بشرع الله.. صراع تاريخي بين الإخوان والسلفيين
أعد الملف : أحمد إبراهيم عصر – محمود حسين
حفل تاريخ جماعة الإخوان المسلمين والدعوة السلفية في مصر بالعديد من التقلبات في علاقاتهم, فلم يهنأ الطرفان بدوام الاتفاق أو الاختلاف , وإنما نجدهم تارة قد وصلوا لأوج الوفاق فيما بينهم وإن ظل بعض الاختلاف المذهبي أو الفكري أو حتي السياسي بينهما, وتارة أخري نجد أن هذا الاتفاق قد زال عنه غطاءه واشتدت الأزمات بين الطرفين إلى درجة عظيمة, لاسيمًا بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير التي جعلت هذا التيار بكل أركانه يخرج إلي الحياة مرة أخري بعد أن كان حبيس السجون والمنازل, ونجد الخلاف بين الفريقين قد وصل إلي ذروته بعد أن تمكنت جماعة الإخوان من اعتلاء كرسي الحكم وبعد أن أصبح مرشحهم الدكتور محمد مرسي رئيسًا لمصر, ومنذ ذلك الحين وحتي الآن لم يتفق الطرفان بشكل كامل حتي بعد أن تم عزل الدكتور محمد مرسي عن الحكم ما زال هناك تخبطا كبيرا في مواقف حزب النور السلفي تجاه الأزمة في مصر وتجاه جماعة الإخوان المسلمين.
الإخوان و الدعوة السلفية.. نشأة على الصدام
هناك تشابه إلي حد كبير في المنهج الفكري للجماعتين ، فضلا عن الأهداف والقواسم المشتركة, حيث تستمد الحركة السلفية منطلقاتها الفكرية والعقدية من "المنهج السلفي" الذي هو منهج "أهل السنة والجماعة" الذي يقوم على أخذ الإسلام من أصوله المتمثلة في الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة. وهو نفس المنهج الذي تقوم عليه حركة الإخوان المسلمين، وإن بقي الفارق بين الجماعتين في مدى الالتزام بهذا المنهج، والأخذ منه، فضلا عن مسألة استصحاب الدليل في شؤون الحياة، ومدى الاهتمام بقضية العقيدة ومحاربة البدع، والتفاوت في الميل بين ثنائية الديني والسياسي.
هناك أيضا ما يمكن أن نطلق عليه بـ"الثوابت" المرحلية أو السياسية لدى كافة القوى والفصائل الإسلامية في مصر، هذه الثوابت تمثل قاسما مشتركا بين الإسلاميين لا يمكن إلا أن يكونوا أمامها وحدة واحدة، نظرا لوحدة المصير، ومن بين ما ينطبق عليه هذا التوصيف: التوافق على الاحتكام إلى صناديق الانتخابات والرجوع إلى اختيار المصريين منذ ثورة الـ 25 من يناير، ومن هذا الثابت يتفرع الموقف من شرعية الرئيس المنتخب، والموقف من دستور البلاد، أيضا الموقف من تصاعد احتجاجات القوى المعارضة وخروجها عن الخط السلمي.
إلا أن هذا لا يُخفي أن هناك بعض الخلافات بين الجماعتين وإن كانت خلافات علي الأولويات "سياسية واجتماعية أوشرعية", فجماعة الإخوان المسلمين تعمل بنظرية "الفصيل الأقوي" فهم يرون أنهم "الجماعة الأم" التي على الإسلاميين أن يقبلوا بقيادتها ويسيروا في ركابها، مراعين تاريخها وخبراتها. لكن في المقابل يؤكد التيار السلفي دائمًا على رفضه لهيمنة فصيل واحد على الحياة السياسية، خاصة في ظل وجود لاعبين آخرين، ويتحرك السلفيون على ذلك وفي مخيلتهم تجارب تاريخية عانوا في ظلها من إحساس القوة لدى الإخوان.
وفي حقيقة الأمر لم يكن الدعاة السلفيون ـ في بدايات نشأتهم الأولى ـ بعيدين عن حركة الإخوان المسلمين فكريًا ولا تنظيميًا، إذ نشأ بعضهم في بيوت إخوانية، كالشيخ ياسر برهامي ـ نائب رئيس الدعوة السلفية ـ الذي اعتقل والده وعمه من بين من اعتقلوا من الإخوان خلال الحقبة الناصرية، بينما عمل البعض الآخر من السلفيين بين صفوف حركة الإخوان في أول حياتهم. لكن مع تأسيس جماعتهم بالإسكندرية في سبعينيات القرن الماضي ـ في الوقت الذي كانت فيه معظم قيادات الإخوان في السجون ـ رفض السلفيون العمل ضمن جماعة الإخوان، واختاروا مواصلة تأسيس جماعتهم انطلاقا من المنهج السلفي الذي يهتم بالعقيدة ويحارب البدع.
وقد وقعت بناء على ذلك صدامات بين الطلاب السلفيين والإخوان داخل جامعة الإسكندرية (عام 1980)، إذ كان طلاب الإخوان ما زالوا يعملون ضمن تيار الجماعة الإسلامية الطلابي الذي هم السلفيون بالخروج منه بسبب هيمنة الإخوان عليه.
وبالرغم من هذه البداية التي شهدت ما يشبه صراع الوجود بين السلفيين والإخوان إلا أن الباحث في المواقف والتوجهات يمكن أن يلحظ بسهولة هذه المساحة الكبيرة من المشترك بينهما.
