3 ملفات أساسية في العلاقات المصرية الفرنسية في عهد ماكرون..تقرير
بعد تسلُم إيمانويل ماكرون مقاليد الحكم في فرنسا وانتصاره الكبير على مرشحة اليمين مارين لوبان في الانتخابات التي أجريت مُؤخراً, توقع محللين أن تستمر العلاقات المصرية الفرنسية دافئة للغاية.
ورسميا تسلم ماكرون مهام منصبه كرئيس لفرنسا بوصوله قصر الإليزيه، الأحد الماضي، عقب 6 أيام من إعلان فوزه بنسبة 66.10% من أصوات الناخبين، مقابل حصول منافسته اليمينية لوبان على 33.90% من الأصوات.
ووفق محللين سياسيين ، فإن مستوى الصداقة والتعاون بين القاهرة وباريس لن يتأثر سلبا بقدوم "سيد القصر الفرنسي الجديد"، حفاظا على 3 مصالح مشتركة، وهي صفقات التسليح، ومكافحة الهجرة غير الشرعية، والحرب على الإرهاب".
غير أن حرص ماكرون على احترام الحريات والديمقراطية –بخلاف سلفه فرانسوا أولاند- سيكون بمثابة "كعب أخيل" في علاقات فرنسا مع مصر، التي تواجه انتقادات محلية ودولية بشأن انتهاكات وتجاوزات حقوقية، وفق تقارير سابقة، لكن الخلاف حول قضايا الديمقراطية والحرية سيتم تأجيله مؤقتا، حسب خبراء.
ومثلت صفقات التسليح العسكري "رأس الحربة" في العلاقات المصرية -الفرنسية، عقب أحداث 30 يونيو 2013، حيث باتت فرنسا أحد أهم مصادر التسليح المصري، بجانب الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا.
وعلى صعيد العلاقات الاقتصادية بين البلدين، تحتل فرنسا المركز السادس في قائمة المستثمرين الأجانب في مصر، حيث تعمل نحو 150 شركة فرنسية في مختلف المجالات وتستوعب ما يقرب من 33 ألف شخص، وفق أحدث تقديرات السفارة الفرنسية بالقاهرة.
وفي أبريل 2016، أعلن مكتب الرئيس السابق فرنسوا أولاند أن فرنسا أبرمت عددا من العقود التجارية مع مصر بقيمة 2 مليار يورو.
التسليح الفرنسي
محددا مكانة التعاون العسكري في معادلة العلاقات بين مصر وفرنسا، قال عمرو الشوبكي، رئيس منتدى البدائل العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية، إنها "رقم مهم يصعب تجاهله".
وأضاف الشوبكي أن "صفقات التسليح والعلاقات الاقتصادية يظلان هما العبارة المفتاحية في استقرار العلاقات بين القاهرة وباريس".
وأمدت فرنسا مصر بحاملتي مروحيات من طراز "ميسترال"، إضافة إلى التعاقد على 24 طائرة مقاتلة من طراز "رافال" تسلمت مصر 9 منها على دفعتين في يوليو 2015، ويناير 2016.
علاوة على فرقاطة (نوع من السفن الحربية السريعة) من طراز "فريم"، تسلمتها مصر من فرنسا في يونيو 2015، فضلًا عن تزويد القوات المسلحة المصرية بالأسلحة والذخائر اللازمة لطائرات "رافال" والفرقاطة.
وعلى مَقربة من الطرح السابق، يرى سعيد اللاوندي، خبير العلاقات الدولية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية أن صفقات التسليح الفرنسي لمصر خلال السنوات الماضية ساهمت في "توطيد علاقات قوية بين البلدين".
وبسبب ما رأه من اقتراب انحيازات الرئيس الجديد ماكرون مع سلفه أولاند، وترجيحات استمرار وزير الدفاع جان أيف لودريان في الحكومة الفرنسية الجديدة، توقع جهاد عودة، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة حلون (حكومية)، استمرار وتعزيز التعاون العسكري بين مصر وفرنسا.
