شكري يطالب بضرورة إيجاد بدائل تساهم بحل أزمة «الأونروا» المالية
بدأت أعمال المؤتمر الوزاري الاستثنائي، اليوم الخميس، في مقر منظمة الأغذية والزراعة «الفاو»، في العاصمة الإيطالية روما، بمشاركة وزير الخارجية سامح شكري.
ويحمل المؤتمر الوزاري الاستثنائي عنوان: الحفاظ على الكرامة، وتقاسم المسؤولية، وحشد العمل الجماعي، من أجل دعم «الأونروا»، بمشاركة سكرتير الأمم المتحدة انطونيو غوتيرش، ومفوضة الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني، ورئيس الوزراء الحمد الله، وأمين عام الجامعة العربية أحمد أبو الغيط، والسفير الفلسطيني لدى الأمم المتحدة رياض منصور، والعديد من وزراء خارجية دول، وممثلي أكثر من تسعين دولة.
في كلمته، طالب وزير الخارجية المصري شكري بضرورة العمل على إيجاد بدائل خلاقة تساهم في تسوية الأزمة المالية الراهنة التي تعاني منها «الأونروا»، وتحييد المصالح السياسية الضيقة، مؤكدا أن المساس بالوكالة سيفتح الباب أمام موجة غير عادية من عدم الاستقرار، الذي ستمتد آثاره السلبية إلى مختلف بقاع العالم.
وأضاف شكري إن الأزمة المالية التي تواجهها «الأونروا» حاليا تُمثل تهديدا مباشرا لقدرتها على الوفاء بالخدمات الأساسية: كالتعليم، والصحة، والتي يستفيد منها ما يزيد عن 5 ملايين لاجئ فلسطيني.
وبهذا الصدد، بين خطورة الأزمة التي قد تتفاقم ما لم تتكاتف جهود المجتمع الدولي لإيجاد حل سريع لها، خاصة أن ما تقوم به الوكالة هو عمل إنساني محض، لا يجب تحت أي ظرف من الظروف تسييسه، لما في ذلك من تهديد خطير لحياة ومستقبل ملايين من البشر الذين يواجهون من الأساس أوضاعاً إنسانية صعبة امتدت لتشمل أجيال متعاقبة.
وأكد ضرورة العمل جميعا للتخفيف من معاناتهم، وللحد من التداعيات السلبية من وراء ذلك على الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، موضحا أن عددا من الدول المانحة ضربت نموذجاً نبيلاً عبر مبادرتها بتقديم مساهمات مالية إضافية إلى «الاونروا»، خـلال هذه المرحلة شديدة الحساسية، كما سارعت دول أخرى بتحويل مساهمتها السنوية لموازنة الوكالة بشكل مبكر وعاجل، وهو ما يُعد مثالاً طيباً على اهتمام مجتمع المانحين بتلك القضية.
ودعا كافة المانحين الدوليين إلى تقديم إسهامات مالية جديدة تمكن الوكالة من الاستمرار في عملها الإنساني الهام، بما يحافظ على استقرار الشرق الأوسط والعالم.
كما أعرب عن تقديره للولايات المتحدة الأميركية على إسهاماتها المالية بموازنة الوكالة على مدار عقود طويلة متتالية، قائلا: أدعوها باستمرار إلى الاضطلاع بمسئولياتها الإنسانية والأخلاقية إزاء اللاجئين الفلسطينيين بما يتوافق مع مسؤولياتها الدولية كقوة عظمى، وكصاحبة دور أساسي في عملية السلام.
وقال: نتطلع بشغف إلى اليوم الذي تنتفي الحاجة لدور وكالة الغوث وولاياتها عندما يتحقق السلام بمنطقة الشرق الأوسط ويتم التوصل لحل عادل وشامل للقضية الفلسطينية وفق حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وإنهاء الاحتلال والمُعاناة اللذين يرزح تحتهما الشعب الفلسطيني منذ أكثر من سبعة عقود، من خلال المفاوضات بين الطرفين.
وأكد «إن مصر مستمرة في الاضطلاع بواجبها إزاء القضية الفلسطينية، حيث تعمل حالياً بجهد متواصل لتحقيق المصالحة الوطنية الفلسطينية لتوحيد الأرض الفلسطينية تحت سلطة واحدة، قادرة على تحقيق آمال الشعب الفلسطيني، في إقامة دولته المستقلة، والوفاء بمسئولياتها في توفير الخدمات له، وحماية مصالحه».
وأشار إلى أنه على يقين من قدرة صوت العقل الراجح والضمير الإنساني على تحريك إرادة المجتمع الدولي باتجاه تفعيل مرجعيات الشرعية الدولية، وصون العدالة لأولئك الذين يتعرضون لضغوط اجتماعية، وحياتية، مثل: اللاجئين الفلسطينيين.
