اللجان كانت خاوية.. فوز «إبراهيم رئيسي» برئاسة إيران والمُتشدد مُقيد بـ«عقوبات أمريكية»
يعتبر إبراهيم رئيسي من أبرز المرشحين للفوز بالانتخابات الرئاسية الإيرانية التي ستنظم في 18 يونيو/حزيران المقبل. ويعد رجل الدين المحافظ (60 عاما) من بين المقربين من المرشد الأعلى للثورة الإيرانية علي خامنئي، الذي عينه مرات عديدة على رأس مناصب حساسة، أهمها رئيس السلطة القضائية للجمهورية الإسلامية.
ازدادت حظوظ المرشح إبراهيم رئيسي بالفوزبالانتخابات الرئاسية الإيرانية بعدما رفض مجلس قادة الثورة الإيرانية ملفات ترشح عدد من الشخصيات السياسية الإيرانية. فيما وصفته الصحافة الإصلاحية الإيرانية بـ"المرشح الذي لا يملك أي منازع".
وينتمي إبراهيم رئيسي إلى تيار المحافظين. وسيتسابق مع ستة مرشحين آخرين، خمسة منهم محافظون مثله، كلهم تحصلوا على الضوء الأخضر من قبل لجنة مراقبة الانتخابات للمشاركة في الاستحقاق الرئاسي الذي سينظم في 18 من الشهر المقبل.
وسبق لإبراهيم رئيسي أن ترشح في 2017 ضد حسن روحاني. لكنه لم يفز بالانتخابات واكتفى بالحصول على 38 بالمئة من الأصوات. لكن هذه المرة يبدو أنه يمتلك حظوظا أكبر للوصول إلى سدة الحكم.
يعتبر إبراهيم رئيسي من بين المقربين إلى المرشد الأعلى للثورة الإيرانية علي خامنئي باعتباره كان أحد طلابه في إحدى المدارس الدينية بمدينة مشهد حيث ينحدر.
وبالرغم من ارتدائه عمامة سوداء، إلا أنه لا ينتمي إلى صف "آية الله" بل إلى "حجة الإسلام" وهي درجة دينية سفلى في هرم الإسلام الشيعي.
رئيس يشغل مناصب حساسة في النظام الإيراني
يحظى إبراهيم رئيسي بثقة قائد الثورة الإيرانية، وينحدر مثله من مدينة مشهد الدينية التي تقع شمال شرق إيران.
تم تعيينه من قبل خامنئي في 2016 على رأس المؤسسة الخيرية "أستان قدس رضوي" التي تتكلف بتسيير شؤون ضريح الإمام رضا (ثامن خليفة الرسول محمد حسب المذهب الشيعي) الذي يقع في نفس المدينة.
يعتبر ضريح الإمام رضا من بين أبرز مواقع الحج بالنسبة للمسلمين الشيعة ويجتذب الكثير من الأموال لهذه المؤسسة الخيرية التي تقوم بعد ذلك باستثمارها. كما تمتلك المؤسسة عقارات عديدة وأراضي زراعية وشركات في مجالات مختلفة، كالبناء والسياحة وصناعة المواد الاستهلاكية. بعبارة أخرى توصف هذه المؤسسة بالدولة داخل الدولة الإيرانية.
ترأس إبراهيم رئيسي مؤسسة "أستان قدس رضوي" لمدة ثلاث سنوات. الأمر الذي منحه قوة سياسية كبيرة ونفوذ في شتى المجالات، لأن من يترأس مثل هذه الجمعية الخيرية الغنية يعني أنه يقوم بتسيير "إمبراطورية" اقتصادية. لكن بعد ثلاث سنوات من العمل، عينه القائد الأعلى للثورة الإسلامية رئيسا للسلطة القضائية الإيرانية في مارس/أذار 2019 وهو منصب حساس وكلفه بـ"مكافحة الفساد".
وغداة تعيينه في هذا المنصب، شرع إبراهيم رئيسي في محاكمة مسؤولين إيرانيين كبار وقضاة بتهمة الفساد.
