4 حلول لمواجهة "الفيضان الناقص" لنهر النيل..تقرير
بعد تردد أنباء باقتراب موعد ملء سد النهضة الأثيوبي من مياة نهر النيل وبالطبع هذا سيؤثر على حصة مصر من النهر المُمتد إلى أدغال دول أفريقيا, تتفاقم أزمة قلة المائي.
ولمواجهة هذا النوع من الفقر توجد أربعة حلول مقترحة، وفق تصريحات رسمية وآراء مختصين ، بينها تحلية مياه البحر، والتوسع في استقطاب الفواقد المائية من أعالي النيل، لكن بعضها يواجه معوقات، وفق خبراء.
وقال رئيس قطاع توزيع المياه بوزارة الري ، عبد اللطيف خالد، ووسائل إعلام إن فيضان نهر النيل العام الماضي كان الأسوأ منذ 113 عاما، واضطرت الدولة إلى سحب مياه من المخزون الاستراتيجي في بحيرة ناصر، دون أن يحدد نسبة التراجع ولا كميات المياه التي تم سحبها من البحيرة.
ونفى المسؤول وجود أي صلة لهذا النقص بسد النهضة الإثيوبي، الذي لم يبدأ تخزين المياه من نهر النيل بعد، فيما تشير تقديرات إلى احتمال بدء هذه العملية في يوليو المقبل.
اعترافات مصرية
وتكررت تصريحات رسمية في القاهرة تعترف بـ"دخول مصر مرحلة الفقر المائي"، أبرزها مطلع العام الجاري، من وزير الري ، محمد عبد العاطي، وفي مارس الماضي، من وزير الإسكان، مصطفي مدبولي.
وقال رئيس قطاع توزيع المياة، إن "مصر دخلت مرحلة الشح المائي، حيث تراجع نصيب الفرد إلى نحو 600 متر مكعب سنويا، لينخفض عن حد الفقر المائي وهو عند مستوى ألف متر مكعب، وذلك مع انخفاض الفيضان العام السابق، وتوقعات بآخر قادم متوسط".
وأوضح أن "حصة مصر من مياه النيل تبلغ 55.5 مليار متر مكعب (سنويا)، في حين أن الاحتياجات المائية للبلاد تبلغ 110 مليارات متر مكعب".
تداعيات الأزمة
هذا الحديث الرسمي أقر به محمود أبوزيد، وزير الري الأسبق، حيث قال إن "مصر تمر بأزمة مائية جراء ثبات كمية المياه منذ عشرات السنين، والزيادة المطردة في عدد السكان يزيدها سوءا قرب الانتهاء من سد النهضة".
ومضى أبوزيد قائلا إن "مصر يجب أن تضغط على إثيوبيا في التفاوض بشأن مدة وأسلوب ملء وتشغيل سد النهضة، فلابد أن يكون هناك اتفاق يحدد نسبة التخزين حال وجود فيضان مرتفع والذي لن يسبب أية أزمة، لكن حال انخفاض الفيضان، فلابد أن تكون النسبة أقل حتى لا تتضرر مصر، وهو ما يسمى الموازنات".
وحول إعلان مصر، مؤخرا، سحب مياه من بحيرة ناصر؛ بسبب انخفاض الفيضان، أضاف الوزير الأسبق أن "ما حدث ليس مفاجأة، فهذه البحيرة كالبنك أعدت للتخزين القرني، وعندما يحدث فيضان منخفض نسحب منها، الخطر هو توالي الفيضانات المنخفضة مع إنشاء سد النهضة، ما قد يؤدي إلى إنهاء رصيدك خلف السد العالي، وهي أزمة كبيرة".
ويتفق معه أيمن عبد الوهاب، خبير المياه وشؤون إفريقيا في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية بقوله إن "الخطر في الفترة القادمة تحدده فترة ملء السد، ففترة ثلاث سنوات تختلف عن عشر سنوات".
وتابع عبد الوهاب: "وفي العموم ستتأثر مصر كون السد يعطي إثيوبيا الحق في كمية المياه التي تأتي إلينا، وهذا هو الخطر الحقيقي، خاصة في فترة الجفاف، وهو ما يؤكد حتمية وجود اتفاق سريع خلال الأيام القادمة".
وتعلن القاهرة باستمرار عن تخوفها من تأثير سلبي محتمل لسد النهضة على تدفق حصتها السنوية من مياه النهر، بينما يقول الجانب الإثيوبي إن السد سيمثل نفعا له، خاصة في مجال توليد الطاقة الكهربائية، ولن يمثل ضررا على دولتي مصب النيل، وهما السودان ومصر.