وأعرب شكري عن شكره للدول التي حضرت المؤتمر، موجها لهم الدعوة الى تحمل المسئولية في لحظة فارقة إزاء قضية إنسانية في المقام الأول، وتحييد المصالح السياسية الضيقة، والعمل على إيجاد بدائل خلاقة تساهم في تسوية الأزمة المالية الراهنة للوكالة، ومن بين ذلك تفعيل توصيات سكرتير عام الأمم المتحدة التي تهدف إلى إيجاد تمويل مستدام لميزانية الوكالة عبر شراكات ثنائية متعددة الأطراف، وتشجيع سكرتارية الوكالة على الاستمرار في طريق ترشيد الإنفاق وتطوير الأداء.
كما عبر عن شكره لإيطاليا على التسهيلات التي قدمتها لعقد هذا المؤتمر، ولمنظمة «الفاو» على سرعة استجابتها، وتوفير المكان الملائم لعقد مثل هذا المؤتمر الهام، ولكافة الدول المشاركة على سرعة استجابتها وحضورها لهذا المؤتمر الهام، الأمر الذي يعكس الاهتمام الكبير بالقضية الفلسطينية، واستقرار منطقة الشرق الأوسط، والدور الكبير الذي تقوم به «الاونروا» على استمرارها في القيام بمهامها، وأداء واجباتها في خدمة مجتمع اللاجئين، في ظل أجواء سياسية ومصاعب مالية لم تتعرض لها الوكالة من قبل، الأمر الذى يستلزم تحركاً سريعاً من المجتمع الدولي لإعادة التأكيد على الولاية الممنوحة لها من الجمعية العامة للأمم المتحدة، وهي الولاية التي تم تجديدها في 31 كانون الأول 2016 لمدة ثلاث سنوات.
أبو الغيط: محاولات تصفية قضية «الأونروا» أو سحبها من الطاولة لن يكتب لها النجاح
بدوره، أكد أبو الغيط، أن تقليص موازنة وكالة غوث وتشغيل اللاجئين «الاونروا» يرسل إلى الفلسطينيين رسالة بالغة الخطورة مؤداها «أن العالم ليس معهم، ولا تهمه مأساتهم، ولا تعنيه معيشتهم، ولا يعبأ بمستقبلهم».
وأضاف في كلمته، ان «الأونروا» ليست وكالة لتقديم الخدمات الإنسانية، أو جمعية للإحسان، ولكن هي تعبر في الأساس عن التزام سياسي من جانب المجتمع الدولي منصوص عليه في قرارات أممية إزاء مأساة اللاجئين الفلسطينيين، التي لم يستطع الحيلولة دون وقوعها منذ سبعين عاما، ثم فشل في علاجها طوال هذه العقود الممتدة.
وأشار إلى أن وكالة الغوث تعكس هذه المسؤولية الدولية المشتركة إزاء مصير شعب جرى تشريده، وما زال أبناؤه يعيشون على حلم العودة إلى الوطن يوما، مؤكدا أن ما تحتاج إليه هذه الوكالة الدولية هو آلية جادة ومستقرة توفر تمويلا مستمرا وثابتا ويُمكن التنبؤ به، مشددا على أن هذه الالية يجب أن تتناسب مع التمويل وحجم عمليات «الأونروا»، والزيادة الطبيعية في أعداد اللاجئين، مشددا على أن من الواجب علينا جميعا أن نجنب الأونروا التعرض لأزمات متكررة كتلك التي واجهتها في الفترة الأخيرة، وبحيث لا تعيش هذه الوكالة دائما على «الحافة المالية»، شهرا بعد شهر، وعاما بعد عام.
وقال: إن قضية اللاجئين الفلسطينيين ليست مأساة إنسانية فحسب، إنما هي قضية سياسية في المقام الأول، مضيفا ان ملف اللاجئين، كما يعرف الجميع ويقر، هو أحد قضايا الحل النهائي. وأوضح أن محاولات تصفية هذه القضية الأساسية، أو شطب ذلك الملف وسحبه من طاولة التفاوض، عبر تقليص دور «الأونروا» أو المساس بولايتها، أو دمجها بالمفوضية السامية لشؤون اللاجئين مكشوفة، ومرفوضة، ولن يُكتب لها النجاح، ولن تؤدي سوى إلى مزيد من التشبث من جانب الفلسطينيين والعرب بحق اللاجئين في حل عادل لقضيتهم، بعد كل المُعاناة التي تعرضوا لها.
وعبر الأمين العام عن شكره الى المملكة الأردنية الهاشمة، ومملكة السويد، وجمهورية مصر العربية، على تبنيهم الدعوة إلى هذا الاجتماع الهام، والشكر موصول للجمهورية الإيطالية على استضافة الحدث واحتضانه.