(العزل يغاير طبيعة الإنسان)
بقلم محمد رضا
الحمد لله الذى أثنى عليه الكثير، وهو عن حمدى وثنائى غنى لا فقير، والصلاة والسلام على خير من وطأت قدماه الأرض، وخير من يسكن السماء، سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم الذي تركنا على المحجة البيضاء.
وبعد:
فالإنسان مدني بطبعه، لا يستطيع أن يعيش منفردا ومنعزلا عن بقية جنسه، فلابد من الإختلاط بين أقرانه وفى ذلك يقول الحق تبارك وتعالى(يأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير)
وكل إنسان يحتاج ما فى يد صاحبه، وصاحبه لا يبذله بغير عوض وسؤال، ولا يتأتي ذلك إلا من التلاقي والإجتماع، ناهيك عن أن حاجيات الناس متصلة بأعمال الأخرين، فالغني فى حاجة إلى فقر الفقير ليقبل الأخير أن يخدمه، والفقير فى حاجة لغنى الغني ليحصل على رزقه وقوت يومه
وينتج عن هذا أن الناس فى حاجة مستمرة لأن يكونوا متعاونين ومجتمعين، وهذا ماجبلت عليه النفس البشرية، فالعزلة تخالف طبيعة الإنسان، فبالإجتماع تتقدم الأمم، وبالإتحاد تتطور البلاد
لكن مانشهده الآن من ظروف وأحوال أفقدت الحليم رشده، وبدلت الأحوال، وعلمنا مقدار النعم التى كنا فيه ولم نلحظ وجودها إلا حينما أوشكت أن تسلب منا، هذه الظروف التى تمر ببلادنا العربية بل والعالم أجمع، تقتضي أن نجاهد أنفسنا ونقاوم تلك الطبيعة التى جبلنا عليها، وننعزل حتى تعود لنا حياتنا طبيعية غير فاقدين ولا مفقودين
ونظرا لأن العزل يغاير طبيعة الإنسان كما هو مبين فى عنوان هذا المقال، فإن الأمر لن يكون سهلا ويسيرا، بل يحتاج إلى صبر وعزيمة ووعى، وإدراك لمخاطر الأمور، وخطر التجمع
ولقد كان للشريعة الإسلامية السبق فى إدراك ما نحن بصدده حيث قال الصادق المصدوق صلي الله عليه وسلم (ليس من أحد يقع الطاعون فيمكث فى بلده صابرا محتسبا، يعلم أنه لا يصيبه إلا ماكتب الله له، إلا كان له مثل أجر شهيد)
وأدركت التشريعات الوضعية بعد ذلك أهمية هذا الأمر من الناحية الصحية فقررت القوانين الغرامات والعقوبات التى تقع على من يخالف هذا الأمر، وأن السلامة الصحية فى العزل فترة المرض وانتشاره، ولا تحبذ الشريعة ولا القانون التعامل مع الأمر بالاستهتار والتسيب
فيجب على الجميع الإلتزام قدر الإمكان، ومجاهدة النفس، والصبر على هذا البلاء، كي نخرج منه سالمين لا فاقدين ولا مفقودين، بل مأجورين على الصبر والإحتساب، فهو والله داء عضال ومرض قتّال، فإنك إن أصبت وتمكن المرض منك واستحكم، عز على الأطباء دواؤه، وأعى العليل داؤه، فنسأل الله السلامة
وفى الختام نسأل الله عزوجل أن يرفع عنا هذا البلاء، إنه أكرم مسئول وهو نعم المولى ونعم النصير