هل كانت مصر بوابة الشرق الاوسط للصين؟! .. تقرير
تعد العلاقات المصرية الصينية، وحدة من أقدم العلاقات التي ربطت شرق اسيا بالقارة الإفريقية، والمنطقة العربية، ويعود ذلك لموقع مصر الاستراتيجي، وحضارتها العتيقة.
وفي إطار العلاقات التاريخية والقوية بين الصين ومصر، عقدت في جامعة بكين العريقة بالعاصمة الصينية بكين يوم الخميس الماضي ندوة حول التعاون الإستراتيجي بين البلدين حضرها لفيف من الدبلوماسيين السابقين والأكاديميين والإعلاميين من الجانبين الصيني والمصري وكذا طلبة صينيين متخصصين في دراسة العلاقات الدولية.
وعلى هامش الندوة التي انقسمت إلى أربع جلسات تخللتها مناقشات بناءة وتبادل للآراء، تحدث السفير نبيل فهمى وزير الخارجية المصري السابق عن مبادرة الحزام والطريق، قائلا إن طريق الحرير القديم شكل منذ ألفى عام مضت وشاجا يربط بين الشعب الصيني والشعوب العربية ومن بينها مصر، ومن ثم تعد مصر شريك تعاون طبيعيا للصين في هذه المبادرة.
ومن جانبه لفت السيد آن هوي هو، الذي سبق أن عمل سفيرا لدى مصر ولبنان وفلسطين والجزائر، إلى أن مصر ساهمت بكونها أول بلد عربي يقيم علاقات دبلوماسية مع الصين في تدشين عهد جديد للعلاقات بين الصين والدول العربية وبين الصين والدول الإفريقية، مضيفا أنه بعد مرور 61 عاما على إقامة العلاقات الثنائية تسير الصين ومصر جنبا إلى جنب وتثقان في كل منهما الأخرى وتنخرطان في تفاعل ودي رغم التغيرات الكبيرة التي يشهدها العالم، لذا يمكن القول إن علاقاتهما تحمل سمات مميزة وتمثل نموذجا للتعاون بين بلدان الجنوب.
وتحدث السفير الصيني السابق، قائلا إن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي اتخذ منذ توليه رئاسة البلاد خطوات ترمي إلى تحقيق الاستقرار والنهوض بالاقتصاد القومي، ورغم أن مصر تشهد عمليات إرهابية أحيانا لكنها تمكنت بوجه عام من الحفاظ على الاستقرار المجتمعي واستطاعت في غضون عام واحد فقط الانتهاء من مشروع توسعة قناة السويس الذي كان من المخطط إنجازه في ثلاث سنوات وارتفع معدل النمو السنوي للاقتصاد المصري ليتراوح ما بين 4 و5 في المائة.
و"رغم أن مصر مازالت تواجه الكثير من الصعوبات لكن اقتصادها يواصل زخم نموه. ومع انتهاج السيسي لدبلوماسية نشطة، تتمكن مصر من استعادة مكانتها تدريجيا في المنطقة" هكذا ألمح السفير آن هوى هو، مضيفا أن دعوة السيسي إلى تجديد الخطاب الديني لإظهار جوهر الإسلام الحقيقى تعكس جرأة وحكمة رجل سياسي.
وتابع بقوله إن الصين ومصر تبذلان جهودا على طريق التنمية، فالصين تسعى حاليا جاهدة إلى بلوغ الهدفين المئويين بعدما استطاعت تحقيق انجازات ملموسة على مدار أكثر من 30 عاما من الإصلاح والانفتاح فيما تنفذ مصر الآن برنامجا قويا للإصلاح الاقتصادي. وفي ظل الأوضاع الدولية المعقدة، تواصل الصين ومصر سعيهما إلى تحقيق التنمية والرخاء لشعبيهما وتواجهان فرصا وتحديات في آن واحد"،منوها إلى مؤازرة الدولتين لبعضهما البعض في الشؤون الدولية وحفاظهما على تعاون إستراتيجي وإلى كون مصر حلقة هامة لا غنى عنها في مبادرة الحزام والطريق.