إذ تنم كتابات عدد كبير من رموز السلفية عن تقدير عال لتاريخ وجهود مؤسس حركة الإخوان الشيخ حسن البنا، ولا يكاد يذكره أحدهم في ندوة أو مقال إلا ويتبع ذلك بالترحم عليه والدعاء له "رزقه الله منازل الشهداء". ففي مقال كتبه يهاجم فيه المؤلف وحيد حامد بسبب مسلسل "الجماعة"، ينقل المهندس عبدالمنعم الشحات ـ المتحدث الرسمي باسم الدعوة السلفية ـ عن العلامة المحدث ناصر الدين الألباني، قوله: "إن كانت للأستاذ حسن البنا أخطاء فهي مغمورة في بحر حسناته، ولو لم يكن لـ"حسن البنا" إلا تجديد شباب الدعوة لكفاه ذلك".
الإخوان في عيون السلفيين
مجدي قرقر : تطبيق الشريعة الخلاف الجوهري بين السلفيين والإخوان
قال الدكتور مجدي قرقر, رئيس حزب العمل وعضو تحالف دعم الشرعية, أن السلفيين وبعض أحزابهم الموجودة الآن علي الساحة السياسية كحزب النور وقيادات الدعوة السلفية ينظرون إلي جماعة الإخوان المسلمون على أنهم يخالفون الشرع بسبب تمسكهم بمبادئ الشيخ حسن البنا فهذه نقطة الخلاف التي وقع فيها السلفيون مع الإخوان في اللجنة التأسيسية الأولي والثانية والتي أجبرت حزب النور على الانسحاب من جميع جلسات الحوار التي كان يقوم بها الرئيس محمد مرسي بحجة أنه ينفذ مخططات جماعة الإخوان ومكتب الإرشاد وهذا غير منافي للحقيقة التي نعيشها الآن من سيطرة عسكرية علي زمام الحكم وهذا يؤكد أن العسكر "ضحكوا" على السلفيين واستغلوا الصراعات التي كانت بينهم حول عملية تطبيق الشريعة الإسلامية في اللجنة التأسيسية لصياغة الدستور وهذا الذي حدث في إطار تفريق التيار الإسلامي من بعضه وحدث بالفعل ونجح الانقلابيون في تنفيذ خطتهم لتفريق الكيان الإسلامي عن بعضه .
ويضيف "قرقر" إن حزب النور الذراع السياسي للدعوة السلفية تسرع في الاستجابة للمنقلبين على الشرعية لأنه لم ينظر بعين الحقيقة ولم يصبر على الرئيس و تسرع كثيرا بدعوى تطبيق مبادئ الشريعة الإسلامية ، والآن لا يستطيع الحديث أمام العسكر عن تطبيقها فبالفعل تم خداعهم للسيطرة على زمام الحكم تحت غطاء سياسي شارك فيه العديد من القيادات السلفية والعسكرية والليبرالية للتخلص من سياسة الجماعة القمعية على حد قولهم والرجوع إلي سلم الديمقراطية غير الموجود حتى الآن .
ويشير "قرقر" إلي حجم الخلافات التي كانت بين السلفيين والإخوان قائلا : لم نكن نتوقع أن يقف حزب النور وقيادات التيار السلفي ضد الرئيس الشرعي الذي تم إسقاطه بناء على رغبة العسكر وليس برغبة ديمقراطية تأتي عبر صندوق الانتخاب فليس بجرة قلم يتم إسقاط رئيس ومؤسسات انتخبها الشعب المصري ، والعجيب أن الخلاف الذي نشب بين السلفيين والإخوان حول عملية تطبيق الشريعة الإسلامية التي لن تطبق ولن يتم وضعها في الدستور الانقلابي على هوى السلفيين مثلا ، لأنهم تحت رحمة العسكر وهذه هي الحقيقة التي أدركها التيار السلفي في النهاية.
عبد المقصود : الصراع الداخلي بدأ مع ترشيح الجماعة رئيسا منها
من جانبه أكد اللواء عادل عبد المقصود, رئيس حزب الأصالة السابق وأحد قيادات التيار السلفي, أن الصراع الداخلي الذي كان بين السلفيين والإخوان المسلمين كان منذ بداية ترشيح الجماعة لرئاسة الجمهورية ،هذا الأمر الذي رفضته الدعوة السلفية منذ البداية وظهرت الخلافات السياسية عندما تم ترشيح قيادات النور ضد قيادات الإخوان المسلمين في مجلس الشعب والشوري وحدثت الخلافات حول المقاعد وقتها ما أنتج الصراعات التي نستشعرها الآن بسبب تبادل البعض منهم تصريحات العداء بحجة الدفاع عن الشرعية وهذا غير حقيقي بالمرة والسبب فيه غباء تلك التيارات في التعامل مع السياسة النزيهة التي تقبل المنافسة على الحصول على كرسي البرلمان أو الرئاسة ، ولكن للأسف ما حدث من صراعات داخلية بين الدعوة السلفية والإخوان أودى بمصر إلي نفق مظلم حذر منه الرئيس المعزول وقعنا فيه جميعا .