حلول حكومية
الاعتراف الحكومي بالأزمة تبعه الإعلان عن خطة استراتيجية لمواجهة الأزمات المائية حتى عام 2050 تنقسم إلى تفعيل موارد جديدة وترشيد الاستخدامات الداخلية للمياه.
ووفق وزير الري المصري الأسبق، محمود أبو زيد، فإن الأمر يتمثل في "المحافظة على المياه من التلوث والري والزراعة والمنازل، ومطالبة وزارة الزراعة بالحد من زراعة المحاصيل الشرهة للمياء، كالأرز والقصب والموز، وفرض عقوبات مغلظة على المخالفين".
وفي سبتمبر الماضي، وافق مجلس الوزراء على مشروع قانون بتنظيم قطاع مياه الشرب والصرف الصحي ينتظر عرضه على البرلمان في موعد لم يحدد بعد، ويتضمن عقوبات تصل للحبس لمدة عامين وغرامة لا تقل عن 100 ألف جنيه لمن يقوم بتوصيل مياه دون علم مقدم الخدمة.
أما الموارد الجديدة فتنقسم إلى نيلية، وهي التوسع في استقطاب الفواقد المائية في أعالي النيل، وغالبيتها في جنوب السودان وإثيوبيا، وكذلك موارد غير تقليدية أهمها تحلية المياه المالحة، سواء كانت بحار أو جوفية، ومعالجة مياه الصرف الزراعي والصحي.
3 حلول أخرى
بخلاف اتفاق الخبراء مع الحلول الحكومية، هناك ثلاثة حلول أخرى هي الضغط على إثيوبيا و إدارة مياه النيل، و إمكانية العودة إلى تفعيل اتفاقية عنتيبي.
تكثيف الضغط والمفاوضات مع إثيوبيا هو حل طرحه الخبير ، أيمن عبد الوهاب، مستدركا بأن "أديس أبابا ستناور كالعادة، لكن لابديل عن حل أزمة المياه سياسيا؛ فلا وقت لأي حلول فنية".
وأشار الخبير المصري المختص إلى حل ثان وهو إمكانية العودة إلى تفعيل اتفاقية عنتيبي، حيث ظهرت في الآونة الأخيرة بوادر قبول مصري لها، لكنه معلق لحين بحث ثلاثة بنود رئيسية، وهي حق الإخطار المسبق ببناء السدود، وحصص المياه، وتخصيص المشروعات، وهي التي منعت مصر والسودان من التوقيع على الاتفاقية.
ومتطرقا لحل ثالث، وهو حسن إدارة المياه، تابع عبد الوهاب قائلا إن "أزمة نهر النيل بشكل عام ليست ندرة مياه، فكل استخدامات الدول الإفريقية لا تمثل 10% من كمية المياه، لكن القضية الآن هي كيفية التوافق حول عملية إدارة المياه في الحوض".
وبشأن الموارد النيلية الجديدة في خطة الحكومة، أوضح أن "هناك مشروعات لاستقطاب فواقد أعالي النيل، منها قناة جونقلي في جنوب السودان، لو تمت ستزيد حصص المياه، لكنها في النهاية لا تمثل أولويات بالنسبة للدول التي تقع بها، وبالتالي نحن أمام أمر واقع حاليا، وهو سد النهضة".
معوقات
وعن معوقات حلول الشح المائي ، اعتبر الخبير المصري المتخصص في الموارد المائية وتصميمات السدود، أحمد الشناوي، أنه "مع سد النهضة لا حلول، أضعف الإيمان سنتفاوض فقط على فترة الملء لنخفف الضرر ليس أكثر".
وعن تحلية مياه الصرف الصحي، أضاف أنها "تكون تحلية من الميكروبات، لكن يتبقى المعادن الثقيلة الرصاص والحديد، وهي مضرة لمن يتناولها، سواء كان إنسانا أو حيوانا، وعندما أعلنت القاهرة أنها شرعت فيها، قامت دول عربية وإفريقية وغربية بوقف استيراد المواد الغذائية من مصر".
وقرر السودان، الثلاثاء الماضي، حظر استيراد السلع المصرية الزراعية بدعوى تلوثها.
وأوضح الشناوي أن "المتر المكعب من المياه المعالجة يكلف من 7 إلى 10 جنيهات مصرية ، ما يعني أن الفدان يحتاج بين 35 إلى 50 ألف جنيه، وسنضطر إلى إيقاف مشروع المليون ونصف الفدان من أجل الحفاظ على مياه للشرب في منطقتي الفرافرة وتوشكي".