حقائق تاريخية
مصطفى محمود:
جاءت ثورة 1952 و كعادة القيادات تنسف كل ماهو قديم .. وهكذا.. أصبح كل العصر الملكى سيىء و بغيض و تم حذف اى خير تم فى العصر الملكى .. فمحمد على باشا هو بانى مصر الحديثة و ابنه ابراهيم باشا صاحب الفتوحات والذى أمّن مصر ونيلها حتى المنابع بفتوحاته حتى وصل الى منابع النيل .. لم يعد احد يذكر ذلك فهل يعلم المصريون أن مصر و السودان كانتا دولة واحدة وان السودان اداريا تتبع مصر؟ و ايضا مصر كان لها املاكا على البحيرات الرئيسية التى تغذى النيل؟ وكانت لنا املاكا فى دولا كثيرة من دول حوض النيل؟ بل وان الأرض التى يبنى عليها سد النهضة كانت أملاكا مصرية – حسبما تقول المستشارة هايدي فاروق، مستشار الحدود الدولية والثروات العابرة للحدود و التى تمتلك الخرائط التى تثبت ذلك – لأنها ياتى منها النيل الأزرق فلم يترك العصر الملكى حياة المصريين فى ايادى احد فكانت مصر تؤمّن وصول المياة اليها.
ومن المعروف أن الملك فاروق عندما طُلب منه أن يترك العرش لصالح ابنه الملك احمد فؤاد – الذى مازال حيا و يعيش الآن بالخارج ، ومن ثم الضباط الأحرار وكان يستطيع ان يقوم بضرب الدبابات التى كانت تحاصر القصر ولكنه قال :" إننى لا ريد أن تراق نقطة دم من أى مصرى و سوف أرحل ما دامت هذه هى رغبة المصريين". وكذلك كان للملك فاروق ومن قبله ابيه الملك فؤاد الأول مواقف خاصة للحفاظ على منابع النيل ، فمثلا كانت هناك عروضا من بريطانيا – التى كانت تحتل مصر فى ذلك الوقت – وإن قُبلت هذه العروض لكان هناك نتصارا سياسيا كبيرا للملك . وبهذه العروض ان يتم الجلاء التام عن مصر لتصبح حرة مستقلة تماما عن التاج الملكى البيطانى بعد احتلال دام نحو 77 سنة وقتها (حتى وقت العرض على ملك وليس وقت الجلاء الفعلى سنة 56 ) ولكن كل شىء بثمن .. اتدرون ما هو الثمن ؟ الثمن هو فصل مصر عن السودان ويصبح الملك ملك مصر فقط بدلا من ملك مصر والسودان .. ولكن كان الجواب دائما بالرفض ، فالملك كان يعتبر هذه مهاترات، لأنه كان يدرك ان السودان هى منجم ذهب وكان يدرك ان الخطوة التالية هى اللعب قى منابع النيل فكيف يسمح بهذا والقوات المصرية كانت على حدود اثيوبيا. هذه هى الحقيقة وهذا هو التاريخ الحقيقى الذى يجب ان يعلمه الناس ويجب ان يُدرس.
اما ماحدث بعد ثورة يوليو هو ان طلبت بريطانيا من عبد الناصر نفس الطلب ، فلبى لها ما ارادت و قَبِل الفصل بين مصر و السودان فهو يحتاج الى نصر سياسى عظيم امام المصريين و ان يصل للمصريين مفهوم ان الإنجليز بقوا فى مصر بسبب الملك وهذه هى رغبة الملك اما الضباط الأحرار اجبروا الإنجليزعلى الرحيل .. فعلا نصرسياسى عظيم و شهرة واسعة وبدأ عبد الناصر فى قيادة حركات التحرر فى افريقيا وتحررت اثيوبيا من الإحتلال الإيطالى وبعدها بدأت اثيوبيا تعلن انها تريد انشاء سد على النيل الأزرق ، ولم تستطع اثيوبيا فعل ذلك الا فى فترة ضعف مصر خلال السنوات الثلاث الماضية فأمضت فى مشروعها وتبجحت على مصر كثيرا،غير مكترثة بمدى تأثيره على مصر فهى تريد ان تبيع المياه لمصر وهى غير مهتمة بأى شىء سوى مصلحتها التى التقت مع مصالح اسرائيل و امريكا للضغط على مصر من اجل تقسيمها .. فمن انسحب من السودان ثم انكمش داخل مصر هو الذى تحمل اسباب الكارثة .. فأكتبوا التاريخ بشكل سليم كى يفهم الأبناء و يعرف الشباب حقيقة ما حدث حتى لا نَظلم ولا نُظلم بل من أجل ان نعرف اين كنا و كيف اصبحنا وما إمتلكنا و مافقدنا .. فقدنا كل شىء بسبب قصر نظرمن رؤساء ادعوا البطولة على الرغم من انهم تركوا ربع افريقيا بدون ثمن حقيقى فلإحتلال لابد راحل و القناة كانت عائدة لإنتهاء فترة حق الإنتفاع.. ولكن الثورات دائما تكتب الناريخ كما تشاء لأنها هى المنتصرة و بعد ثورتين عظيمتين فى مصر نرجوا كتابة التاريخ الحقيقى و ندرسه بشكل سيلم حتى يأخذ كل ذى حق حقه لا نجور على احد ولا نعطى احد اكثر مما يستحق .. ويبقى السؤال لماذا تركنا املاكنا؟