راديو

رئيس مجلس الإدارة
منال أيوب

رئيس التحرير
محمد الاصمعي

نسخة تجريبية

العولمة .. وتدمير الشعوب

مصطفى-محمود

 

مصطفي محمود :

العولمة.. كلمة قديمة ، كثير ما سمعناها ونسيناها مع مرور الأحداث ، وكثير ما فتح المسئولون أعينهم واتسعت احادقهم وتقلصت اساريرهم لرسم الجدية على الوجوه من أجل منعها وهى تتسرب من تحت ارجلهم وهم لا يشعرون الى أن تحول المجتمع تحولا جذريا دون أن يعرف المسؤلون كيف أو متى حدث ذلك !.. وذلك لقصر نظرهم أوعدم فهمهم أو إنعدام رؤيتهم التخطيطية و الإستراتيجية فى فترات ما قبل الثورة.
كانت الأرياف فى مصر واحة الأمان والإطمئنان والراحة وعندما يضج الناس من صخب المدينة كانوا يذهبون الى ذويهم فى الأرياف ويتخذون قسطا من الراحة من أجل معاودة عملهم فى المدينة مرة أخرى .. وكانت الحياة تسير على وتيرة الراحة المادية والجمال والإطمئنان .. وما أن نبدأ الكلام عن العولمة و العالم الذى أصبح قرية صغيرة – بفضل وسائل الإتصالات – والتى يحكمها العم سام ، الا وتبدأ الإنقلابات و التدمير و التحول لكل شىء فى الريف قبل المدينة ويتحول كل ماهو جميل الى كل ما هو قبيح.
وفى المحروسة ومنذ ان دخل الدش فى الأرياف وبدأ كل شىء يتغير حتى بنات الريف بدئن يتعرفن على الممثلات ولبسهن ووشكلهن فبدأت الغيرة النسائية الطبعية فلماذا لايصبحن شبه الممثلة الفلانية او تتلون مثل المطربة الفولانية.. وتغيرن قلبا وقالبا .. وحكمن على ازواجهن ان يتركوا الأسرة الممتدة ويصبح لهن ديارهم الخاصة مما يحتاج الى مساكن اكثر ويصبح الآباء و الأجداد فى وحدة عند الكبر وتركت الزوجات الحديثات الإستيقاذ مبكرا وانتهى الفرن المصنوع من الطين فلا يمكن ان تضع يدها فى العجين و الخبيز كما كانت تفعل امهاتهن وذهب رب الأسرة فى عمق الريف ليحضر خبزا من الفرن العمومى مما أضاف اعباء جديدة على الدولة من زيادة المستخدمين للخبز المدعم – وكان العيب كل العيب ان يأكل الفلاح عيش ليس من صنع يده- والآن اصبح الأمر عاديا.
وبدأ الفلاحون يسهرون أمام القنوات الفضائية الى وش الفجر ، فبدلا من أن يستيقظوا فى هذا لتوقيت ليبدأوا عملهم فى الحقل اصبحوا ينامون فى هذا الوقت وتركت الأراضى الزراعية وبنى عليها منازل كثيرة واضطرت الدوله لتقنين وضعها.
وفى المدينة تبدلت الألفاظ الحسنة بالسيئة وتبدلت الأحوال الى الأسوأ واصبحت المدينة موطن الفارين من الثأر و مأوى للخارجين عن القانون الى جانب بعض المحترمين الذين أتو من الماضى، وأصبحت المدينة تشتكى مر الشكوى من الكثير من السلبيات فى كل شىء ، وعلى الرغم من أننا فى الماضى شاهدنا وقرأنا للكثير من الكتاب العمالقة الا أن العقول أيضا جرفت بسبب العولمة و اصبح درب من المستحيل أن تجد عقلية مثل عقلية العقاد أو طة حسين أو المازنى أو بكاثير أوالحكيم وغيرهم الكثيرين اللهم ربما يكون فقط الدكتور مراد وهبة ونحسبه على ذلك الجيل القديم .. بل الأكثر من هذا أن 90% من الكتب الموجودة فى السوق المصرية الآن – وعلى الرغم من إدعاء أصحابها إنهم النخبة و أصحاب العقول الراجحة و المنيرة فى عصر الظلام هذا الا أن 90% من كتبهم مليئة بالأخطاء الإملائية و النحوية بسبب التعليم الذى لم تتركه أيضا العولمة بل الكثيرمن تلك الكتب منقولة عن كتب اخرى وليست من عنديات الكاتب.
فالعقاد فليسوف والحكيم مفكر وإحسان قاص وروائى رومانسيا وكان لكل شكل وسمة وسمت ،أما الآن نجد المطرب الذى يؤلف ويلحن ويغنى ويكتب قصة فيلم ويمثل وكل شىء ونتيجته فى النهاية صفر وهو يعتقد انه النخبة المثقفة والملهم ويعيش وحده فى تخيله بينما رأى الناس فيه مختلف ويأتى هذا نتيجة العالم الإفتراضى الذى يعيش فيه والذى جاء مع الإنترنت والتليفون المحمول الذى قلل التزاور بين الناس وخلق الفجوة وهذه هى العولمة.
إن العولمة غيرت المصرى وجعلته شعبا غير منتجا وغيرت عقليته ودمرته ثقافيا وبعد ثورتين احداهما للهدم و الثانية للبناء مازالت هناك توابع العولمة نريد ان نستأصلها من أجل أن نعود كما كنا .. أعرف تماما أنه لا يمكن العودة الى الخلف ولكن انا أعنى أن نعود الى الأخلاق والعقل المفكر الذى انتهى مع مجىء العولمة.

Login

Welcome! Login in to your account

Remember me Lost your password?

Don't have account. Register

Lost Password

Register