أداها الرسول مرة واحدة في حياته.. عبادة تزيد رزقك وتغفر ذنوبك وتدخلك الجنة
ورد حديث صحيح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنّ الحجّ والعمرة من أسباب الرّزق الحلال السعة فيه وتكير الذنوب دخول الجنة، فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «تَابِعُوا بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، فَإِنَّهُمَا يَنْفِيَانِ الْفَقْرَ وَالذُّنُوبَ، كَمَا يَنْفِي الْكِيرُ خَبَثَ الْحَدِيدِ وَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَلَيْسَ لِلْحَجَّةِ الْمَبْرُورَةِ ثَوَابٌ إِلَّا الْجَنَّةُ» (رواه التّرمذي، وابن خزيمة وابن حبّان في "صحيحيهما).
ويقول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: «تَابِعُوا بَيْنَ الحَجِّ وَالعُمْرَةِ»: أي قاربوا بينهما إمّا بالتمتّع، أو بفعل أحدهما إثر الآخر، ثم يبيّن ثمرة ذلك فيقول: «فَإِنَّهُما يَنْفِيَانِ الفَقْرَ وَالذُّنوُبَ كَمَا يَنْفِي الكِيرُ خَبَثَ الحَدِيدِ وَالذَّهَبِ وَالفِضَّةِ»: أي أن الحجّ والاعتمار يزيلان الفقر، إمّا حقيقةً وذلك بالغِنَى الّذي يحصُل بسببهما، وإمّا حُكْمًا بأن يبارك الله تعالى في رزق العبد، أو يرزقه غِنى النّفس والقناعة، فيعيش في الظّاهر عيش الفقراء، وفي الباطن يستمتع استمتاع الأغنياء.
وأما نفي الذنوب فمعناه مَحوُهَا جمِيعًا وإزالتها، صغائرها وكبائرها، كما قال في الحديث الآخر: «عَادَ كَيَوْم وَلَدَتْهُ أُمُّه»، ويؤيّد ذلك قوله بعد ذلك: «كَمَا يَنْفِي الكِيرُ» وهو ما ينفخ فيه الحدّاد لإشعال النّار، وما يفعل ذلك إلاّ لتصفية صحيح المعادن من زائفها، فكذلك الحجّ والعمرة، يصفّيان العبدَ من الخطايا والذّنوب، ويهذّبان نفسه من المثالب والعيوب، و(«خَبَثَ الحَدِيدِ وَالذَّهَبِ وَالفِضَّةِ»: هو وسخها، أي ما تلقيه النّار من وسخ الفضّة والنّحاس وغيرهما إذا أُذيبا، وبذلك يصير الذّهب خالصًا، والفضّة خالصة، والحديد خالصًا، كذلك العبد يعود من حجّه وعمرته خالصًا من كلّ آفة.
ويختم بأجمل بشارة يتمنّاها كل مؤمن: «وَلَيْسَ لِلْحَجَّةِ الْمَبْرُورَةِ ثَوَابٌ إِلَّا الْجَنَّةُ»: العمل «المبرور» هو الذي لا يخالطه إثم، مأخوذ من البر، وهو الطاعة، وقيل: هو المقبول، ومن علامة القبول أن يرجع خيرًا مما كان، ولا يعاود المعاصي. وقيل: هو الذي لا رياء فيه. وقيل: الذي لا يتعقبه معصية، والمعنى أنه لا يقتصر لصاحبه من الجزاء على تكفير بعض ذنوبه، بل لا بد أن يدخل الجنة.
ومن المعلوم أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- لم يحج بعد هجرته إلا حجة واحدة وهي حجة الوداع، بعدما فرض الحج، واعتمر -عليه الصلاة والسلام- 4 مرات.