ويضيف "عبد المقصود" أن الانقلاب العسكري قضى على مكتسبات التيار الإسلامي السياسية خلال عهد الرئيس المعزول محمد مرسى؛ حيث تنتظر الأحزاب الإسلامية الحل بسبب التعديلات الدستورية الحالية التى تحظر قيام واستمرار الأحزاب ذات المرجعية الدينية، والتى تضم حزب النور وحزب الحرية والعدالة إضافة لأحزاب "الفضيلة والأصالة والراية والوطن، فضلا عن أحزاب الجماعة الإسلامية كالبناء والتنمية والحزب الإسلامى تحت التأسيس والسلام والتنمية وهذا يؤكد أن الصراعات السياسية التي حدثت بين الإخوان والسلفيين في الفترة الماضية جاءت بخسارة الجميع في النهاية بدون مقابل حقيقي.
أحمد حسن : الصراع العقائدي بين الفريقين السبب الحقيقي وراء تفاقم الخلافات
ومن جانب آخر أكد أحمد حسن, نائب مدير تحرير وكالة أنباء الشرق الأوسط والمحلل السياسي والخبير في شئون الجماعات الإسلامية, أن الصراع العقائدي بين التيار السلفي وجماعة الإخوان المسلمين هو السبب الحقيقي في نشوب خلافات بين التيارات الإسلامية قبل اندلاع ثورة الثلاثين من يونيو لوجود خلافات بين قيادات التيار السلفي نفسه من جهة والتي كانت تتمثل في حزب النور والدكتور يونس مخيون رئيس حزب النور بسبب اختلافهم حول كيفية تطبيق الشريعة ومن جهة أخرى وجد السلفيون أن الإخوان يريدون تطبيق الشريعة من منظور حسن البنا وهم يرفضون هذا الفكر أصلا ما جعل المشهد يتأزم بينهم لاختلافهم العقائدي حول مبادئ الشريعة الإسلامية التي أوقعتهم في شر أعمالهم في تلك الفترة.
ويضيف "حسن" إن الخلاف نشب بين الدكتور مخيون رئيس حزب النور و الرئيس مرسي المعزول بسبب إقالة الدكتور خالد علم الدين المستشار للشئون البيئية لرئاسة الجمهورية في عهد مرسي وهذا زاد الخلاف بينهم ، مما جعلهم يؤيدون ما حدث يوم 3 يوليو عبر قرار من القوات المسلحة خضوعا لرغبة الشعب المصري الذي نزل يوم 30 يونيو .
ويشير "حسن" كذلك إلي أن هذه الأيام العصيبة التي يمر بها تيار الإسلام السياسي ربما تعصف بآماله فى الوصول إلى السلطة والشراكة السياسية بالعديد من الدول العربية فعقب أحداث الـ30 من يونيو التى أطاحت بحكم الرئيس مرسي بات مستقبل تنظيم جماعة الإخوان المسلمين محفوفاً بالمخاطر خاصة بعد توجيه العديد من الاتهامات بالتحريض على العنف لقيادات الجماعة ؟، في حين انقسمت القوى السياسية والثورية حول إقصاء تيار الإسلام السياسي فطالبت العديد من الكيانات السياسية بضرورة إقصاء جماعة الإخوان المسلمين والأحزاب التي أنشأت على أساس ديني من المشاركة السياسية ومصادرة جميع مقارهم وأموالهم وإلغاء كل التراخيص التي أصدرت لهم بينما رأى الجانب الأخر أن دعاوى إقصاء التيار الإسلامى من المشهد السياسى والاقتصادي أمر يتنافى مع فكرة تحقيق التوافق السياسى المطلوب فى الفترة المقبلة.
السلفيون في عيون الجماعة
عبد الرحيم :قيادات حزب النور عملاء أمن دولة من الدرجة الأولي
صرح عبد الرحيم عبد السلام محمود, عضو الهيئة العليا لحزب الحرية والعدالة بالمنيا, أن الأزمة بدأت بين السلفيين وجماعة الإخوان المسلمين عندما قام مستشار الرئيس الدكتور عماد عبد الغفور بإنشاء حزب الوطن ، وقتها أعتقد السلفيون أن الإخوان المسلمين وراء زعزعة الصراعات الداخلية بين حزب النور وقيادات السلفية الداعمة للرئيس مرسي ، وبدأوا بعدها التحالف مع المعارضة وتصعيد مصطلح الأخونة في مؤسسات الدولة وهذا غير صحيح ، وبالطبع قام الإعلام الرسمي والخاص باستغلال هذه الصراعات السياسية بين الإخوان والسلفيين ، بخلاف أن أغلبية أعضاء النور كانوا تابعين لأمن الدولة حيث تحالفوا مع رجال الداخلية للقضاء على حكم الإخوان .
ويضيف "عبد الرحيم" إن السلفيين تخوفوا من نجاح جماعة الإخوان فيحسب النجاح للجماعة فقط وليس للتيار الإسلامي ما جعلهم يدعمون الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح في الانتخابات الرئاسية حتي لا يكون للإخوان مكان في الحكم .
ويؤكد "عبد الرحيم" أن حزب النور حزب عميل لأمن الدولة للتخلص من حكم الإخوان بأي شكل من الإشكال ، ولكن بعدما حدث العكس وأصبح الحكم العسكري وهو الذي يحكم البلاد أصبحت القصة لا تقتصر علي الإخوان وإنما أصبح الأمر يدور حول إقصاء فصيل التيار الإسلامي بالكامل وهذا وضح لحزب النور خلال الفترة الأخيرة والمشاكل التي تظهر تباعًا في لجنه الخمسين واعتراضهم علي حكومة الببلاوي .
