز آخر ، أن بعض آيات القرآن أو بعض سوره القصيرة تُشبع فؤاد وروح القارئ المتدبر المتأمل وتسع كل خلق الله إلى الهدى والرشاد ،وحروف القرآن المقطّعة لو حذفنا المكرر منها تصير أربعة عشر حرفاً أي نصف عدد أحرف اللغة العربية تجمعها تلك الحكمة في وصف القرآن (نَصٌ حكيمٌ قاطعٌ له سر ) وهذه الحروف لم تنزل عبثا ولا سدىً فعلى قارئها أن يدرك قدرها ويعطيها حقها من الخشوع والتجويد عند تلاوتها لعظيم دلالتها ومغزاها وليس في القرآن ما تعبّد لا معنى له وقد أَمرنا أن نقول (آمنّا به كلٌ من عند ربنا ) ولعلّنا نستعير قول الإمام البوصيري في بردته وصفاً لآيات القرآن وحروفه :

كالدّرّ يزداد حسناً وهو منتظمٌ ….وليس ينقص حسناً غير منتظم .

حقاً إنه التحدي والإعجاز.

 فسبحان الله الذي دقّت في كل شيء حكمته.

وسبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.

Login

Welcome! Login in to your account

Remember me Lost your password?

Don't have account. Register

Lost Password

Register