فيما استغل المحاكمات القضائية لإبعاد بعض المرشحين الذين كانوا من الممكن أن ينافسونه بقوة في الانتخابات الرئاسية، على غرار المسؤول السابق على السلطة القضائية صادق لاريجاني، وهو أخ علي لاريجاني الذي رفض مجلس قيادة الثورة الإيرانية ملف ترشحه لاحتمال تورط أحد أقاربه في قضية فساد.
هذا، وجعل إبراهيم رئيسي محاربة الفساد قضيته الأساسية وأحد شعارات حملته الانتخابية. أكثر من ذلك، فلقد قدم نفسه على أنه "عدو الفساد والأرستقراطية وعدم الكفاءة". كما وعد في حال انتخب رئيسا لإيران بمكافحة "الفقر".
رمز مناهض للغرب
ليس من المتوقع أن يفتح إبراهيم رئيسي اقتصاد إيران للشركات الأجنبية في حال أصبح رئيسا لهذا البلد.
بالعكس فهو معروف بدفاعه على نمط اقتصادي مؤسساتي تسيره الدولة حسب المحلل الاقتصادي والمختص في الشؤون الإيرانية تييري كوفيل.
وأضاف "في حال فاز رئيسي بالانتخابات، فسيواصل في الاستثمار في البنية التحتية لإيران، وفي مجالات أخرى، كالمياه والكهرباء والصحة، وهي مجالات تسيطر عليها المؤسسات الخيرية وكيانات تابعة للحرس الثوري الإيراني".
ويعتقد باحثون أن الاستثمارات التي يقوم بها متعاملون شبه حكوميون (المؤسسات الخيرية، الحرس الثوري، جمعيات …) تمثل أكثر من 50 بالمئة من الاقتصاد الإيراني. وغالبا ما يلف هذه الاستثمارات الغموض وانعدام الشفافية في التسيير.
وحول الاتفاق النووي الإيراني الذي هو حاليا موضوع المحادثات بين طهران والدول الغربية، يتوقع ألا يعارض إبراهيم رئيسي القرارات التي سيتم اتخاذها في هذا الصدد، حسب تييري كوفيل الذي أكد "بأن القرار النهائي يعود دائما للقائد الأعلى للثورة الإسلامية الذي يقوم بتوجيه المحادثات كما يشاء".
متدين "محافظ "
وبخصوص انفتاح المجتمع الإيراني على ثقافة الغرب، فهناك مخاوف من أن يعارض إبراهيم رئيسي تلك الخطوة في حال أصبح رئيسا لإيران. فهو معروف بفكره "المحافظ". ومن بين الأدلة على ذلك منعه في 2016 لحفل فني من نوع "البوب" في مدينة مشهد الدينية بينما سمح بتنظيم نفس الحفل في مدن إيرانية كبرى أخرى.
هذا، ولا يحظى إبراهيم رئيسي بسمعة طيبة من قبل الجمعيات المدافعة عن حقوق الإنسان، خاصة تلك التي تمثل الجالية الإيرانية في الخارج، بل اسمه يذكر بـ"الساعات المظلمة" التي مرت بها إيران عندما كان مسؤول السلطة القضائية للبلاد.
كما احتل منصب مساعد وكيل الجمهورية للمحكمة الثورية الإيرانية في طهران خلال الثمانينيات إذ شارك في العديد من المحاكمات تم بموجبها سجن وقتل معارضين سياسيين للنظام.
خليف محتمل للقائد الأعلى
يرى بعض الإيرانيين في إبراهيم رئيسي أيضا الخليفة المحتمل للمرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية علي خامنئي، الذي يعاني من المرض منذ عدة سنين.
واحتلاله حاليا منصب نائب رئيس "مجلس الخبراء" الإيراني، الذي يملك الصلاحية الكاملة في تعيين خلف للمرشد الأعلى في حال توفي هذا الأخير، يمنحه حظوظ أكبر للوصول إلى ذلك.
وجدير بالذكر أن علي خامنئي كان رئيسا لإيران قبل أن يعين في 1989 مرشدا أعلى للثورة الإسلامية بعد وفاة الإمام الخميني.
وفي حال فاز رئيسي بالانتخابات الرئاسية، فهذا قد يعزز حظوظه لتولي منصب المرشد الأعلى للجمهورية الإيرانية في حال وفاة علي خامنئي.