خاطر : طمع السلفيين فى السلطة سبب مساندتهم لأعداء الجماعة
ومن جانبه أكد أحمد السيد خاطر, عضو الهيئة العليا بحزب الحرية والعدالة بالبحيرة, أن التيار السلفي وبالأخص حزب النور طمعوا في الحصول علي السلطة فدخلوا في صراعات مع الجماعة بحجة أخونة الدولة وهذا غير صحيح ، وللأسف أدت تلك الصراعات إلي نهاية مأساوية للطرفين لأننا لم نعقل أن الخلافات السياسية التي شقت صف التيار الإسلامي ستضع الجميع تحت حكم العسكر في النهاية .
ويضيف "خاطر" إن حزب النور أعلي من مصلحته الشخصية على مصلحة الوطن لأن موقف الدعوة السلفية والتي تتمثل في حزب النور أثار علامات استفهام بسبب صمتهم عما يحدث لأشقائهم الإخوان وأنصارهم من عمليات قتل خاصة بعد التزامهم بالموقف الرسمي الذي أيد خارطة طريق الجيش وعدم المساندة حتى بأدوات الشجب أو الإدانة وهذا وفق رؤية المحللين وتفسيرهم للمشهد السياسي المشتعل الآن في الشارع المصري .
ويشير "خاطر" إلي أن جماعة الإخوان المسلمين في مصر لم يعد أحد بالعالم لايعرف أنها تواجه خطراً يهدد بقاءها بسبب الأحداث التي عقبت ثورة الثلاثين من يونيو وتحديداً بيان عزل الدكتور محمد مرسي الرئيس السابق وإطاحة خارطة الطريق به وبقادة جماعته على خلفية رفضها لما أسمته انقلابا على الشرعية، وجاءت مساندة حزب النور وقيادات الدعوة السلفية لما حدث بدعوى تقديم مصلحة الوطن والدعوة إلي الاستقرار السياسي لتصبح الآن عاجزة عن فعل أي شىء في ظل سيطرة العسكر
أشرف حسين: وثيقة حزب النور دليل على تعاونه مع أمن الدولة
ومن جانبه أكد أشرف حسين علي حسين العضو بهيئة العليا لحزب الحرية والعدالة بسوهاج, أن انحياز حزب النور السلفي إلى مشهد الإطاحة بالرئيس المعزول محمد مرسي يتعارض مع الفرضية الرئيسية التي تحكم السلوك السياسي للإسلاميين في مصر، والتي تقوم على التنافس في وقت الرخاء، والاصطفاف في وقت الشدة، وعليه تلقى الحزب نفوراً من الإسلاميين شركاء الهوية والمعتقد، ورأوا أنه تخلى عن شعاراته المتدثرة بالدين في إطار من البرجماتية الخالصة .
ويشير "حسين" إلي الوثيقة السرية التى قدمها حزب النور السلفى لإيضاح موقفه من اتهام الحزب بخذلان جماعة الإخوان والتخلى عن الرئيس وتحليل سياسى لموقف الحزب من تسريب تلك الوثيقة فى هذا الوقت ، يؤكد تعاملات قيادات حزب النور مع عملاء أمن الدولة لأن هذه الوثيقة عبارة عن فبركة إعلامية أمنية لزعزعة استقرار البلاد بشكل كبير والدفاع عن موقف حزب النور المتخاذل ضد الشعب المصري بإخراج تلك الوثيقة لحفظ ماء الوجه .
محمد عز العرب : وجود التيار الإسلامي فى السلطة كشف الكثير من جوانب الخلل
ومن جانبه أكد الدكتور محمد عز العرب, المحلل السياسي بمركز الأهرام, أن انتقال التيار الإسلامي من السلطة إلى المعارضة ، إبان أحداث 30 يونيو الأخيرة ، كشف الكثير من جوانب الخلل في علاقاتهم بالدولة والمجتمع معا، وهذا هو المأزق الذي يعانون منه الآن، متمثلاً في صعود وهبوط جماعة الإخوان المسلمين في معادلة المعارضة السياسية الآن في الشارع المصري ،برغم أنها وصلت لأول مرة إلي الحكم في 2012، والذي بدوره لم يستمر سوى عاما واحدا انهار بعده على أثر أحداث 30 يونيو الأخيرة، مما يضع احتمالية وضع المشروع الإسلامي في مأزق سياسي، ومستقبل غير محدد المعالم على خارطة المشهد المصري خاصةً بعدما أعلن بعض قيادات التيار الإسلامي وخاصة حزب النور اندماجه مع خارطة الطريق التي أعلنها الفريق الأول عبد الفتاح السيسي.
اختلافات جوهرية ومشايخ يقودون الصراع بين التيارين!
الفرق الرئيسي بين الإخوان المسلمين والسلفية هو المذهب الفقهي الذي يعتمدان عليه ، فالسلفية تدين بمذهب أحمد بن حنبل على طريق العالم محمد بن عبد الوهاب أي ما يعرف بالوهابية في زمننا هذا….أما الإخوان فهم ما بين الحنفية والشافعية, وكذلك يختلفون في كون جماعة الإخوان المسلمين حركة سياسية تهدف للإصلاح علي حد قولهم ولها هيكلة واضحة من وجود قادة ومسؤولين ، أما السلفية فهي حركة دينية بالأصل ليس لها هيكلة لكن ينشأ عنها حركات تحمل فكرها وبهياكل مختلفة .. بمعنى آخر الأخوان أكثر تنظيماً, ويقول الإخوان إن هدفهم الإصلاح السياسي الشامل ولا يمانعون من الجهاد في وقته المحدد ، أما السلفية فتبدو غير قابلة للحلول الوسط وهي حركة دينية بحتة لا سياسة فيها, وهما قد يتفقا على الجهاد حتى ضد الحاكم أو غيره لكن يختلفان فى مسألة التوقيت.
