لصوص برتبة أولياء.. !!
بقلم :صلاح هاشم
فى نهايات حكم الإخوان عقد المثقفون والبسطاء مقارنة بين نظام مبارك المخلوع ونظام الاخوان .وخرجت من هذه المناقشات بأن هناك ثلاثة أنظمة للحكم ليس فى مصر وحدها بل فى معظم الدول العربية. وأن نظرية الحكم والادارة واحده مهما تغيرت الأنظمة أو سقطت فإنها تنهل من معون واحد؛ يحول بمقتضاه الدولة إلى عزبة يملكها الرئيس وحاشيته. وأول هذه الأنماط هو "اللص الغبي" ووفق لهذا النمط ينهل الرئيس وحاشيته من كرسي السلطة حتى السُكر. ولا يعترف بعامل الزمن، ولا يقدر رادة الشعب فى التغيير، وتسيطر عليه الرغبة فى البقاء بالحكم، ولا يمتلك هذا النظام سوى خططا هزيلة، لا ترقى لطموحات الشعب الكبيرة فى التغيير. وهنا يتجه هذا النظام إلى توفير الموارد المالية بأي طريقة، تارة بفرض مزيد من الضرائب، وأخرى بالاتجاه إلى بيع أراضى الدولة وبعض مرافقها الأساسية. ويتمثل غباء هذا النمط فى الاستهانة بقدرة الشعب على الثورة، وتفسير استكانة الشعب بأنها ضعف..ولعل هذا النمط الغبي يحاكى بقوة سياسات نظام مبارك وما آلت إليه.
أما النمط الثاني فهو نمط " اللص المحترف " ويتمثل فى النظام الذى يمتلك كفاءات إدارية عالية، تؤهله لإحداث نهضة تنموية كبيرة، يشعر بها كل أفراد الشعب، وتتلخص لصوصيتهم فى "العمولات" و"السمسرة" التى يحصلون عليها بشكل غير شرعي من ناتج "ريع" التنمية، دون "الاقتراب" من الأصول الثابتة للدول سواء بالبيع أو الإيجار؛ الأمر الذى يدفع الشعب إلى الالتفاف حول هذا النمط الذى يسعى إلى تنفيذ وإنجاح مزيداً من المشروعات؛ ليضمن لهم حصد المزيد من الارباح والعمولات التى يعتقدون فى مشروعيتها. وهنا ووفقا لهذين النمطين تصبح الشعوب مجبورة على الاختيار بين نظامين أحدهما لص محترف" ينتج ويسرق" والأخر لص أمين و"غير منتج" ويظل الشعب دائما حائراً يبحث عن "الأمين المنتج" باعتباره نموذجاً مثالياً للنظام الوطنى الرشيد. ويقترب هذا النمط كثيرا من الحكم الناصرى، حيث سيطرة العسكر بمشروع وطنى.
وعلى الجانب الأخر يظهر النمط الثالث "اللص الأحمق" الذى يفتقر رجاله إلى الكفاءة والمشروع الوطني، وربما تكون قدرات النظام ومشروعه أقل بكثير من حجم الدولة التى يحكمها وطموح الشعب. ولا يهتم افراده بالسرقة قدر اهتمامهم بالتمكين من السلطة. ونظراً لعد امتلاكهم القدرة والمشروع ؛ليس أمامهم لكسب ثقة الشعب إلا ملاً الخزانة بالأموال والتي لا تأتى غالبا من عوائد التنمية، ولكن من خلال عرض الأصول الثابتة للدولة للبيع أو الايجار. ويعبر هذا النمط بقوة عن نظام الإخوان الذى تعامل مع مصر كمستأجر لشقة مفروشة وليس كمالك حسب النمط الأول والثاني، حيث لا يهتم المستأجر بتطوير المكان قدر اهتمامه بكيفية استنزافه والبقاء فيه أطول مدة ممكنة وإن تهالكت مرافقه.. وإذا كان مبارك قد سرق الأرض فالإخوان كانوا يسرقون التاريخ، وإذا كان نظام مبارك أعمى البصر.. فإن نظام مرسى كان أعمى البصيرة .. غبى كل من استهان بقدرة الشعوب على التغيير.. وأحمق كل من تصور خداعهم طول الوقت وكأنهم عُصَاة وهم أولياء..!