«الأقدم والأكبر في الوطن العربي».. كل ما تريد معرفته عن إنطلاق القاهرة للكتاب غدا.. تقرير
على مدار عام استعد الناشرون لانطلاق معرض القاهرة الدولى للكتاب، فى دورته الـ49، من أجل مواجهة ارتفاع أسعار تكاليف صناعة النشر، سواءً من خامات، أو فيما يتعلق بحقوق الملكية الفكرية، وخاصة بعد تحرير صرف جنيه المصرى.
استعدادات دور النشر المصرية لمعرض القاهرة الدولي للكتاب، هذا العام، جاءت متباينة بعض الشيء، فمن يتابع صفحات دور النشر على مواقع التواصل الاجتماعى، يجد أنها أعلنت عن الإصدارات الجديدة التى سيتم عرضها فى الأجنحة للجمهور، فظهرت المؤلفات الجديدة سواءً لكبار الكتاب أو الشباب، وعلى التوازى ظهر الكم الكبير من الإعلانات عن صدور ترجمات جديدة لأعمال تندرج تحت الأدب الكلاسيكي، سبق وأن ترجمات على مدار الأعوام السابقة، وكان اللافت للأمر، هو أن أكثر من دار نشر تعلن عن إعادة ترجمة رواية معينة مع اختلاف المترجم.
ومن هنا، فإن السؤال الذي يفرض نفسه: لماذا تقوم دور النشر المصرية بإعادة طباعة الأعمال المترجمة "القديمة"، وهل للأمر علاقة بأثر تحرير سعر صرف الجنيه؟.
الإجابة، نعم. ولكن مع وجود أكثر من ترجمة لرواية واحدة، فإن الأمر أشبه بما يمكننا أن نطلق عليه غزوة ترجمة الأدب الكلاسيكي، وهل هي محض صدفة أن تتشابه دور النشر مع بعضها البعض في إعادة الطرح.
غزوة ترجمة الأدب الكلاسيكي في معرض القاهرة الدولي للكتاب 2018
"اليوم السابع" رصدت تفاصيل ما أسميناه آنفًا بـ"غزوة ترجمة الأدب الكلاسيكي"، فتبين أن أفكار الناشرين تشابهت، فأغلب دور النشر التي أعلنت عن صدور ترجمات جديدة لروايات كلاسيكية، ذهبوا إلى منبع واحد، وهو سور الأزبكية، وربما يندهش المتابع للشأن الثقافي، وبخاصة ما يحدث كل عام في معرض القاهرة الدولي للكتاب، من معركة بين الناشرين وبائعي الكتب في سور الأزبكية.
ما حدث هو أن بعض الناشرين قاموا بالذهاب إلى سور الأزبكية للبحث عن روايات كلاسيكية مترجمة، ولكن عملية البحث هذه اتسمت بعدة شروط، وهي أن تكون الرواية قد مر على وفاة مؤلفها الأجنبي 50 عامًا، وكذلك المترجم، لتسقط بالطبع حقوق الملكية الفكرية، وفي هذه الحالة، فلن يكلف الناشر نفسه إلا عناء الترجمة الجديدة، إذا أراد، أو تكاليف الطباعة والغلاف فقط.
وفي حالة إذا ما لم يكن قد مر 50 عاما على وفاة المترجم، ففي هذه الحالة لا تتراجع الدار عن تقديم طبعة جديدة، بل تقوم بإصدارها، وتنتظر أن يظهر ورثة المترجم، وفي هذه الحالة يتم التعاقد معه.
وفي حالة إذا ما قامت أكثر من دار نشر بإعادة طباعة ترجمة لم يمر على وفاة مترجمها 50 عامًا، عملاً بمقولة "إن لم أطبع أنا فغيري سيطبع"، وظهر أحد ورثة المترجم، فإن كل دار النشر تقوم بدفع ما قيمته 10%.
الشق الثاني الذي اتجهت إليه بعض دور النشر، تمثل في البحث عن الأعمال أو الروايات التي لا تتوفر على صفحات الانترنت، بهدف تقديم التراث للقارئ، والبحث عن مترجم لها.
كنوز سور الأزبكية أنقذت الناشرين في معرض الكتاب 2018
هذه العملية البحثية في كنوز سور الأزبكية لها مردود يعلمه الناشرون مسبقًا، وأمر آخر اكتشفه البعض، سوف نذكره هنا أيضًا، ولكن المردود الأول، والذي يمثل عميلة الموازنة بين إصدارات دور النشر في معرض القاهرة الدولي للكتاب، هو أن ما وفرته دور النشر في إعادة ترجمة الروايات التي مر عليها 50 عاما، دفعها بعضها لشراء حقوق ملكية فكرية لترجمة روايات جديدة فازت بجوائز أدبية مثل المان بوكر، وغيرها من الكتب التي تصدرت قوائم الأكثر مبيعا في الغرب.
وبالتالي، فإن ما قام الناشر بتوفيره بعدما أنقذته كنوز سور الأزبكية، دفعه باليد الثانية لشراء حقوق ترجمة الكتب الجديدة، وهنا فإن الناشر في هذه الحالة يعمل على الموازنة والتوفيق بين أسعار الكتب التي تمت إعادة طباعتها ومعها الكتب التي تصدر ترجمتها العربية لأول مرة عن داره.
وداخل صندوق كنوز سور الأزبكية، اكتشف الناشرون كنزًا ربما نراه في هذه الدورة من معرض القاهرة الدولي للكتاب، وهو أن معرفتنا بالأدب الروسي جاءت من خلال ترجمات سامي الدروبي، وهو علم من أعلام الترجمة في العالم العربي، وكان ينقل الأدب الروسي عن لغة ثانية، هي اللغة الفرنسية، ولكن ربما قليل من يعلمون أن هناك ترجمات تم نقلها عن اللغة الإنجليزية لمترجمين مصريين في ثلاثينيات وأربعينيات وخمسينيات القرن الماضي، أما سامي الدروبي، فظهرت ترجماته نقلاً عن الفرنسية بعدهم.
هذه الترجمات، ربما تصدرها دور النشر التي عثرت عليها في هذه الدورة من معرض القاهرة الدولي للكتاب، وربما تدخرها لأوقات أخرى.