وتحتل مصر المرتبة الأولى عربيا والثانية على صعيد الشرق الأوسط في مستوى التسليح، إذ يأتي ترتيبها الـ 12 بين دول العالم في عام 2016، وفق مؤشر جلوبل فاير.
أهداف مشتركة
وبملفات ثلاث تتخذها العاصمتان أرضية صلبة في مجالات التعاون، أوضح عمرو الشوبكي أن "الهجرة غير الشرعية لأوروبا، ومكافحة الإرهاب، والتسليح العسكري"، حجر الزاوية في مستقبل العلاقات بين مصر وفرنسا.
وتمثل مصر –أكبر دولة عربية من حيث السكان- بحكم موقعها الجغرافي دولة "ترانزيت" في مسارات الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا، وخاصة إيطاليا واليونان وفرنسا، وفق تقارير سابقة للجنة حكومية مصرية معنية بمكافحة الهجرة غير الشرعية.
وأكد سعيد اللاوندي أن رغبة رئيس فرنسا الجديد إيمانويل ماكرون في مكافحة الإرهاب داخل بلاده وخارجها سيضاعف حجم التعاون بين البلدين، قائلا "حتما ستكون هناك أياد مصرية ممدودة لماكرون في هذا المجال".
وتعرضت فرنسا خلال العامين الماضيين لعدة هجمات إرهابية، أبرزها الذي شهدته في نوفمبر 2015، والذي عرف إعلاميا بـ"هجمات باريس"، وأسفر عن مقتل 130 شخصا. أعلن تنظيم "داعش" الإرهابي مسؤوليته عنه.
وخلال العامين الأولين –على الأقل- لحكم ماكرون، استبعد جهاد عودة تغليب قضايا خلافية على العلاقات بين البلدين، قائلا "لن يغامر الرئيس الفرنسي الشاب بعلاقته مع مصر قبل أن يستقر حكمه داخل بلاده".
وتمتد ولاية الرئيس الفرنسي الجديد إيمانويل ماكرون 5 سنوات قابلة للتجديد لمرة واحدة فقط، وفق الدستور الفرنسي.
قضايا مؤجلة
وقال عمرو الشوبكي إن قضايا الحريات والديمقراطية وحقوق الإنسان بمصر لن توليها فرنسا اهتماما آنيا، واصفا إياها بـ"قضايا خلافية مؤجلة"، مرهونة باستتباب الوضع الداخلي في فرنسا.
وأضاف الخبير السياسي المصري البارز أن "انحياز ماكرون لقضايا الحريات والديمقراطية يعد أكثر وضوحا من سلفه أولاند، لكنه لن يعتبرها مؤشرا قويا في تحديد علاقة إدارته بمصر حاليا".
ورجح الشوبكي أن تكون تلك القضايا الخلافية "نقطة ضعف" في العلاقات بين البلدين مستقبلا.
وعلى مسافة قريبة من هذا الطرح، أوضح جهاد عودة أن ما اعتبره "اضطرابا" للنخبة الوطنية في فرنسا من جانب، وعلاقة فرنسا بالاتحاد الأوروبي من جانب آخر، سيحول دون اهتمام باريس بوضعية حقوق الإنسان في مصر والعالم العربي.
وتابع عودة "ماكرون يميل إلى تغيير القيم والمبادىء الدولية بشأن الحريات والديمقراطية وحقوق الإنسان، لكن الأزمات شديدة الصعوبة التي تواجهها فرنسا حاليا ستمنعه من تنفيذها على المديين القصير والمتوسط".
ورغم انخفاض حدة ماكرون في الحديث بشأن انفصال بلاده عن الاتحاد الأوروبي مقارنة بمنافسته في الانتخابات الرئاسية مارين لوبان، لكن المخاوف من تحقيق ذلك تظل قائمة، لا سيما في ظل تعاظم الغضب الفرنسي حيال بعض اتفاقيات الاتحاد الأوروبي.
وخلال السنوات الماضية، تواجه مصر انتقادات حقوقية محلية ودولية متزايدة حيال محاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية واتساع دائرة التعذيب في أماكن الاحتجاز، غير أن الحكومة المصرية تنفي مرارا وقوع تجاوزات أو انتهاكات ضد المواطنين خارج إطار القانون.