راديو

رئيس مجلس الإدارة
منال أيوب

رئيس التحرير
محمد الاصمعي

نسخة تجريبية

يوميات مهاجر في بلاد الجن والملائكة .. الحلقة السادسة الزعيم في أول درس فرنساوي

محمد حسن كامل

سألته موظفة الاستقبال، عن مدى معرفته بالفرنسية فقال لها، ولا كلمة , لأنه كان يعتبر ما تعلمه في المدارس الثانوية لايمت للفرنسية لا من قريب ولا من بعيد, خلطة سرية لايدركها إلا مدرسو اللغة الفرنسية، والتي بالطبع لا يفهمون منها شيء .

استخدم صاحبنا تحريك رقبته بالنفي عن صلته المسبقة بتلك اللغة, لدرجة السؤال عن معرفته بالحروف التي نفى معرفته بها نفياً قاطعاً، قال لها جملة واحدة، أنا في الفرنسية أبيض ناصع البياض .

اختارت له السيدة دورة تعلم بنظام السمعي البصري, الدورة حوالي 3 شهور 3 ساعات يومياً 5 مرات في الأسبوع، وحصل على أول بطاقة مكتوبة بالفرنسية مقابل 12 جنيه عدّاً ونقداً للدورة كلها, كل جنيه ينطح جنيه , الأن تجاوزت الألف .

دخلت سيدة طويلة القامة, شقراء, قصيرة الشعر, نحيفة الجسد , تعلو وجهها ابتسامة , تفحصت وجوه الحضور من كل الأعمار , تلك الوجوه منها من يدرك الفرنسية ومنها من هو بلاطة  مثل صاحبنا, كان بجواره الأستاذ "إبراهيم"، وكان مديراً للمدرسة الفندقية, جاء يتعلم الفرنسية حتى يدرس أصول الفندقة مستقبلاً في فرنسا .

عرفت المدرسة نفسها وقالت، أنا مدام بو عمّار أندرية , وطلبت كل واحد منا تعريف نفسه .

وبدأت في تشغيل فيلم على شاشة عرض في صالة الدراسة، الدرس كان يتحدث عن حوار بين ولد وبنت , تعرضت البنت للوقوع من على الرصيف , الولد جاء ليساعدها على النهوض , وتبدأ حدوتة التعارف وتستمر إلى ماشاء الله حتى الزواج .

كانت الأستاذة أندرية تطلب من جميع الطلبة تكرارالجمل بالفرنسية , وتطلب من صاحبنا الذي يحاول ان يمط شفتيه إلى الأمام ويتراجع بظهره للخلف وتنتفخ عروقه ويأخذ شهيقاً ومع الزفير يُطلق الجملة

التي غالباً ما تكون خطأ في النطق , في هذا الوقت كانت مسرحية مدرسة المشاغبين لها الشهرة والسطوة على المسرح العربي , بل أن صاحبنا كان في تعلمه للفرنسية أشبه بالزعيم عادل إمام , مجرد

أن يدير شفتيه ويدفعهما للأمام , ينفجر الجميع من الضحك دون أن ينبث ببنت كلمة واحدة , أما المدرسة تقف أمامه مثل الصنم دون حراك ولا تتركه إلا بعد أن ينطق نطقاً سليماً فتصفق له ويصفق الجميع

لم نسمع الأستاذة نطقت ولو كلمة واحدة عربية, كان الحديث مع الجميع بالفرنسية , كله كوم وحديثها مع صاحبنا كوم ثاني .

كانت تسأله فيفتح فاه ويقول "الولية ديه بتقول إيه"، طب حد يقول حاجة، هو أنا زعيم أونطة ولا إيه .. وكانت تصرخ فيه بالفرنسية ممنوع الحديث بالعربية .

كانت الدروس بالنظام السمعي البصري إضافة للمعمل, أقصد معمل الصوتيات، لمعرفة كيفية نطق الحروف في بداية الكلمات، وأوساطها وأواخرها .

تذكر صاحبنا كتاب اللغة الفرنسية، بدون معلم والذي أنفق فيه، خمسة قروش على أمل أن يتعلم منه ولو جملة واحدة، كان صاحبنا عنيد، لا يستسلم للهزيمة ببساطة .

مازالت درجات الرخام الابيض تأخذه لحلمه البعيد في رحاب مدينة النور. كان خفيف الظل , حلو المعشر, سرعان ما طارت شهرته للمركز كله، فهل تطير شهرته للتفوق، كان عليه أن يقهر صعوبات تلك اللغة. وفجأة اهتدى لفكرة جُهنمية ساعدته على تعلم الفرنسية .

ماهي تلك الفكرة ؟

هذا ما سوف نعرفه في الحلقة القادمة

Login

Welcome! Login in to your account

Remember me Lost your password?

Don't have account. Register

Lost Password

Register