4 أسباب وراء غياب سحر نصر من التشكيل الوزاري الجديد
شهد التعديل الوزاري الذي وافق عليه مجلس النواب اليوم الأحد، مفاجأة الإطاحة بسحر نصر وزيرة الاستثمار والتعاون الدولي، مع إسناد مهام الاستثمار إلى الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء، وتعيين رانيا المشاط وزيرة للتعاون الدولي، بدلا من وزيرة السياحة.
وكانت سحر نصر تولت منصب وزيرة التعاون الدولي في 19 سبتمبر 2015، وسرعان ما خطفت الأضواء بعد نجاحها في عقد عدد من اتفاقيات التمويل مع العديد من المؤسسات الدولية، والتنسيق بينها وبين الجهات المسؤولة عن تنفيذ المشروعات الممولة، والمساهمة في الإشراف ومتابعة تنفيذ هذه المشروعات بالمعدلات المطلوبة.
وبعدما قدمت سحر نصر أداءً متميزا في ملف التعاون الدولي، عينت وزيرة للاستثمار والتعاون الدولي في 16 فبراير 2017 بعد دمج الوزارتين، استبشارا بأن يلقى ملف الاستثمار نفس النتائج السريعة التي شهدها ملف التعاون الدولي.
ولكن التأخر في تحقيق تقدم ببعض الملفات، والظروف المحيطة بمجال الاستثمار، والإصلاح فيه، والتي تتضمن قطاعات متشابكة، كانت في حاجة إلى جهود متناسقة في الداخل والخارج في أسرع وقت لتحقيق نتائج سريعة، وأيضا عدم خدمة المناخ الإقليمي والخارجي، كانت سببا في الوصول إلى نتائج اعتبرها البعض ضعيفة وغير مقبولة.
ما هي أبرز جهود تهيئة مناخ الاستثمار في عهد سحر نصر؟
عملت سحر نصر بعد توليها وزارة الاستثمار والتعاون الدولي على إعداد مشروع قانون الاستثمار الجديد، والذي صدر في مايو 2017، ثم صدرت اللائحة التنفيذية للقانون في أكتوبر من نفس العام.
كما عملت الوزارة على إصدار قوانين مساندة لقانون الاستثمار منها قانون الإفلاس الذي صدر في يناير 2018، وتعديل قانون الشركات في ديسمبر 2017، بالإضافة إلى تعديل قانون سوق رأس المال في مارس 2018.
وعملت الوزارة أيضا على تطوير مراكز خدمة المستثمرين، من أجل جذب الاستثمارات الأجنبية والمحلية، وأصدرت خريطة بالفرص الاستثمارية في مصر، متضمنة في نسختها الأخيرة نحو 3 آلاف فرصة استثمارية.
كما اهتمت الوزارة في الفترة الأخيرة بطرح عدد من المصانع في بعض المناطق الاستثمارية منها الصف، وبنها، وميت غمر، كما عملت على تنشيط تأسيس المناطق الحرة، وأفردت لها اهتماما خاصا في قانون الاستثمار.
وشهدت الفترة منذ يناير 2017 وحتى سبتمبر الماضي تأسيس 57 ألف شركة جديدة، برؤوس أموال مصدرة للشركات الجديدة بقيمة 156 مليار جنيه، ورؤوس أموال مدفوعة بقيمة 18.6 مليار جنيه، واستحوذ قطاع الخدمات على 40% من الشركات الجديدة.
كما شهدت نفس الفترة إجراء 7 آلاف شركة توسعات في أعمالها بقيمة 189.4 مليار جنيه، واستحوذ قطاع الخدمات على 48% من الشركات المتوسعة، بحسب بيانات رئاسة مجلس الوزراء.
وعملت وزارة الاستثمار خلال فترة سحر نصر، على تنفيذ عدة حملات للترويج للاستثمار في الداخل والخارج، كان أبرزها حملة الوزارة على هامش بطولة كأس العالم التي تم تنظيمها في يونيو ويوليو الماضيين.
لماذا غابت سحر نصر عن التشكيل الوزاري الجديد؟
لعل انخفاض قيمة الاستثمار الأجنبي المباشر خلال العامين الأخيرين، من أبرز الأسباب وراء استبعاد الدكتورة سحر نصر من الحكومة، حيث أن قطاع الاستثمار الأجنبي لم يحقق النتائج المأمولة خاصة بعد تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي، وهذا رغم استمرار تصدر مصر كأكثر دولة جاذبة للاستثمار في أفريقيا، بحسب تقرير منظمة الأونكتاد.
