يومية الرصيف بـ«30 جنيه وعلبة سجاير».. و«نادية»: «الدفع أو الخسارة»
الثالثة فجراً تستيقظ من نومها مسرعة، تهيئ بضاعتها: «جبن قريش، جبن قديم، بيض، كشك، دقيق ذرة، عيش بتاو، فطير، ثوم»، تضعها واحدة تلو الأخرى فى طبق واسع من الألومنيوم، وتتجه صوب باب الغرفة فى انتظار أول «توك توك» يصحبها إلى الرصيف المجاور لمحطة مترو «الملك الصالح»، تضع منضدة خشبية أمامها ترصّ عليها محتويات الأطباق فى تناغم واضح، وقبل أن «تستفتح» بالزبون الأول، يقدم نحوها صاحب الإتاوة اليومية، تخرج من كيسها 30 جنيهاً، وتصحب النقود بـ«علبة سجائر»، ثم تنتظر رزقها.
هبطت «نادية محمد» من محافظة بنى سويف منذ 6 أعوام، بعد أن صارت العائل الوحيد لأسرتها، فترة طويلة قضتها بالشارع وسط صعوبات تواجهها وإهانات تصبر عليها، وحالة من «فرض الدراع»، حسب وصفها، تحاول أن تتجنبها دائماً: «راجل واخد الشارع لحسابه، كل يوم الصبح لازم ياخد منى 30 جنيه، مرة مارضيتش أدفع كان بيبهدلنى ويشتمنى فى الشارع والناس بتتفرج عليّا، وكله علشان لوحدى وغريبة ومش معايا راجل، بيستغلوا إنى ضعيفة». تقول: «لو كان جوزى معايا، أو ولد يحمينى، مكنتش اتبهدلت»، «نادية» هى العائل لأسرتها الصغيرة، رغم وجود زوجها على قيد الحياة، لكنه «لا يقدم ولا يؤخر» حسب قولها، يرفض العمل ويكتفى بنفقات قليلة يقضى بها حاجته اليومية من «أكل أو دخان».
السيدة التى تقطن فى غرفة صغيرة بعزبة «أبوقرن» بأحد أحياء القاهرة، تنعى حالها، لكن «ما باليد حيلة»، تدفع إتاوة الرصيف، وتواصل عملها الشاق، وتعود كل يوم إلى منزلها مجهدة عقب حلول الليل.