ومن الاختلافات الجوهرية أيضًا هو الانتشار ، فالإخوان المسلمين أكثر انتشاراً من السلفية حيث يتواجدون في 76 دولة بشكل واضح أما السلفية فهي منحصرة بانتشارها في دول محددة لا سيما الدول التي تسيطر عليها بالحكم, تختلف جماعة الإخوان أيضًا عن الدعوة السلفية في مسألة قبول الآخر والتحالف معه ، فالإخوان كما أسلفنا سياسيين لذلك وجدناهم في الأردن يتحالفون مع النظام لسنوات طويلة حتى مطلع هذا القرن لكنهم كانوا دوماً ضد النظام في مصر وهم في السودان حكموا ووافقوا على تقسيمه وفي العراق كانوا ضمن برنامج سياسي وضعته أمريكا تحت اسم الحزب الإسلامي وفي سوريا شاركوا بمؤتمرات برعاية فرنسية أمريكية مطلع القرن الحالي كانت تهدف لتكرار سيناريو العراق.
هذا ما يجعل كثيرون يوجهون انتقادات لهم ويصفونهم بمن يفضل مصلحته على الإسلام ويرد الحزب عادة أن هذه هي المصلحة العامة وهم حركة سياسية بالأصل …. لكن السلفيين على عكسهم تماماً فدائماً ما يبدون أصحاب خط واضح يرفضون مبدأ الغاية تبرر الوسيلة وهو ما يجعلنا نفهم كسبهم الشعبى كلما مرت البلاد بصعوبات, وكذلك يختلف التياران حول كيفية الإصلاح, فالإخوان يؤمنون بالتدرج في الإصلاح وأنه لا يمكن فرض كل شيء مرة واحدة أما السلفية فترى أن هذه الأمة مسلمة لذلك عليها الطاعة مباشرة لأوامر الله وسنة رسوله.
كان هناك العديد من الانتقادات الحادة التي يوجهها كل تيار للآخر ومن نتائج ذلك انتقادات حادة وجهها الداعية السلفي الشيخ أحمد فريد، لأداء جماعة (الإخوان المسلمين) ونوابها داخل البرلمان، خاصة فيما يتعلق بالموقف من قضية الشريعة، والنص عليها صراحة في الدستور الجديد (وهذا قبل التوافق فيما بعد)، قائلا: كنا نقول إن الإخوان والسلفيين سوف يكونان أغلبية في مجلس الشعب بحيث ينصران الشريعة ويطبقونها، لكن ما حدث في الواقع ليس كذلك، الذي حدث أن الإخوان مع العلمانيين والليبراليين صاروا أغلبية في مجلس الشعب، وهم الآن ضد الشريعة أو ضد النص عليها في الدستور. كما هاجم فريد الدكتور سعد الكتاتني ـ رئيس مجلس الشعب السابق ـ بسبب مواقفه من النواب السلفيين، قائلا: إخواننا في مجلس الشعب (يقصد النواب السلفيين) يشتكون مر الشكوى.. أحد الإخوة يقول: "أنا بتنطط على الكرسي عشان يأذن لي أتكلم فلا يسمح لي الدكتور الكتاتني"، وبعضهم يقول إننا مضطهدون في مجلس الشعب.
وأضاف الشيخ: هم فعلا صاروا أقلية بالنسبة لكتلة الإخوان مع العلمانيين والليبراليين، لكن في نهاية حديثه حرص الداعية السلفي على أن يؤكد أنه لا يقصد من كلامه تجريح الإخوان، ولا يريد لأحد أن يتحامل عليهم، مراعيا لهم تاريخهم وجهودهم في الدعوة إلى الله. وفي محاولة للتهدئة، اقترح الشيخ محمد إسماعيل المقدم ـ وهو أحد أهم رموز "الدعوة السلفية" ـ أن يتفق الإخوان والسلفيون على تشكيل لجنة تحكيم بينهما حتى لا يحدث تعارض أمام الأزمات الشديدة التي لا مجال للتردد في اتخاذ قرار حاسم بشأنها ، على أن يكون حكم هذه الجنة ملزما للطرفين. وأرجع الشيخ المقدم اقتراحه إلى ما وصفه بـ "التركة الثقيلة" في مصر التي لن يقوى كيان واحد على تحملها، ومن ثم فالمفروض أن يحصل نوع من التعاون على حمل هذه الأعباء، وعدم التعارض بين الإسلاميين، وحتى نتجنب مساوئ العمل بشكل منفرد، خاصة في ظل وجود مناطق احتكاك شديدة بين الإخوان والسلفيين.
وكذلك وجه وزير الشؤون الإسلامية في المملكة العربية السعودية" صالح بن عبد العزيز آل الشيخ" انتقادًا لاذعًا للإخوان يقول فيه "أما جماعة الإخوان المسلمين فإن من أبرز مظاهر الدعوة عندهم التكتم والخفا والتلون والتقرب إلى من يظنون أنه سينفعهم وعدم إظهار حقيقة أمرهم، يعني أنهم نوع من الباطنية . وحقيقة الأمر يخفى، منهم من خالط بعض العلماء والمشايخ زمانا طويلا، وهو لا يعرف حقيقة أمرهم، يظهر كلاما ويبطن غيره، لا يقول كل ما عنده.
