«حرق الأسعار».. خطة أصحاب المشاريع السياحية للربح هذا الموسم
تعد السياحة أحد مصادر الدخل القومي الأساسية في مصر، ولكن الركود في الأسواق السياحية بسبب الظروف الراهنة، دفع اصحاب المشاريع السياسية إلى اتباع سياسة حرق الأسعار، لتحقيق الحد الأدنى من الربح.
لجأ منظمو الرحلات السياحية في مصر إلى ظاهرة ما أسموها "حرق الأسعار"، لعرض برامجهم وجذب السياح الأجانب، في ظل الانحسار الشديد للسياحة الوافدة، وتراجع الإيرادات.
وتراجع إجمالي عدد السياح الوافدين إلى مصر بنسبة 42% خلال العام 2016، إلى 5.4 مليون سائح، مقابل 9.3 مليون سائح في 2015.
وانخفضت إيرادات مصر من السياحة إلى 3.4 مليار دولار في 2016 وهو ما يقل 44.3% مقارنة عن مستواها في 2015، وفق محافظ البنك المركزي المصري طارق عامر.
وبدأت مصر مطلع الشهر الجاري، تطبيق تسهيلات جديدة لدخول مواطني دول المغرب العربي ممن يحملون إقامات خليجية إلى مصر، بتأشيرة فورية دون الحاجة إلى تأشيرات مسبقة وموافقات أمنية، بهدف المساعدة على تنشيط السياحة الوافدة.
وبدأ "حرق الأسعار"، لأول مرة عقب الهجوم الذي وقع في مدينة الأقصر (جنوب البلاد)، عام 1997، بحسب عادل عبد الرازق، منظم رحلات سياحية وعضو الاتحاد المصري للغرف السياحية سابقا.
وفي 17 نوفمبر/تشرين ثاني 1997، وقع هجوم في الدير البحري بمدينة الأقصر (جنوب مصر)، أسفر عن مقتل 58 سائحاً، تسبب في انخفاض الحركة السياحية الوافدة إلى مصر.
وأضاف "عبد الرازق"، في حديثه مع الأناضول: "لجأ منظمو الرحلات السياحية في مصر آنذاك، إلى خفض أسعار البرامج السياحية لجذب السياح، إلى أن استعادت الحركة السياحية عافيتها، وارتفعت الأسعار تدريجيا".
وشهدت مصر وتيرة تفجيرات العام الجاري، وأحداث أمنية أخرى ممثلة بسقوط طائرة مصرية في مياه البحر المتوسط وخطف أخرى خلال وقت سابق من العام الماضي.
وآخر التوترات الأمنية، كان تفجيرين في كنيستين بمدينتي الإسكندرية وطنطا (شمال البلاد)، ما دفع الحكومة لتطبيق حالة الطوارئ في عموم البلاد لمدة 3 أشهر.
وأدى زيادة المعروض من الغرف الفندقية، وقلة الطلب على المقصد السياحي المصري، وغياب الضوابط التسعيرية الموحدة، إلى تنافس منظمي الرحلات في مصر على بيع البرامج السياحية والغرف الفندقية بأسعار زهيدة، بحسب عبد الرازق.
ويبلغ إجمالي الطاقة الفندقية في مصر 225 ألف غرفة، في حين يبلغ إجمالي الغرف الفندقية تحت الإنشاء 240 ألف غرفة.
الوجهة الأرخص
وقال مجدي سليم، وكيل وزارة السياحة المصرية سابقاً، "مصر أصبحت تعد أرخص مقصد سياحي في العالم.. الغرفة الفندقية تباع بأقل من 50 دولاراً في الغردقة (شرق)، و30 دولار للرحلات النيلية".
وأضاف "سليم"، في اتصال هاتفي مع الأناضول، أن "حرق الأسعار أثر بشكل بالغ على المقصد السياحي المصري، ويسير بنا لمنطقة مظلمة، يصعب معها رفع الأسعار السياحية، وإن فعلنا سنفقد نسبة كبيرة من السياحة الوافدة".
ومنتصف أبريل الماضي، انتهت اللجنة من تسعير فنادق القاهرة الكبرى بنحو 110 دولارات مع الإفطار لمستوى 5 نجوم، فيما بلغ الحد الأدنى لأسعار فنادق شرم الشيخ (شمال شرق) والغردقة (شرق)، والأقصر وأسوان (جنوبي البلاد)، نحو 35 دولاراً لمستوى 5 نجوم، شاملة الإقامة والوجبات الثلاث.
وحددت اللجنة، سعر الغرفة بفنادق 4 نجوم 25 دولاراً بجميع المناطق السياحية، و20 دولارا لفنادق 3 نجوم.
ويشيع في مصر، أنظمة التعاقد بين الفنادق ووكلاء السياحة والسفر، بشكل طويل الأمد قد يصل لمدة عام، يحصل الفندق فيها على سعر الغرفة الشاغرة والممتلئة.
ورغم سعي الحكومة المصرية ضبط الأسعار السياحية، إلا أنها لم تطبق للآن، لعدم إحداث خلل بالتعاقدات القائمة بالفعل، وفقاً لمنظمي الرحلات السياحية في مصر.
وقال علي غنيم، منظم رحلات سياحية، وعضو الاتحاد المصري للغرف السياحية، إن خفض الأسعار بنسب كبيرة أثر سلباً على أصحاب الفنادق والمنتجعات.
وأوضح في اتصال هاتفي مع الأناضول، أن أسعار بعض البرامج السياحية تبلغ 650 دولاراً لمدة 8 ليال، شاملة الوجبات ورحلة لأسوان (جنوب) والقاهرة، بينما يبيع آخرون نفس البرنامج بـ 300 دولار.
وتعول مصر على السياحة باعتبارها أحد مصادر العملة الصعبة، إلا أن سلسلة انتكاسات أبرزها سقوط طائرة روسية بالقرب من جزيرة سيناء، في أكتوبر/تشرين الأول 2015، راح ضحيته 224 شخصاً، دفع باتجاه مصاعب أخرى لصناعة السياحة المصرية.
ودفع نقص العملة الأجنبية مصر إلى الاقتراض من مؤسسات دولية أبرزها صندوق النقد والبنك الدوليين، ما أدى إلى ارتفاع الدين الخارجي إلى نحو 67 مليار دولار في نهاية 2016.