وأظهرت بيانات البنك المركزي الصادرة مؤخرا عن ميزان المدفوعات، استمرار تراجع صافي الاستثمار الأجنبي المباشر للعام الثاني على التوالي خلال العام المالي الماضي، مسجلا أدنى مستوى له في آخر 5 سنوات، مسجلا نحو 5.9 مليار دولار مقابل نحو 7.7 مليار دولار خلال عام 2017-2018، وذلك بنسبة تراجع 23.5%.
وبحسب تقرير منظمة الأونكتاد عن الاستثمار المباشر بالنصف الأول من 2019، حافظت مصر على مركزها كأكثر دول أفريقيا جذبا للاستثمار الأجنبي المباشر، حيث جذبت استثمارات أجنبية مباشرة بقيمة 3.6 مليار دولار خلال الفترة.
كما حققت مصر تقدما ضعيفا في بعض تقارير المؤسسات الدولية الخاصة بالتنافسية وممارسة الأعمال خلال العام الأخير، رغم ما حمله بعضها من إشادة بالإصلاحات الاقتصادية، ولكن ربما لم يكن هذا التقدم الضعيف من مسؤولية وزارة الاستثمار فقط، ولكنها مؤشرات تتعلق بمناخ الاستثمار بشكل عام وتتقاطع فيها مسؤوليات جهات مختلفة.
وكانت مصر حققت تقدما 6 مراكز في ترتيبها بتقرير ممارسة الأعمال 2020، الصادر عن البنك الدولي منذ أيام، لتحتل المركز 114 عالميا من بين 190 دولة، بدلا من المركز 120 في تقرير العام الماضي، بينما حققت دول مثل السعودية والأردن تقدما كبيرا في التقرير، الأولى بزيادة 30 مركزا، والثانية بزيادة 29 مركزا.
كما تقدمت مصر مركزا واحدا في تقرير التنافسية العالمية لعام 2019، والصادر هذا الشهر عن المنتدى الاقتصادي العالمي، لتصل إلى المركز 93 بين 141 دولة شملها التقرير، مقابل المركز 94 في تقرير العام الماضي، بينما احتفت وزارة الاستثمار بأن مصر حققت بذلك تقدما بنحو 26 مركزا مقارنة بما كانت عليه قبل برنامج الإصلاح الاقتصادي.
ومن بين الأسباب التي يعتبر البعض أنها قد تكون سببا لخروج سحر نصر من الوزارة، استغراق قانون الاستثمار ولائحته وقتا لصدوره، في الوقت الذي كانت البلاد تشهد تسارعا في تنفيذ إجراءات الإصلاح الاقتصادي لجذب الاستثمارات في أسرع وقت، كما أن تأخر صدوره جاء بعد "صراع قوى" بين وزراء الحكومة على الصلاحيات والسلطات في القانون.
ورغم هذا التأخر لم يسلم القانون من التعديلات، والتي صدرت مؤخرا لإتاحة استفادة توسعات المشروعات من الحوافز التي يتضمنها، بالإضافة إلى إسناد حساب تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى هيئة الاستثمار مع شكاوى من عدم تضمن طريقة حساب البنك المركزي لبعض بنود هذا الاستثمار.
ويرى بعض خبراء الاستثمار أن إصدار قانون جديد للاستثمار ربما لم يكن ضروريا، وأن الأولى كان العمل على جذب الاستثمارات، وتسهيل الإجراءات. كما أن الصراع على طريقة احتساب الاستثمار الأجنبي المباشر بين وزارة الاستثمار وبعض الجهات خاصة البنك المركزي، أثار أيضا بعض الانتقادات.
أيضا ربما انعكس التغيير المستمر للرئيس التنفيذي لهيئة الاستثمار والمناطق الحرة، بشكل سنوي، على صورة الهيئة والثقة في جهودها لتحسين مناخ الاستثمار، وذلك بدءا من محمد خضر الرئيس التنفيذي الأسبق، ثم منى زوبع، ثم محسن عادل، وأخيرا تعيين محمد عبد الوهاب قائما بأعمال الرئيس التنفيذي للهيئة.