ومن مظاهر الجماعة وأصولها أنهم يغلقون عقول أتباعهم عن سماع القول الذي يخالف منهجهم ولهم في هذا الإغلاق طرق شتى متنوعة: منها إشغال وقت الشباب جميعه من صبحه إلى ليله حتى لا يسمع قولا آخر ومنها أنهم يحذرون ممن ينقدهم فإذا رأوا واحدا من الناس يعرف منهجهم وطريقتهم وبدأ في نقدهم ومن تحذير الشباب من الانخراط في الحزبية البغيضة أخذوا يحذرون منه بطرق شتى تارة باتهامه، وتارة بالكذب عليه، وتارة بقذفه في أمور هو منها براء ويعلمون أن ذلك كذب، وتارة يقفون منه على غلط فيشنعون به عليه ويضخمون ذلك حتى يصدوا الناس عن إتباع الحق والهدى وهم في ذلك شبيهون بالمشركين حيث كانوا ينادون على رسول الله في المجامع بأن هذا صابئ وأن هذا فيه كذا وفيه كذا حتى يصدوا الناس عن أتباعه.
أيضا مما يميز الإخوان عن غيرهم أنهم لا يحترمون السنة ولا يحبون أهلها وإن كانوا في الجملة لا يظهرون ذلك، لكنهم في حقيقة الأمر ما يحبون السنة ولا يدعون لأهلها وقد جربنا ذلك في بعض من كان منتميا لهم أو يخالط بعضهم، فتجد أنه لما بدأ يقرأ كتب السنة مثل صحيح البخاري أو الحضور عند بعض المشايخ لقراءة بعض الكتب، حذروه وقالوا هذا لاينفعك، وش ينفعك صحيح البخاري؟ ماذا تنفعك هذه الأحاديث؟ انظر إلى العلماء هؤلاء ما حالهم؟ هل نفعوا المسلمين؟ المسلمون في كذا وكذا، يعني أنهم لا يقرون فيما بينهم تدريس السنة ولا محبة أهلها فضلا عن أصول الأصول ألا وهو الاعتقاد بعامه. من مظاهرهم أيضا أنهم يرومون الوصول إلى السلطة وذلك بأنهم يتخذون من رؤوسهم أدوات يجعلونها تصل، وتارة تكون تلك الرؤوس ثقافية، وتارة تنظيمية، يعني أنهم يبذلون أنفسهم ويعينون بعضهم حتى يصل بطريقة أو بأخرى إلى السلطة، وقد يكون غافلا عن ذلك، يعني إلى سلطة جزئية، حتى ينفذون من خلالها إلى التأثير وهذا يتبع أن يكون هناك تحزباً، يعني يقربون منهم من في الجماعة، ويبعدون من لم يكن في الجماعة فيقال: فلان ينبغي إبعاده، لا يمكن من هذا، لا يمكن من التدريس، لا يمكن من أن يكون في هذا، لماذا؟ والله هذا عليه ملاحظات! ما الملاحظات؟ قال: ليس من الشباب! ليس من الإخوان ونحو ذلك. يعني: صار عندهم حب وبغض في الحزب أو في الجماعة.
وهذا كما جاء في حديث الحارث الأشعري أن النبي قال: "من دعى بدعوى الجاهلية فإنه من جثاء جهنم" قال: وإن صلى وصام؟ قال: "وإن صلى وصام، فادعوا بدعوة الله التي سماكم بها ربكم المسلمين والمؤمنين عباد الله". وهو حديث صحيح، كما جاء في الحديث المعروف أنه عليه الصلاة والسلام قال لمن انتخى بالمهاجرين وللآخر الذي انتخى بالأنصار قال: "أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم!" مع أنها اسمان شرعيان، المهاجر والانصاري، لكن لما كان هناك موالاة ومعاداة عليهما ونصرة في هذين الاسمين، وخرجت النصرة لاسم الإسلام
ولهذا ينبغي للشباب أن ينتبهوا لهذا الأمر بالطريقة الحسنى المثلى حتى يكون هناك اهتداء إلى طريق أهل السنة والجماعة وإلى منهج السلف الصالح كما أمر الله جل وعلا بقوله {ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنه وجادلهم بالتي هي أحسن} بل من مظاهرهم بل مما يميزهم عن غيرهم أن الغاية عندهم من الدعوة هو الوصول إلى الدولة هذا أمر ظاهر بين في منهج الإخوان بل في دعوتهم. الغاية من دعوتهم هو الوصول إلى الدولة أما أن ينجى الناس من عذاب الله جل وعلا وأن تبعث لهم الرحمة بهدايتهم إلى ما ينجيهم من عذاب القبر وعذاب النار وما يدخلهم الجنة، فليس في ذلك عندهم كثير أمر ولا كبير شأن، ولا يهتمون بذلك لأن الغاية عندهم هي إقامة الدولة ولهذا يقولون الكلام في الحكام يجمع الناس فابذلوا ما به تجتمع عليكم القلوب، هذا لاشك أنه خطأ تأصيلي ونية فاسدة، فإن النبي بين أن مسائل القبر ثلاث، يسأل العبد عن ربه وعن دينه وعن نبيه فمن صحب أولئك زمنا طويلا وهو لم يعلم ما ينجيه إذا أدخل في القبر فهل نصح له؟ وهل حب له الخير؟ إنما جعل أولئك ليستفاد منهم للغاية، ولو أحبوا المسلمين حق المحبة لبذلوا النصيحة فيما ينجيهم من عذاب الله. علموهم التوحيد وهو أول مسؤول عنه"
التيار الإسلامي يلوح بعصا الحرب الأهلية .. والجيش بالمرصاد
أكد الدكتور مصطفي كامل, أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة, أن التعاملات الأمنية الآن مع القيادات الإسلامية جاءت بناءً على رؤيته التيار الإسلامي في التعامل مع مؤسسات الدولة فبعد أحداث 30 يونيو، بدأ يتردد على ألسنة مؤيدي الرئيس السابق محمد مرسي، عن عودة منتظرة للممارسات القمعية التي كانت تمارسها الشرطة ضد الإسلاميين وأصحاب اللحى وهذا حدث بالفعل بحجة محاربة الإرهاب المحتمل على حد قول الحكومة الحالية ، في حين يرحب رجل الشارع المصري بعودة جهاز الشرطة للتخلص من الانفلات الأمني والتخلص على بلطجية نظام مبارك الموجودة حتى الآن .