وأشار آن هوي هو إلى أن العلاقات متبادلة المنفعة بين الصين ومصر ستزداد اتساعا وعمقا في إطار زيارة الرئيس السيسي للصين في ديسمبر 2014 والتي شهدت الارتقاء بالعلاقات الثنائية إلى شراكة إستراتيجية شاملة وحضوره في عام 2015 الاحتفال الذي أقيم في بكين بمناسبة الذكرى الـ70 للانتصار فى الحرب العالمية الثانية وحرب المقاومة الشعبية الصينية ضد العدوان الياباني، مشيرا إلى أن توجيه الصين الدعوة للسيسي لحضور قمة مجموعة العشرين في مدينة هانغتشو الصينية عكس اهتمامها بمكانة ودور مصر وعلاقات الصداقة وطيدة العرى بين البلدين.
وأكد أن زيارة الرئيس الصيني شي جين بينغ التاريخية لمصر في يناير 2016 وسعت آفاق التعاون بين البلدين ورسم خلالها الرئيس شي عبر خطاب ألقاه من جامعة الدول العربية في القاهرة مسارا للتعاون الصيني العربي يقوم على المساهمة في تحقيق السلام والاستقرار بالمنطقة والتعاون متبادل المنفعة في إطار مبادرة الحزام والطريق ودفع إيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية كما أكد خلال الخطاب أن الصين لا تسعى إلى تنصيب وكلاء في الشرق الأوسط ولا تحاول سد أي فراغ وتدعو جميع الأطراف إلى الانضمام إلى دائرة أصدقاء مبادرة الحزام والطريق وتقوم ببناء شبكة شراكة تعاونية ترتكز على تحقيق نتائج مربحة للجميع.
ومن جانبه، ذكر وانغ شي جيه المبعوث الصيني الخاص الأسبق للشرق الأوسط لدى حديثه عن المبادرة الصينية التي تتفق مع الآمال المشتركة لشعوب قارات آسيا وأوروبا وإفريقيا في تحقيق التعاون والفوز المشترك، ذكر أن مصر تعد محطة مهمة على طريق الحرير حيث تقع عند نقطة التقاء هذه القارات الثلاث، وقد أطلقت بالفعل في إطار المبادرة عدة مشروعات في العديد من مجالات التعاون الصيني- المصري، لافتا إلى أهمية منح شروط تفضيلية لجذب الاستثمارات الصينية وتوفير ضمانات أمنية لها.
وخلال هذه الندوة المثمرة، أكد الدكتور مصطفى السيد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة والجامعة الأمريكية أهمية التعاون الإستراتيجي بين مصر والصين ووجود قواسم مشتركة بين البلدين تمثلت في إقامة علاقات تضرب بجذورها في أعماق التاريخ ووجود العديد من الأهداف المشتركة، وفي السعي المشترك إلى إيجاد حل سلمي للصراعات الإقليمية وإصلاح المؤسسات متعددة الأطراف وتعزيز التنمية الاقتصادية في بلدان الجنوب باعتبار ذلك وسيلة لضمان إحلال السلام والاستقرار.
وتابع قائلا إن مصر تعد شريكا تجاريا هاما للصين وبوابة لها إلى إفريقيا والشرق الأوسط وأوروبا، فيما تعد الصين أكبر بلد مصدر للمنتجات ومستورد هام بالنسبة لمصر وأكبر مستثمر في مشروع تنمية محور قناة السويس حيث تولى الدولتان اهتماما بتوسيع التعاون في المنطقة الاقتصادية الصينية بالعين السخنة وزيادة عدد المشروعات الصينية من 68 في الوقت الحالي إلى أكثر من 100 في المستقبل القريب. ودعا الأستاذ المصري إلى تحسين آليات المتابعة الخاصة بالتعاون الثنائي الذي يشمل العديد من المجالات ومن بينها التجارة الخارجية والبنية التحتية والطاقة والتصنيع والاستثمار والتدريب والتعليم وتكنولوجيا المعلومات.
وثمن الدكتور مصطفى السيد الجهود التي تبذلها الصين في توضيح أن النفع المترتب على مبادرة الحزام والطريق لا يقتصر على الصين وحدها وإنما يمتد إلى الدول الأخرى المشاركة فيها وسوف يثمر عن رفع مستوى تنمية جميع الدول الواقعة بطول الطريق، ملمحا إلى مكانة مصر الهامة في مبادرة الحزام والطريق ومدى محورية دور قناة السويس في ربط آسيا بأوروبا في إطار هذه المبادرة التي ستسهم في دفع النمو والتعاون على نحو سيرسي بدوره أساسا لدعم الأمن في دول الحزام والطريق.