ويضيف "كامل" إن التعامل الأمني مع القيادات الإسلامية السبب فيها التضيق الكامل على الأحزاب التي تنتمي للتيار الإسلامي حتى لا تقدر على أن تخرج في الانتخابات البرلمانية ولا الرئاسية لأنهم بالفعل يمثلوا عائقاً كبيراً أمام الأحزاب المدنية التي تحكم الآن مؤسسات الدولة .
عبد الجواد : الجماعة ترغب في استدعاء المشهد السوري واستدراج الجيش لحرب داخلية
وفي نفس السياق أكد الدكتور جمال عبد الجواد, أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية, أن أمن الدولة بالفعل استخدم السلفيين لضرب الإخوان المسلمين في هذه الفترة لزعزعة استقرار الجماعة الإرهابية وهذا الأمر تم من خلال التنسيق بين قيادات حزب النور وأمن الدولة لإعطاء لهم خريطة أخونه الدولة التي وقعت في يدهم وقت تعاملهم مع الجماعة ورئيسها المعزول محمد مرسي كانت تعتمد عليها الجماعة لكي تقدر على سيطرة على الحكم في مصر من خلال نشر قيادات الجماعة في جميع المحافظات ومؤسسات الدولة .
ويضيف "عبد الجواد" إن التعاملات الأمنية الحالية التي تتم بشكل منظم من قبل رجال الشرطة لتطهير البلاد من البؤر الإرهابية التي قامت بها جماعة الإخوان المسلمون في الفترة الأخيرة وأخرها ما حدث في كرادسة وغيرها ليؤكد للجميع أن تلك الجماعة إرهابية من الدرجة الأولي .
ويؤكد "عبد الجواد" أن الجماعات الإرهابية المثملة في جماعة الإخوان المسلمون الآن ترغب في استدعاء المشهد السوري واستدراج الجيش لحرب داخلية، وإظهار الدولة بمظهر الضعيف، وأن هذه الجماعات الإرهابية شعرت بالخطر بعد أحداث 30 يونيو، مما دفعها إلى استهداف الجيش عن طريق العمليات الإرهابية الداخلية .
يسري قنديل:الممارسات الأمنية مع الجماعات الإسلامية تهدف لتطهير البلاد من البؤر الإجرامية
ومن جانبه أكد اللواء يسري قنديل, الخبير العسكري والاستراتيجي, أن ممارسات الأمن الآن مع الجماعات الإسلامية بغرض تطهير البلاد من البؤر الإجرامية التي انتشرت بعد أحداث 30 من يونيو التي جاءت قاصمة للظهر بسبب تورطها في عمليات إجرامية أخرها أحداث كرداسة والأحداث الآخري التي قامت بها الجماعات الإسلامية من خلال استهداف موكب وزير الداخلية اللواء محمدإبراهيم ووضع العديد من السياسيين والقيادات العسكرية تحت قائمة الاغتيالات السياسية .
ويضيف "قنديل" معلقاً على تجاوزات الأمن مع القيادات الإسلامية لجماعة الإخوان وغيرها أن الصرع الحالي هو الإخوان لأنهم مارسوا العنف ضد قوات الأمن ولم يحترموا قرار الدولة التي خضعت لرغبة الشعب المصري.
صراع الحرية والعدالة والنور .. على تورتة المناصب !
في أعقاب ثورة الـ 25 من يناير وما حققته من انفتاح على الممارسة السياسية، أصبحنا أمام أحزاب سياسية يُفترض أن تكون مختلفة البرامج، ومتنافسة فيما بينها على الأرض، فضلا عن الآراء والمواقف التي تتباين حيال كل حدث، وأمام كل جديد، وعند كل استحقاق سياسي.لكن الإسلاميين يقولون إنه ليس لديهم الاستعداد لأن يتنازلوا عن مبادئهم الدينية، أو أن يتصارعوا من أجل السياسة، خاصة أنهم لا يؤمنون بفكرة المعارضة من أجل المعارضة.
ولذلك زادت الدعوات التي تحث على الوحدة وطرح الخلاف، والنظر إلى مساحة المشترك، وأيضا تلك التي تنادي بممارسة سياسية غير بعيدة عن روح الإسلام ومبادئه. وتبنى عدد من الرموز والقيادات الدعوية فكرة توحيد الجهود، وكان على رأس هؤلاء الشيخ محمد حسان، والشيخ محمد عبد المقصود، والشيخ أحمد النقيب، والدكتور صفوت حجازي، والدكتور محمد يسري إبراهيم، والقياديين عبود وطارق الزمر، والدكتور عبد الرحمن البر، وغيرهم الكثير من كافة ألوان الطيف الإسلامي. وقد تجلت نتيجة لذلك حالة توافقية بين الإسلاميين تجاه الكثير من القضايا والأحداث، كما رأينا إزاء الاستفتاء على التعديلات الدستورية، والحفاظ على المادة الثانية من الدستور، ومعركة هوية مصر الإسلامية، ومليونية الـ 29 من يوليو 2011، والموقف من قضية المبادئ فوق الدستورية، والانتخابات الرئاسية، ووضع الدستور، وغيرها من المواقف الكثيرة.
لكن في الانتخابات البرلمانية الأولى بعد الثورة لم يوفق الإسلاميون في تشكيل تحالف انتخابي واحد يجمع أحزابهم، بعدما اختار "الحرية والعدالة" تشكيل التحالف الديمقراطي مع عدد من القوى والأحزاب غير الإسلامية، وخاض السلفيون الانتخابات من خلال "تحالف من أجل مصر"، وهو التحالف المكون من أحزاب (النور، والأصالة، والبناء والتنمية، والإصلاح). لكن بالرغم من ذلك خرجت تصريحات من الجانبين ترغب في اتفاق بين "الدعوة السلفية"، "وجماعة الإخوان" على التزام الآداب الإسلامية في المنافسة الانتخابية، بحيث يكون تنافسا شريفا، وهو ما صرح به الشيخ ياسر برهامي، قائلا: نحن جميعا يحكمنا شرع الله سبحانه وتعالى، والمفروض أن الأمر بيننا يبنى على قوله صلى الله عليه وسلم: "كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه".
وأضاف: هذا نقوله للإخوة عندنا حتى لو لم يلتزم به الإخوان. ومن جهته، دعا الشيخ محمد حسان مؤيدي "الحرية والعدالة"، و"النور" إلى التآخى لنصرة شريعة الله.
ومن أشد الأزمات التي حدثت بيم حزب النور السلفي وجماعة الإخوان المسلمين الأزمة التي نشبت بين حزب "النور" ومؤسسة الرئاسة على خلفية إقالة الدكتور خالد علم الدين القيادي بالحزب ومستشار الرئيس لشؤون البيئة منتصف فبراير 2013 بمثابة نهاية شبه تفجيرية لفصل آخر من الخلافات بين الإخوان والدعوة السلفية. فلم تكن الإقالة سوى تفجير لفصل جديد من الخلافات بعدما بقيت مكتومة لما يقرب من شهرين.
بدأ هذا الفصل مع المبادرة التي طرحها حزب "النور" كمخرج من أزمة تجييش قوى المعارضة العلمانية وتقديم نخبها غطاء سياسي وإعلامي لموجة العنف التي استشرت في الشارع المصري على أمل إسقاط الرئيس المنتخب.
وقد توافقت المبادرة مع عدد من مطالب "جبهة الإنقاذ" وكانت هي المبادرة الوحيدة التي استجابت لها الجبهة ولاقت ترحيبها حتى ظن البعض أنها مقدمة لتحالف سلفي علماني ضد الإخوان، وذلك في وقت رفضت فيه نخب المعارضة دعوات حزب "الحرية والعدالة" وأيضا مؤسسة الرئاسة للجلوس للحوار, ومن بين عدد من المطالب، دعت مبادرة "النور" إلى تغيير حكومة هشام قنديل وتشكيل حكومة ائتلاف وطني، وأيضا تغيير النائب العام لنزع فتيل أزمة القضاء، كما نصت على الشراكة الحقيقية إذ "لا يمكن لفصيل واحد أن يحكم"وهي نقاط تختلف تماما مع ما تراه الرئاسة وحزب "الحرية والعدالة" لرغبتهما فى أن تستمر حكومة قنديل حتى الانتهاء من انتخابات مجلس الشعب، ولا يرون ضرورة لتغيير النائب العام، ويعتبرون الحديث عن حكم الفصيل الواحد تعريضاً بهم.
أيضا جاءت المبادرة متزامنة مع معركة أخرى بين الطرفين كانت تدور رحاها داخل أروقة مجلس الشورى، بسبب القروض الربوية التي قال "النور" يجب أخذ رأي هيئة كبار العلماء فيها، وما سبقها من خلاف حول وضع المرأة في القوائم الانتخابية، فضلا عن إحساس السلفيين بأن الإخوان هم من تسببوا في تفجير الشارع بسبب رغبتهم في الهيمنة على كافة مفاصل الدولة واستبعادهم القوى السياسية حتى أقرب شركائهم من الإسلاميين.
وأمام هذا الوضع المتأزم بين أكبر فصيلين إسلاميين سعت أطراف إسلامية إلى وقف التصعيد من الجانبين على أمل إصلاح ذات البين. فقالت "الجماعة الإسلامية" في بيان لها: أن استمرار الأزمة "يخدم أعداء المشروع الإسلامي، وأن التيار الإسلامي كله هو الخاسر فى كل هذا وليس حزب "الحرية والعدالة" ولا حزب "النور" فقط". داعية إلى "مصالحة عاجلة" بحل الخلافات عن طريق الحوار, وناشد كذلك الأمين العام لـ"الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح"، الدكتور محمد يسري إبراهيم: "الفضلاء جميعا باﻻمتناع عن التصريحات اﻹعلامية فورا والسعي للقاء مباشر وإجراء المصالحة والمسامحة"، موجها مناشدته "باسم مشايخ وعلماء الهيئة الشرعية".